بدأت ملامح الفرقة تلوح بين الحكومة العراقية والإدارة الأمريكية؛ فبعد أن صرح الرئيس جورج بوش أن حكومة المالكي ما زالت مطالبة بالكثير لتحقيق الأمن والاستقرار للعراقيين، وانتقد بشدة طريقة إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، التي قال عنها إنها جاءت بطريقة ثأرية ستصعب الأمور أمامه من أجل إقناع الأمريكيين بدعم الحكومة العراقية, سارع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى شن هجوم مضاد على تصريحات الرئيس الأمريكي بالقول: إن بوش لم يكن ضعيفاً، كما هو اليوم وإنه -أي المالكي- يتفهم المأزق الذي تعيشه الإدارة الجمهورية بسبب اكتساح الديمقراطيين للكونغرس في الانتخابات التشريعية, هذه التنظيرات الانتقادية بين حلفاء الأمس منتقدي بعضهم اليوم، تعطي انطباعاً بأن مسرح الأحداث في الساحة العراقية مقبل على مرحلة جديدة تتوازى مع الإستراتيجية الأمريكية الجديدة بالعراق, والتي تتصدر اهتماماتها التصدي للمد والنفوذ الإيراني الذي تغلغل في العراق وحوله إلى مجال حيوي للسياسية الخارجية الإيرانية، وهو الأمر الذي يعلم الأمريكان علم اليقين أنه لا يمكن أن يتحقق مع وجود حكومة نوري المالكي التي يؤخذ عليها تراخيها بالتعامل مع الميليشات الشيعية ذات الخلفيات الإيرانية, التي أصبحت تشكل الخطر الأول على استقرار المجتمع العراقي بالإضافة إلى تفشي آفة الفساد الإداري والسياسي وثقافة القتل الجماعي.
الإدارة الأمريكية التي تصرّ على تطبيق إسترتيجيتها الجديدة في العراق حتى وإن عارضها الكونغرس تريد أن تعيد إلى الشعب الأمريكي ثقته بقواته المسلحة وبقدرتها على لملمة ما تهلهل من حبال المنطقة بعد احتلال العراق وهذ ما أسقط بيدها لمرات عدة بعد اعتمادها على حكومة المالكي في تحسين صورتها أمام العراقيين واستنادها عليها لإنجاح مشروعها الجديد.
مما تقدم قد ترتسم حول شخصية المالكي صورة كبش الفداء ظاهرياً إلا أن هذه الصفة لا تنطبق على شخص رئيس الوزراء العراقي؛ فتراكمية الإخفاقات والتوترات الطائفية التي برزت في عهد الحكومة العراقية الحالية جعلت حتى من أتوا بها إلى سدة الحكومة يضيقون زرعاً بها كما لم يضيقوا أو يتذمروا من حكومة عراقية سابقة، إلا أن الحل والمخرج الذي يبحث عنه الأمريكيون في أزمتهم بالعراق لا يتحقق بقلب ظهر المجن للحكومة العراقية ورئيس وزرائها، بل بالعمل على إيجاد وخلق مناخ تصالحي وسياسي جديد، تقتل فيه النزعات الطائفية والتقسيمية في مهدها تلك النزعات التي غذاها وزاد من حجمها تهميش الطائفة السنية وإلصاق صفة الإرهاب بها في وقت تتغضى به واشنطن وحلفاؤها الحاكمون عن تجاوزات ودمويات ميليشات الموت الأخرىمما ساهم في تضخم الوضع وزيادة احتقانه لدرجة تبادل اتهمات الضعف بين الحلفاء المحررين.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS
تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244