Al Jazirah NewsPaper Wednesday  24/01/2007 G Issue 12536
الاقتصادية
الاربعاء 05 محرم 1428   العدد  12536
وفقاً لدراسة أعدتها جامعة الملك عبد العزيز حدّدت أسباب الفشل وخطوات النجاح
سوق الأسهم يعاني من فراغ مؤسساتي وغير مواكب للتطورات الاقتصادية للدولة

* جدة - عبد الله القشيري:

أكدت دراسة صدرت حديثاً أن وضع سوق الأسهم في السعودية لا يتناسب مع قوة الاقتصاد السعودي وأنه في المملكة يكاد يكون من أواخر الأسواق الناشئة.

وبينت الدراسة التي أعدتها جامعة الملك عبدالعزيز وقام بها الدكتور خالد بن عبدالرحمن البسام الأستاذ المشارك في الجامعة أن سوق الأسهم في السعودية لا بد له من القيام بعدة إصلاحات حتى يتجاوز التقلبات التي عصفت به وجعلته عرضة للخطف من قبل بعض المضاربين وأدت إلى خسارة الكثير من المتداولين لأموالهم وممتلكاتهم حيث وصل الحال بالبعض إلى حد الإصابة بالأمراض النفسية والصحية.

وأكدت الدراسة على أن الأسواق المالية وعلى رأسها سوق الأسهم تعتبر القلب النابض لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في المملكة العربية السعودية وهي عامل مهم في جذب الاستثمارات الأجنبية بالإضافة إلى أنه عامل مهم في رفع فعالية وأداء السياسة المالية والنقدية في التأثير على نشاط الاقتصاد والسيطرة على المستوى العام للأسعار.

وذكرت الدراسة أن الدول التي عمدت إلى تطوير أسواق المال لديها مثل سنغافورة وماليزيا وتايوان أدى ذلك إلى أن ادخاراتها واستثماراتها المحلية حققت معدلات نمو مرتفعة كما أن الاستثمار الأجنبي فيها حقق أيضاً معدلات نمو مرتفعة أدى كل ذلك إلى ارتفاع معدلات نمو اقتصادها بشكل ملحوظ.

عقبات تواجه السوق

وأفادت الدراسة أن سوق الأسهم السعودية لم تستطع حتى الآن اجتذاب نسبة أكبر من رؤوس الأموال المتوفرة في البلاد حيث ارتفع عدد الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية من 44 شركة عام 1985م إلى أكثر من 90 شركة عام 2006م أي بمعدل (1.7) سنوياً ومن الواضح أن هذا المعدل منخفض جداً إذا ما قورن بنفس المعدلات لمعظم الأسواق الناشئة كما أن نسبة القيمة الرأسمالية للسوق السعودية إلى ناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السعودي لا تزيد على نسبة 35% في أعلى حالاتها وهي نسبة متدنية أقل بكثير من نفس النسب لمعظم الأسواق الناشئة.

وبينت الدراسة أن عقبات تواجه السوق رغم مرور أكثر من عقدين على إنشاء السوق الأسهم إلا أنه لا يزال يواجه عقبات هيكلية تقف عائق أمام تطوره ورفع كفاءته.

وذكرت الدراسة أهم هذه العقبات التي أعاقت تطور السوق وكانت السبب المباشر فيما وصل إليه السوق من تقلبات في أسعار الأسهم أفقد المتعامل مع هذه السوق الثقة فيه حيث كشفت الدراسة أن سوق الأسهم السعودي يعاني من ارتفاع كبير وواضح في درجة التركيز وهذا يعني أن حيازة غالبية الأسهم تتركز بيد عدد محدود من المستثمرين وهم في الغالب الحكومة والمالكون والمؤسسون والشريك الأجنبي.

وبالنظر إلى الإمكانات المتاحة في السوق قدرت نسبة الأسهم المتداولة إلى إجمالي الأسهم المصدرة في السوق السعودية بما يقارب 28% وهي نسبة متدنية إذا ما قورنت بنفس النسب لكثير من الأسواق الناشئة.

وانخفاض عدد رؤوس أموال الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية بالإضافة إلى درجة التركيز العالية عكس عدم عمق السوق وضيقها. وهذا الوضع يعتبر أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في التقلبات الحادة التي عصفت في سوق الأسهم السعودية حديثاً.

واللوائح كما يتفق معظم المعنيين بالأسواق أن معظم أنظمة ولوائح وآليات التنفيذ والرقابة لسوق الأسهم ليست كافية.

الاستفادة من المعلومات

كما أنها قديمة ولا تواكب التطورات التي طرأت على الاقتصاد السعودي. لذلك فقد أثبتت عدم كفاءتها في دفع فعالية وأداء السوق السعودي وزيادة طاقته الاستيعابية بما يتناسب مع الإمكانات الكبيرة المتاحة لهذا السوق.

وبالتالي فإن جهاز الأسعار للسوق لا يفرز الأسعار الحقيقة للأسهم، إضافة إلى أن الممارسات الضارة في سوق الأسهم السعودية مثل التلاعب أو تحديد المسبق لتوجيهات الأسعار والاستفادة من معلومات من الداخل عن الشركة غير متوفرة لعامة المستثمرين ساهمت في التقلبات الحادة التي عصفت في السوق السعودية حديثاً.

وأشارت الدراسة إلى أن هناك نقصاً واضحاً في المعلومات والبيانات والتحليل عن سوق الأسهم السعودية وقطاعاته وعن أداء الشركات المدرجة فيه وحتى إن توفرت بعض المعلومات والبيانات والتحليلات عنه فهي لا تتمتع بالشفافية ولا يخفي على الجميع أن توفر المعلومات وبيانات وتحليلات كافية وبدرجة عالية من الشفافية في أي سوق يحد من الإشاعات ويقلل من حدوث المضاربات ويرفع من كفاءة السوق.

وقد ذكر في الدراسة أن أسواق الأسهم ذات الكفاءة العالية هي الأسواق التي تنعكس من خلالها المعلومات والبيانات وكافة القرارات الإدارية المتعلقة بالاقتصاد والسوق والشركات المدرجة فيه على أسعار الأسهم إيجاباً وسلباً صعوداً وهبوطاً فيكون ارتفاعها إيجاباً وهبوطها سلباً وذلك فور تلقي السوق تلك المعلومات والبيانات.

كما أوضحت الدراسة أن السوق يعاني من فراغ مؤسساتي لذلك من الضروري اتخاذ خطوات سريعة لملء هذا الفراغ وتطوير الكيان المؤسساتي للسوق. إن سوق الأسهم في حاجة ماسة إلى مؤسسات وساطة مثل سماسرة وشركات وبنوك استثمارية بالإضافة إلى وكلاء إصدار. وتؤكد الدراسة أن إكمال وتطوير الكيان المؤسساتي لسوق الأسهم السعودي يرفع من كفاءة هذا السوق ويوفر السيولة فيه ويساعده إلى حد كبير من تحقيق استقرار هذا السوق.

تحسين وضع السوق

وتعرضت الدراسة في الجزء الأخير منها إلى مجموعة من المقترحات التي قد تساعد على تحسين أوضاع السوق.

حيث دعت إلى التركيز من قبل هيئة سوق المال السعودية في المرحلة القادمة إلى كيفية تخفيف الحواجز التي تحد من دخول الشركات إلى السوق أو زيادة رؤوس أموال الشركات الموجودة فيه، حيث يقتضي هذا إعادة صياغة المتطلبات والإجراءات وتقييم الأصول بصورة سليمة من أجل تشجيع المزيد من الشركات لدخول السوق أو زيادة رؤوس أموال الشركات الموجودة فيه.

كما دعت أيضاً إلى زيادة وتحسين كمية ونوعية المعلومات والبيانات والتحليلات والكمية والنوعية المتعلقة بسوق الأسهم المدرجة فيه.

وتقليص درجة التركيز في ملكية الأسهم السعودية وتوسيع قاعدة المشاركة في نشاط السوق والاستفادة من الخبرات المتراكمة في أسواق الأسهم المتقدمة والناشئة لتطوير أنظمة ولوائح وآليات التنفيذ والرقابة لسوق الأسهم السعودية. وقيام مؤسسة مستقلة أو تابعة لهيئة الأوراق المالية تراقب عن قرب نشاط ومديري الشركات المدرجة في سوق الأسهم.

وتقوم بتصنيف الشركات المدرجة في سوق الأسهم وفق معايير متفق عليها (معايير مالية وإدارية) بشكل دوري وهذا الأمر سوف يساعد المستثمرين على صنع قرارات استثمارية رشيدة، مؤكدة أن ذلك سوف يدفع الشركات على رفع مستوى أدائها وتحسين أوضاعها.

تحويل الادخارات إلى استثمارات

وحول أهمية الأسواق المالية للاقتصاد الوطني ذكرت الدراسة أنها تتبلور في كونها قناة يتم من خلالها تحويل الادخارات إلى استثمارات إضافة إلى تقليص الفجوة الادخارية الاستثمارية من خلال زيادة توطين الادخارات المحلية، وتوفير السيولة للاقتصاد من خلال قيام الوحدات الاقتصادية بتبادل الأصول المالية الاستثمارية رفع فعالية وأداء السياسات النقدية والمالية، وجذب الاسثتمارات الأجنبية، وتخفيض مخاطر وتكاليف الاستثمار، والأسواق المالية المتطورة توفر مختلف المعلومات والبيانات وعلى درجة عالية من الشفافية.

وبينت الدراسة أن سوق الأسهم يعتبر الأكبر والأهم والأكثر نمواً بين الأسواق المالية الأخرى وفقاً لعملية التمويل من خلال أسواق الأسهم التي يعتبر الأقل تكلفة من الأسواق المالية الأخرى، إضافة إلى التمويل من خلال أسواق الأسهم والاستثمار فيها طويل الأمد.

وأوضحت الدراسة أنه نظراً لأهمية أسواق الأسهم لأي اقتصاد سارعت كثير من الدول إلى رفع كفاءة وفعالية أسواقها وزيارة طاقتها الاستيعابية من خلال تطوير البنية التشريعية لأسواقها، وتوفير الكم الكافي من المعلومات والبيانات وبدرجة عالية من الشفافية، وتطوير الكيان المؤسساتي لأسواقها والعمل على إزالة كل العوائق التشريعية والإجرائية أمام دخول شركات جديدة إلى أسواقها أو زيادة رأسمال الشركات المدرجة.

وحول الأهداف الاقتصادية المرجوة من تحسين سوق الأسهم أشارت الدراسة إلى أنها تتمثل في دفع عجلة نمو الاقتصاد السعودي، وزيادة معدلات الادخار وتقليص الفجوة الاستثمارية، وتخفيض معدلات التضخم، وتوطين رؤوس الأموال المحلية، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد وتحويله إلى قطاع مؤسساتي، وأخيراً المساهمة على تخفيض معدلات التضخم.

وحول العوامل التي ساهمت في وصول سوق الأسهم إلى هذه الدرجة من الانهيارات فقد حصرتها الدراسة في أن سوق الأسهم ذو كفاءة منخفضة وطاقة استيعابية محدودة، كما أنه يعاني من ارتفاع واضح في درجة التركيز، وقدم أنظمة وآليات التنفيذ والرقابة، كما أنه يعاني من فراغ مؤسساتي إضافة إلى عدم الشفافية والنقص الواضح في المعلومات، وطغيان نزعة المضاربة على معظم أنشطة السوق وانعدام الوعي الاستثماري لدى الداخلين في السوق.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد