منذ وقت غير قصير يرسل الرئيس الأمريكي جورج بوش عدة إشارات عن تخلي الإدارة الأمريكية عن الحكومة العراقية التي يرأسها نوري المالكي بعد أن ثبت عجز هذه الحكومة عن تأدية مهامها ليس فقط في إعادة الأمن والاستقرار في بلد يعاني من تفشي ظاهرة القتل على الهوية، بل أيضاً في وضع حدٍّ لحالات تفشي الفساد، وتقسيم البلاد إلى (كونتونات) طائفية بإصرار هذه الحكومة على تسليم مقدرات البلاد إلى طائفة بعينها، ووضع أجهزة الحكومة الأمنية تحت تصرف قادة الأحزاب الطائفية التي تخدم مخططات دولة أجنبية تتوافق معها في التوجهات الطائفية.
الرئيس جورج بوش - وفي محاولة من إدارته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في العراق بعد أن وصلت الأوضاع إلى أسوأ ما كان يتصوره، وبعد الضغوط الشعبية والبرلمانية في أمريكا - التقى نوري المالكي في الأردن، وطالبه بأن يحقق ما جاء في برنامج حكومته الذي قدمته للبرلمان العراقي، إذ عجز عن تحقيق أي شيء منه لارتهان المالكي شخصياً لهيمنة المليشيات الطائفية، ورئيس الكتلة الصدرية في الائتلاف الشيعي التي رجحت اختياره لرئاسة الحكومة.
بوش طالب المالكي - وكفرصة أخيرة - ليثبت جدارة حكومته في قيادة العراق إلى بر الأمان، بدءاً بتحقيق الأمن من خلال التصدي لإجرام المليشيات الطائفية، وفي مقدمتها مليشيات المهدي التي تستعمل آليات الشرطة وملابسها، إلا أن نوري المالكي عجز عن تحقيق الحد الأدنى مما طالبه الرئيس الأمريكي الذي أخذ يدفع من رصيده السياسي، ومن صورة أمريكيا وسياستها في العراق، ولهذا فقد توالت إشارات بوش الدالة بقرب تخليه عن حليفه المالكي الذي يحاول أن يتلاعب بوضع العراق، ومصير شعبه الذي يسقط منه مئات الأشخاص قتلى برصاص المليشيات لمصلحة بلد آخر تتعارض مخططاته مع المصلحة الوطنية العراقية، ومع الحليف الذي أوصل المالكي إلى السلطة وأحضره وجماعته للعراق، ولذلك فإن كل الدلائل تشير إلى قرب تخلص الأمريكيين من نوري المالكي، واختيار شخص تتوافق توجهاته وأفعاله مع الاستراتيجية الجديدة لبوش الذي يحاول أن يعالج أخطاء المرحلة الماضية.
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS
تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244