Al Jazirah NewsPaper Wednesday  24/01/2007 G Issue 12536
رأي الجزيرة
الاربعاء 05 محرم 1428   العدد  12536
تشويه الوجه الحضاري للبنان

نفَّذت المعارضة اللبنانية وعيدها بتنفيذ إضراب يشلّ حركة لبنان ويقيد حياته المدنية ليضيف أعباء معيشية واقتصادية جديدة على اقتصاد اللبنانيين الذي يحاول مؤتمر (باريس 3) إنعاشه وترميم ما لحق به من أضرار؛ مما يعني أن هذا التحرك الدولي لدعم الاقتصاد اللبناني سيجد نفسه أمام معوقات وعراقيل أسياد تأجيج الشوارع وثقافة هتاف المظاهرات التي سوف تفرز في آخر المطاف وطناً منهكاً مرتبكاً تثقل كاهله حسابات اقتسام الغنائم ومعادلات إرضاء صنَّاع القرار المجاورين الذين أصبحت حيازة الثقة لديهم من بعض الأطراف اللبنانية أهم بكثير من قضية فقد لبنان الأم لثقة المجتمع الدولي والاقتصادي منه بخاصة كبلد يهيِّئه الاستقرار السياسي للدعم الاقتصادي ثم الاستثمار التجاري.

دعوة المعارضة اللبنانية التي يسيطر عليها حزب الله للإضراب الشامل في ظلّ احتقان حاد بين أقطاب الساحة السياسية في لبنان وفي سياق (باريس 3) لن يكون لها من نتيجة سوى تشويه الوجه الحضاري للبنان الذي ظل وقتاً طويلاً من الزمان مثالاً للعيش السلمي والتآلف الطائفي بين أبنائه بعد أن تعافى من حربه الأهلية السابقة التي تسعى بعض الأطراف اللبنانية إلى اللعب بنار عودتها من خلال اتباع سياسة تعبئة الشوارع وتجييش الأنصار وتسخيرهم لخدمة وجني أرباح سياسية المحاور التي منذ أن جُرّ إليها لبنان تحت ضغط ظروف دولية معينة لم يجنِ إلا مزيداً من الفرقة والتمزق الاجتماعي واستغلال أراضيه لتصفية الحسابات الدولية، وذلك ما يحدث وللأسف بأيدٍ لبنانية صرفة، منها من آمن بأن الغاية السياسية تبرر استخدام الوسيلة الوطنية، ومنها من اقتنع وحاول أن يقنع الآخرين بأن احتكار المقاومة قد يعني احتكار الوطن.

إن المخرج الوحيد الذي ينتظره اللبنانيون من مأزق وطنهم الحالي يتمثل في الابتعاد عن تسييس الشارع وجرّه إلى مقصلة الأحداث الذي إن استمر انتشاره بها تحت أسماء الإضراب والاعتصام وإسقاط الحكومة فلن يكون له من نتيجة إلا انقسام هذا الشارع على نفسه طائفياً ليخرج مارد الفوضى من قمقمه وتعود طاحونة الطوائف تطحن نفسها من جديد.

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS

تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد