لازالت المخاوف الإقليمية والدولية المنبثقة من قضية التسلح النووي الإيراني، وطموحات إيران التي لا تنتهي في خلق مناطق نفوذ وتأثير في المنطقة، تقلق مضاجع الكثير من اللاعبين الدوليين، حتى أن جدل وإشكالية التعامل مع طهران مستقبلاً قد انتقلت بشكل واضح إلى داخل الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما تمثل في مطالبة بعض أعضاء الكونعرس الأمريكي بالاشتراط على الرئيس الأمريكي جورج بوش عدم القيام بأي هجوم على إيران قبل الحصول على موافقة من مجلسهم، في إشارة واضحة إلى أن إيران قد أصبحت في مرمى التحرك الأمريكي الذي تضاربت التحليلات السياسية ونظريات استشراف المستقبل حول تحديد ماهيته وطبيعته التي لازالت تتأرجح حتى الآن بين استهداف الجبهة الداخلية الإيرانية وإحداث القلاقل بها وبين توجيه لكمات عسكرية وميدانية لمواقع نووية استراتيجية حساسة.
المخاوف الخليجية تأتي بمكانها في هذ الصدد فحتى أن اقتصرت الحرب القادمة بين طهران وواشنطن على تكتيكات الحرب النظيفة ونقصد بها توجيه الصواريخ الأمريكية والقنابل الذكية وإرسالها إلى مواقع المفاعل النووي فإن الأثر السلبي والمتمثل في الإشعاعات النووية والبيئة لن يكون بمعزل عن هذه المنطقة الحساسة التي تعتبر منطقة حيوية ومهمة للعالم أجمع لدرجة قد تصل لمرحلة التدويل لما تحتويه من مخزونات وآبار نفط وثروات أصبحت في هذه الأحادية القطبية تحت مجهر عين صناع القرار الدوليين.
ولتجارب التاريخ في هذا الأمر ما تقوله بشكل جلي وواضح لمن أوتي أبسط قواعد الفهم السياسي والاستراتيجي فجميعنا نعلم ما جره النظام العراقي السابق على المنطقة من تدخلات ووجود عسكري أجنبي من خلال مغامراته العسكرية وإصراره على مناطحة الريح ومقارعة ما ليس له به قوة أو إمكان، والآن يبدو أن التاريخ يصبو إلى أن يعيد نفسه من جديد من خلال إصرار البعض في طهران على المضي قدماً في مشروعهم المغامر الذي وصلت درجة خطورته إلى بروز بعض الأصوات الإيرانية في الداخل التي أخذت تستشعر الخطر الداهم والليل القاتم الذي ينتظر طهران أولاً والمنطقة ثانياً من وراء هذه المغامرات والطوباويات السياسية التي لم يعد لها مكان في عصر الضبط الدولي سوى في عقليات أصحابها.
لقد حقق الإيرانيون ومنذ ثورتهم الكثير من المنجزات والإيجابيات الداخلية في بلادهم تمثلت بالنواحي الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية، كما رافق هذه الإنجازات نهضة علمية وتكنولوجية ملحوظة كانت ولازالت من الأهمية بمكان للحفاظ عليها وعدم تبديدها أدراج الرياح من أجل تحقيق طموحات إقليمية واستراتيجية أصبح مجرد السعي إليها والحفاظ عليها أكبر المهددات المستقبلية للأمن القومي الإيراني واستمرار ديمومته السياسية.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS
تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244