* الرياض - عبدالله الحصان
أثنى معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف خلال كلمته في مؤتمر اليورموني الأول لتمويل الإسكان العقاري، مشيداً بالجهود المقدمة من قبل خادم الحرمين الشريفين ماضياً وحاضراً، كما أبدى تفاؤله بما سيتم من تعميم السكن الملائم للمواطنين، وبما تم من قبل صندوق التنمية العقارية في السنتين الماضيتين من تقديم قروض.. وشدد على أن التطور العقاري يعتمد على إيجاد الإطار النظامي لحماية جميع الأطراف، كما يحدث في الدول المتقدمة بالإضافة إلى المبادرات الحكومية والخاصة.
وفي رد على قيمة القرض المقدم الذي لا يتجاوز 300 ألف ريال في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء وكذلك الأراضي، قال معاليه: إن هذا المبلغ ليس مخصصاً لتأمين كل التكاليف، بل هو داعم لها.
وأكد معاليه على أن قطاع المقاولات في المملكة قطاع كبير وقوي، ولكن ما يواجهه هو وجود مشروعات حكومية ضخمة تتطلب سرعة الإنجاز، وهذا ما يضطرنا للاستعانة بمقاولين من الخارج فيما مضى.
وكشف معاليه عن أول مبادرة حكومية شاملة لتوفير تمويل الإسكان في منتصف السبعينيات عام 1975م، وإنشاء الحكومة صندوق التنمية العقارية كمؤسسة إقراض متخصصة حتى تم إلى نهاية عام 2006م تقديم 510.811 قرضاً لبناء ما يقرب من 613.000 وحدة سكنية فيما يقارب أربعة آلاف مدينة وقرية ومناطق نائية بالمملكة.
وعن مواجهة الصندوق مشكلة التخلف عن السداد تجاوزت نسبة التخلف في عام 2004م 30% من مجموع القروض مما ترتب على ذلك انخفاض في حجم الإقراض تدريجياً من حيث القيمة الاسمية الكلية.. وإنه ترتب على ذلك اتخاذ إجراءات من قبل الحكومة لدعم الصندوق وتقوية قدراته على أداء المهمة المنوطة به، وبتخصيص مبلغ 9 مليارات ريال في عام 2004 مما مكن الصندوق من منح نحو 53.000 قرض في عامي 2005 و 2006 م.
وكشف معاليه عن إجراءات لتحسين معدل التحصيل والحد من مشكلة التخلف عن السداد كإطلاق حملات تستهدف متابعة المواطنين وتوعيتهم، وحثّ المقترضين على ضرورة سداد المبالغ التي للصندوق عليهم، وبالنسبة إلى المقترضين من ذوي الرواتب العاملين في القطاعين العام والخاص سيجري ربط الصندوق بنظام التحصيل عن طريق الخصم المباشر من المرتب لأقساط القرض.
وأشار إلى الدور المهم الذي تقوم به المؤسسات الخيرية من توفير الإسكان لفئات ذوي الدخل المحدود من المواطنين مثل مؤسسة الملك عبدالله لوالديه للإسكان التنموي.
وتحدث معاليه عن المبادرة التي قدمتها المؤسسة العامة للتقاعد ووافق مجلس إدارتها على برنامج تمويل شراء مساكن لموظفي الدولة المشتركين في نظام التقاعد المدني والعسكري الذي يمتاز بإتاحة تمويل طويل الأجل بشروط مناسبة للمؤسسة والمقترض، وتعمل المؤسسة على إنهاء الترتيبات اللازمة للبدء في تنفيذ البرنامج الذي يتوقع انطلاقه منتصف هذا العام 2007م.
وقال: إن جميع هذه المبادرات تدل على عدم كفايتها لمواجهة الطلب على الإسكان الحالي والمتوقع، ولتحقيق ذلك علينا اتخاذ إجراءات أخرى، وإطلاق مبادرات جديدة تكفل تطوير قطاع التمويل الإسكاني وتنميته على نحو مستدام، ولهذا السبب عملت الحكومة على دراسة أنظمة التمويل العقاري ومشكلات قطاع الإسكان بأكملها بهدف التعرف على الخطوات الضرورية التي يتعين اتخاذها لتطوير ذلك القطاع، ولتمكين القطاع الخاص على المشاركة بنحو فعال.
وعن وزارة المالية فقال: إن الهدف يتركز في إرساء إطار قانوني ومؤسسي يستجيب لاحتياجات السوق ويشجع الاستثمارات الخاصة، ويوفر حماية فعالة لمصالح وحقوق جميع الأطراف ذوي العلاقة من ممولين ومطورين ومستهلكين.
وأشار معاليه إلى الدراسة التي استحوت مجموعة من التوصيات وتناولت الأعمدة الرئيسية لمنظومة التمويل العقاري وهي السوق الأولية والسوق الثانوية والسلطة التنظيمية عبر الأولويات التي تم تحديدها ويجري العمل على إقرارها وهي:
نظام جديد للتمويل العقاري ويستهدف وضع الإطار الأساسي للتمويل العقاري ودور الجهات الإشرافية مثل مؤسسة النقد العربي السعودي وهيئة السوق المالية في السوق الثانوية ونظام شركات التمويل ويحدد القواعد التي تحكم نشاط شركات التمويل العقاري بما في ذلك متطلبات الترخيص والأنشطة المسموح بها وإدارة الشركات والإشراف عليها وتسوية المنازعات. وكذلك نظام التأجير التمويلي وهو نظام الرهن والتنفيذ وأيضاً إجراءات لمعالجة الصعوبات الحالية في تسجيل الرهون المتاحة وإتاحة الرقابة القضائية لقرارات التسجيل.
قال سمو أمين منطقة الرياض الدكتور عبدالعزيز بن عياف آل مقرن خلال كلمته في مؤتمر اليوروموني الأول للتمويل الإسكاني أن عنوان (مسكن لكل مواطن) مشوق ومحبب للجميع وأنا شخصياً منهم، لكن كمسؤول في القطاع البلدي فعندما يذكر الشق الأول من الاسم (مسكن لكل مواطن) فهو يعكس ويمثل لنا أن كل مواطن سوف يراجع البلدية لأكثر من مرة عند شراء الأرض وعند البدء بالبناء وأثناء البناء وعند الانتهاء مع ما يعني ذلك مضاعفة الأعباء على الجهة المعنية بالخدمات وعلى المواطن نفسه وإهدار للجهد والطاقات.
وأضاف سموه أن من المستحقات للتطوير الشامل: التمويل.. لأن المطور لا يمكن أن يدخل في تجربة تحتاج إلى رأسمال كبير لا يضمن فيه البيع للكثير من الوحدات السكنية ما لم يكن هناك تمويل للمطور وكذلك تمويل للمواطن المشتري بما يُمكنه من دفع قيمة البناء على أقساط شهرية وسنوية، ومثل هذه الأقساط تساعد كل المواطنين بمختلف شرائحهم من تملك مسكن يتناسب مع دخله ومستوى عالٍ من الجودة، أضف إلى ذلك ما يعنيه تملك المسكن للمواطن من استقرار اجتماعي واقتصادي ووظيفي.
وأوضح سموه أن الأمانة من خلال الشراكة مع شركات التطوير العقاري عموماً والإسكاني بشكل خاص تسعى لرفع جودة تلك المنتجات العقارية لتصبح ذات عمر افتراضي أكبر مما يجعلها قاعدة صلبة لتطبيق أكثر الأنظمة فعالية في التمويل العقاري والإسكاني كنظام الرهن العقاري وأنظمة المرابحة وعقود الإيجار المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية والتي في حال تطبيقها ستدفع بالقطاع العقاري إلى الأمام خطوات كبيرة ثابتة بما يؤصل لحياة اجتماعية أفضل ونهضة اقتصادية أكبر وبيئة صحية أنقى.
واختتم سموه بالنظر لما قدمته وتقدمه الدولة من دعم للمواطنين في مساكنهم من خلال منح الأراضي ومن خلال برنامج صندوق التنمية العقارية مقروناً كذلك بمعرفتنا بالهرم السكاني للمملكة، وما يمثل أعداد الشباب وصغير السن من نسبة كبيرة في المجتمع.. فإن الحاجة أصبحت ضرورة لمراجعة وضع الإسكان في المملكة بكل عناصره ويبرز التطوير الشامل كإحدى حلقات الحل لكثير من المشكلات وهو أي التطوير الشامل بمثابة المستقبل للإسكان، ومن مستحقاته الأساسية التمويل كنقطة انطلاق وتدشين من خلالها يتحقق (مسكن لكل مواطن)، مع ضرورة مراعاة عدم اقتصار برنامج التمويل على حماية المقرض والممول بل يشمل حماية حقوق المواطن المقترض، وذلك بضمان حصوله على مسكن ذي جودة عالية تتزايد قيمته مع الوقت، مع الأخذ بعين الاعتبار تقليل التكاليف المتوقعة للتشغيل والصيانة، بهذا يصبح حلم (مسكن لكل مواطن) حقيقة.
من جانبه أشاد محافظ مؤسسة التقاعد الأستاذ محمد الخراشي بالجهود التي تقوم بها الدولة والقطاع الخاص لتطوير الاستثمار العقاري في المملكة والتغلب على التحديات التي تواجهه ولعل من أهم الجهود التي تقوم بها الدولة دعم مخصصات الصندوق العقاري ودراسة نظام الرهن العقاري الذي من المتوقع أن يصدر قريباً بإذن الله كما أن القطاع الخاص له جهود عظيمة من خلال تبني برامج تمويل المساكن وبيعها بأقساط ميسرة، كما أن خطط التنمية السابعة والثامنة تشير إلى تحقيق نمو سنوي متزايد بالنسبة لقطاع البناء والتشييد.
وأضاف الخراشي تشير التوقعات الحكومية إلى أن السعودية تحتاج في إطار التنمية المستقبلية إلى مبلغ (900) بليون دولار خلال العشرين سنة القادمة. ويشتمل ذلك على مبلغ (290) بليون دولار في مجال تطوير العقارات السكنية.
ولعلنا نركز في هذا المقام على الطلب على المساكن ومن أهم العوامل المؤثرة في تنامي الطلب على المساكن هو تناقص الأراضي الصالحة للسكن وارتفاع كلفتها، كما أن المقدرة على التمويل أصبحت محدودة مما سيؤدي إلى زيادة الاتجاهات التالية:
- زيادة قبول الشقق والمنازل على شكل صفوف والدبلكسات.
- الرغبة في المساكن المشيدة بأعداد كبيرة.
- الطلب على مشاريع مساكن أكثر فعالية من حيث التكلفة وفوق كل ذلك من حيث التمويل.
ومما سبق يتضح لنا أن الطلب على المساكن في المملكة سينمو بقوة وسيستمر في المستقبل.
وأوضح يوسف الشلاش رئيس محلي إدارة شركة دار الأركان الجهة المنظمة للمؤتمر أن دار الأركان استعرضت الفرص الاستثمارية المتاحة والأخطار المحتملة من خلال دراسات علمية حديثة وشاملة فوجدنا أن السوق السعودية تغص بالفرص الاستثمارية الكبرى، ولكنها كذلك تغص بالصعوبات المحتملة التي قد تجعل من اغتنام تلك الفرص أمراً عسير المنال.
وأشار الشلاش إلى أن العوائق الاستثمارية في القطاع العقاري الإسكاني تمثلت في ثلاثة محاور رئيسية، ندرة الشركات الكبرى العاملة في مجال التطوير الإسكاني الحقيقي، وشح آليات التمويل الإسكاني (تمويل المشروعات الإسكانية، تمويل شراء الوحدات الإسكانية)، وعدم اكتمال البنية التشريعية والإجرائية وما ترتب على ذلك من غياب لبعض المتعاملين في السوق العقارية الإسكانية.
وأضاف الشلاش أن ندرة الشركات العقارية الإسكانية الكبرى ما هو إلا محصلة طبيعية لشح آليات التمويل التي تضعف قدرات شركات التطوير الإسكاني الإنتاجية من ناحية، كما أنها أيضاً تمنع تحول الحاجة إلى طلب من ناحية أخرى، ولا شك أن شح آليات التمويل ما هو إلا محصلة طبيعية للنقص في البنية التشريعية والتنظيمية والإجرائية، ولذلك ركزت دار الأركان جهودها في تلمس كيفية استكمال البنية التشريعية والإجرائية ومعالجة الشح في آليات التمويل باعتبار أن ندرة الشركات نتيجة طبيعية لهذين السببين.