من جديد أغلق المؤشر هذا الأسبوع إغلاقاً إيجابياً رغم هبوطه على مدى الأسبوع بنحو 344 نقطة بنسبة 4.6% وجاء هذا الإغلاق الإيجابي خلال الدقائق الأخيرة، وهو ما يذكرنا بإغلاقه في اليوم الأخير قبل إجازة العيد، ثم عاد إلى النزول مرة أخرى بنسبة بلغت خلال الأسبوعين التاليين بنحو 9.24% وقد تزامنت حركة التداول هذا الأسبوع مع صدور قرارات مثيرة من أبرزها تعليق تداول سهم (بيشة الزراعية)، ورفع وزارة التجارة إنشاء شركة السوق المالية السعودية إلى المقام السامي، وهنا يثار الكثير من الجدل حول دلالات مثل هذه القرارات، ومدى صحة اقتراب المسار التصحيحي الهابط للسوق، وملامح بدء حقبة جديدة للسوق الاستثماري.
إغلاق إيجابي للمؤشر
لقد افتتح السوق هذا الأسبوع على هبوط كبير استمر يومين هبط فيهما المؤشر بنسبة 5.02%، حيث أغلق يوم الأحد عند 7181 نقطة، تلاه صعود بنسبة 0.08%، ثم انكسر مرة ثانية يوم الثلاثاء ليحرز خسارة بنحو 0.91%، وأخيراً يحقق المؤشر ربحاً بنحو 96.3 نقطة أي بنسبة 1.35%. وبإغلاق المؤشر هذا الأسبوع عند 7215.6 نقطة يكون قد ربح نحو 344 نقطة أي ما يعادل 4.6%.
الإغلاق المفتعل
مع كل ارتداد تكثر التكهنات ببدء طريق التجميع الطويل والدخول في مسارات شرائية طويلة تعود بالمؤشر إلى ما كان عليه، وأقل هذه التكهنات تحفظاً هو الذي يتوقع عودة المؤشر إلى مستوى 8400 نقطة. بالطبع الجميع يتمنى ذلك، ولكن قراءة السوق الصحيحة تشير إلى عكس هذه التكهنات؛ فبداية كل مستوى ألفي جديد يستقر عنده المؤشر لأكثر من شهر علمتنا التجربة أنه لا يعود إليه مرة ثانية، فالمؤشر تحرك ما بين 7029 و8146 نقطة خلال الـ29 يوم تداول الأخيرة، كما أن سقوطه لم يتخلله سوى ارتدادين طفيفين (نقطتي 8036 و8146) لم يتماسك المؤشر عندهما وانكسر سريعا إلى ما دون الـ8000 أي أن تخلي المؤشر وسقوطه عن مستوى الـ8000 نقطة لأكثر من 29 يوم تداول، إنما يدلل على أن بناء القرارات الاستثمارية اعتماداً على التنبؤ بصعود المؤشر فوق 8000 نقطة يعتبر مسلكاً غير صحيح.
المؤشر يصنع 60 ارتداداً
لقد مرّ مؤشر السوق على مدى الفترة من 26 فبراير 2006 حتى إغلاق الأربعاء الماضي (وهي الفترة التي تحسب بـ260 يوم تداول) بنحو 60 ارتداداً وهمياً، إما نتيجة حركات مفتعلة من صناع السوق أو نتيجة عدم صمود المؤشر أمام حالة التشاؤم التي يفرضها واقع التصحيح في السوق. وعليه، فإن السوق إجمالاً لم يشهد تجميعاً طويلاً بالمعنى الفني المتعارف عليه منذ بدء حركة التصحيح في فبراير الماضي، وكل ما حدث من ارتدادات تخللها بالفعل تجميعات وطلب جاء كثيفاً أحياناً، إلا أنه لم يستمر طويلاً؛ وعليه، فإنه ينبغي تعلم الدرس جيداً وعدم الانسياق وراء الشائعات التي هي من صنع كبار المضاربين لترويج التفاؤل الطويل، وبخاصة في ظل معرفة الجميع بأن السوق يمر بمرحلة انتقالية لم تنتهِ بعد، وأن مساره مقيد بانتهاء تلك الإصلاحات.
الأداء القطاعي
في سياق مسلسل الانخفاضات المتتالية أحرزت كل قطاعات السوق انخفاضات باستثناء قطاع الأسمنت الذي ربح بنسبة 1.23% هذا الأسبوع. وقد جاء القطاع الزراعي على قمة القطاعات الخاسرة هذا الأسبوع بنسبة خسارة 13.9%، تلاه قطاع الخدمات بنسبة خسارة 7.5%. أما القطاعات التي تغلب عليها أسهم العوائد، فقد أحرزت خسائر متقاربة، بنسب 6.72% للقطاع البنكي، و6.09% للقطاع الصناعي، و5.61% لقطاع الاتصالات. وقد عادت السيولة المتداولة بكثافة هذا الأسبوع للقطاع الصناعي من جديد بعد انحدارها خلال الفترة الماضية. أما بالنسبة لقيمة التداول الأسبوعية، والتي بلغت 43.4 مليار ريال، فلا تزال منخفضة عن مستوياتها الطبيعية، ولا تعطي الثقة في استقرار حركة التداول وتحسن السوق.
أسهم العوائد والمضاربة
لقد أصبح واضحاً للجميع أن سياسة كبح جماح أسهم العوائد، وبخاصة القيادية منها هي السياسة الرئيسة لصناع السوق، تتزامن معها سياسة ترك العنان المؤقت لأسهم المضاربة، وجميعها ينتمي إلى شركات صغيرة. هذه السياسة المزدوجة لصناع السوق تحقق هدف تحسين الصورة الاستثمارية للسوق، تلك الصورة المرتكزة على أسهم العوائد، مع السعي لعدم تجفيف منابع السيولة في السوق وجذب سيولة جديدة من خلال التفريج عن بعض أسهم شركات المضاربة الصغيرة لكي تخترق هنا وهناك وتحقق نسباً قصوى خضراء من آن إلى آخر؛ وبالتالي خلق تفاؤل كل حين وآخر، وإذا لم تتزامن هاتان السياستان لكنا شهدنا انهياراً تاماً للسوق بخروج الجميع، ولعل هذه هي طبيعة التصحيحات في كل أسواق المال العالمية.
الضغوط البيعية
على الأسهم القيادية
البعض يحلو له تفسير الضغوط الكبيرة التي واجهتها الأسهم القيادية هذا الأسبوع، وبخاصة سابك والراجحي وبعض البنوك من خلال ترقب كبار المضاربين لنتائج أعمال هذه الشركات وتوقعهم أنها ستكون إيجابية بشكل كبير؛ ومن ثم فإنهم يضغطون على أسعار هذه الأسهم للتجميع فيها بأسعار رخيصة، إلا أن هذا الرأي الذي لطالما تعودنا أن يشيعه البعض، إلا أن التجربة تشير إلى أن هذا الرأي يكاد يفتقد الصحة.
أولاً: أن السوق أو أسعار الأسهم وبخاصة القيادية التي نالت الحظ الوفير من الضغوط البيعية الكثيفة التي نأت بأسعارها إلى قيعان سحيقة، هذه الأسهم بالفعل تعد من الناحية الأساسية عند مستويات سعرية مقبولة، وأن مؤشراتها المالية باتت أعلى من جذابة مقارنة بمستوياتها في عام 2006 أو حتى في 2005م.
ثانياً: أن هذه الأسهم القيادية لا يمكن أن نفسر أن عدم الطلب عليها خلال الشهور الأخيرة هو ناتج عن أسباب ترتبط بنتائج أعمالها خلال الأرباع السنوية الأخيرة، فهي لم تكن بالسوء لكي نفترض ذلك.
ثالثاً: أن تزامن الضغوط البيعية على الأسهم القيادية أو أسهم العوائد الكبيرة مع طفرات الطلب من آن لآخر على الأسهم الصغيرة والتي كثير منها لشركات خاسرة، يعزز فرضية أن صانع السوق لا يزال يركز جل اهتمامه على أسهم الاستثمار في السوق متجاهلاً تلك الأسهم الصغيرة أو الخاسرة، أو أنه غير مبال بها.
نقاط مهمة في
مسار سابك والراجحي
لقد انحدر كل من سابك والراجحي إلى قيعان جديدة ينبغي تداركها جيداً؛ لأنها تمثل أساس تحديد تداولاتها في المستقبل القريب، فقد تداولت سابك عند أدنى نقطة وهي 93.5 ريال في آخر أيام تداول هذا الأسبوع، في حين جاء أدنى قاع للراجحي عند 161.75 في يوم الأحد الماضي، وهذه النقاط تمثل كل تأثيرات التصحيح الحادث في هذه الأسهم القيادية منذ 26 فبراير الماضي. وتحت اعتبارات القيادة المنوطة بسهمي سابك والراجحي في قيادة مسار السوق فإنه ينبغي تقييم مسار السوق من خلالهما، كما يجب الأخذ في الاعتبار أنه لا يوجد أية دلائل على توقف مسارهما الهابط حتى مع الإغلاق الإيجابي الأربعاء الماضي بقيادة الأسهم الصغيرة الخاسرة.
البنوك تنضم إلى
القطاعات الأكثر اضطراباً
لقد أبدت البنوك منذ بداية التداول بعد إجازة الحج اضطرابات وتذبذبات غير معتادة تدلل على أن مسار البنوك خلال عام 2007 قد لا يكون كمسارها في السابق. ويرجع ذلك إلى سحب بساط الوساطة من البنوك وأيضاً سحب بساط صناديق الاستثمار، ثم إن البنوك الجديدة الداخلة في السوق المحلي يتوقع أن تحصل على حصص سوقية مهمة من عملات البنوك المدرجة في سوق الأسهم؛ أي أن نتائج أعمال البنوك خلال هذا العام من غير المتوقع أن تكون كسابق عهدها.
تعليق التداول على سهم بيشة
لقد تم تعليق التداول على سهم بيشة نتيجة وصول حجم خسائره عن الربع الثالث من عام 2006 إلى 22.3 مليون ريال؛ أي أن النتائج المالية للشركة تشير إلى بلوغ خسائرها نسبة كبيرة من رأس مالها؛ مما يؤثر بصورة جوهرية في سلامة وضعها المالي. ولعل هذا الإجراء الذي اتخذته الهيئة يعتبر جديداً، وربما يكون بداية لعصر تصفية الشركات الخاسرة التي بدت كما لو كانت تقود السوق خلال الآونة الأخيرة. ولسوء الحظ أن معظم الشركات التي شهدت نشاطاً محموماً مؤخراً هي شركات خاسرة، وهذا الأمر ليس مصادفة؛ فإذا تم تعليق التداول على بيشة، فإن إنعام القابضة أعلنت أنها في طور التعديل وتحسين استثمارها. أما الأخريات فيمكن أن نسمع عنها قريباً، ولكن قد لا يتوقف الأمر عند مجرد التعليق أو إيقاف التداول وإنما يتوقع أن يصل إلى حدود الحل والتصفية في حالة بعض الشركات التي لا أمل في إصلاحها كما يشير نظام الشركات، وهنا تبدو مخاطر جديدة علاوة على المخاطر التي تنطوي عليها عملية المضاربة في مثل هذه الشركات الخاسرة، وهي مخاطر الحل والتصفية، وما يمكن أن تؤول إليه أوضاع المساهمين فيها حال تصفيتها.
الحساب الخاطئ
لتقديرات الأرباح والخسائر
يوضح الجدول (2) صافي الأرباح المعلنة لبعض الشركات الخاسرة، إلا أن هذه الأرقام لا توضح سوى نتائج أعمال الشركات عن فترة معينة؛ ومن ثم فهي لا تعبر بأي حال عن الخسائر المتراكمة لهذه الشركات؛ ومن ثم فإننا قد نجد شركة خسائرها تمثل قيمة منخفضة نسبة إلى رأس مالها، ولكن إذا استعرضنا خسائرها المتراكمة قد نجد أنها تقترب من رأسمالها، وقد تقدر قيمة المخاطرة في الاستثمار في مثل هذه الشركات.
تأسيس شركة مساهمة للسوق المالية نهاية طريق الإصلاحات!!
تقدمت وزارة التجارة والصناعة بطلب إلى الديوان الملكي السعودي لاستصدار مرسوم بالترخيص بتأسيس شركة السوق المالية السعودية (تداول) شركة مساهمة مقفلة برأسمال يبلغ 1.2 مليار ريال تكون مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة. وتتمثل أغراض الشركة في توفير وتهيئة وإدارة آليات تداول الأوراق المالية والقيام بأعمال التسوية والمقاصة للأوراق المالية وإيداعها وتسجيل ملكيتها ونشر المعلومات المتعلقة بها، ولعل تأسيس وتشغيل هذه الشركة من أكبر الدلائل على شبه اقتراب السوق من نقطة التهيئة للتقسيم. ويتوقع البعض أن يتم تقسيم السوق قريباً، إلا أنه من المتوقع أن يتم التقسيم في نهاية أسبوع تداول يشهد قاعاً جديداً ومفاجئاً يمثل نهاية الهبوط يستقر عنده المؤشر، هذا الهبوط الأخير سيرسو بالأسهم الاستثمارية عند مستويات جذابة جداً وللغاية، سواء للمستثمر المحلي أو الأجنبي، وعندها يتوقع أن يكتسب السوق مقدرة فائقة على جذب الاستثمارات الأجنبية في كل أشكالها إلى السوق المحلي.
(*) محلل اقتصادي ومالي
Hassan14369@hotmail.com