إن فكرة إنشاء هيئة عامة للاستثمار، لم يكن المقصود من ذلك أن يكون لدينا إدارة حكومية تُقدم ما يُسمى بالخدمة الشاملة، أي أن يكون هناك فروع للإدارات الحكومية تحت مظلة واحدة فحسب، خدمة للمستثمر الراغب في الاستثمار في بلادنا، تذليلاً لصعاب قد يواجهها في أكثر من قطاع حكومي، سواء على مستوى التّنقلات من قطاع إلى آخر، أو انعدامية توافر المكننة اللازمة لسرعة إنهاء الإجراءات، أو حتى ندرة توافر كفاءات بشرية مهيأة خصوصاً لخدمة هذا أو ذاك المستثمر، سواء كان مواطناً أو وافداً، وصحيح أن إحدى قنوات العمل داخل هذه الهيئة، هي توافر مثل هذه الأنماط الخدمية، لكنها ليست المبتغى كلية، فذاك جزء من شيء كبير، فالدور الأسمى والأكبر لهذه الهيئة هو تبني الأفكار ورسم الخطط والشروع في تطبيق ما هو أفضل لإنجاح اقتصاديات البلاد المتاح منها وما هو مفترض أن يُتاح، من خلال بناء قواعد رصينة ذات مرونة مطلقة، وخير دليل على ذلك تكليف الهيئة بالإشراف العام على أعمال وأنشطة المدن الاقتصادية، التي شرعت الحكومة مؤخراً في إنشائها والبدء في ممارسة أعمالها تحقيقاً لأهداف وطنية مبتغاة، إلى العديد من الأهداف المتوخاة من هذه الهيئة التي لا تزال وليدة في عطائها، لقصر أمد عمرها الزمني، مع تقديرنا البالغ بما قامت وتقوم به، وهنا نتمنى بل نطمح أن يتأتى في بلادنا الواعدة، هيئة جديدة تختص في الإشراف على الاستثمارات الحكومية، على غرار ما تقوم به الهيئة العامة للاستثمار من دفع حقيقي لعجلة أنشطة البلاد الاقتصادية تجاه المشاريع وأنشطة القطاع الخاص، فبلادنا ولله الحمد تُعد ذات طابع نوعي في توافر الخيرات، سواء مما حباه الإله بوجود الحرمين الشريفين، وظهور الذهب الأسود (النفط) بكميات كبيرة، إلى العديد من الثروات التي نأمل أن يكون لها استثمار أمثل يحقق لنا عوائد مجزية، ويخفف علينا بعد الاتكال على الله عز وجل الاتكال المطلق نحو الموارد البترولية بنسبة كبيرة، وإن كنا نعيش طفرة اقتصادية كبيرة في مجال البتروكيماويات، فلا بد من التفكير الكبير في البحث عن الأوسع والأفضل، فنحن نمتلك أراضي خصبة للصناعة، وأراضي خصبة للسياحة سعياً للحد من الهجرة السنوية للسياحة خارج الوطن، وأراضي خصبة للزراعة، ومجالات متعددة شاملة بالإمكان جعلها أحد روافد النمو المتأمل لدعم الإنتاج المحلي والدخل القومي، ولهذا نحن في حاجة ملحة لأن نُنشئ هيئة عامة حكومية للاستثمارات الحكومية، سعياً إلى تنشيط الموارد العامة للدولة وتحقيق مكتسبات هي متاحة وتحتاج إلى توظيفها التوظيف الأمثل.

(*) كاتب اقتصادي

ناسوخ 2697771-01