Al Jazirah NewsPaper Tuesday  16/01/2007 G Issue 12528
الاقتصادية
الثلاثاء 27 ذو الحجة 1427   العدد  12528
لائحة صناديق الاستثمار 3-3
فضل بن سعد البوعينين

نكمل من حيث انتهينا في الأمس، ونبدأ بـ (الإفصاح) الذي أحاطت به اللائحة من جميع جوانبه، خصوصا فيما يتعلق بالمعلومات التي (تساعد المستثمرين على اتخاذ قرار سليم ومدروس بخصوص الاستثمار (المقترح). ونصت المادة 12 على تقديم التقارير لمالكي الوحدات كل ثلاثة أشهر، ونشر معلومات أسبوعية عن الصندوق من خلال السوق، وهو المتبع حاليا، والالتزام بتقديم القوائم المالية المراجعة لمالكي الوحدات عند الطلب وإتاحتها للجمهور.

وفيما يتعلق بإعلانات الصندوق فقد شددت المادة 14 على وجوب أن تحتوي إعلانات الأداء على معلومات العائد الكلي للصندوق، وفي هذا إيضاح تام للمستثمر الحالي والمستثمر المتوقع. كما نصت المادة أيضا على عدم جواز الإعلان عن العائد الكلي المتوقع مع إستثناء الصناديق مضمونة رأس المال، أو (عن تجربة مالكي الوحدات الفعليين أو المفترضين في الصندوق)، ولعل اللائحة أرادت أن تبعد المستثمرين عن إعلانات الغرر المبنية على الغيبيات، واحتمالية عدم تحقيق الأرباح نفسها مستقبلا؛ وهو أمر كان مألوف لدى مديري الصناديق خلال طفرة الأسهم التي انتهت في شهر فبراير من العام الماضي!!!

أفردت اللائحة بابا كاملا لمدير الصندوق، ولعله يكون أحد أهم الأبواب على الإطلاق لما له من تأثير كبير على السوق والمستثمرين (المشتركين). فقد نصت المادة 18 على أنه (يجب على مدير الصندوق أن يعمل لمصلحة مالكي الوحدات) وأشارت أيضا إلى أن مسؤوليات الأمانة التي تقع على عاتق مدير الصندوق تتضمن(واجب الإخلاص والاهتمام وبذل الحرص المعقول)، وأنه يجب على مدير الصندوق أن يلتزم (بتنفيذ إجراءات الاستثمار لمصلحة مالكي الوحدات وحدهم ودون غيرهم استنادا إلى الحقائق والظروف التي يطلع عليها، أو التي يجب عليه الاطلاع عليها). هذه واحدة من أهم المواد الشاملة في هذا الباب، وهي المادة التي ربما تحد، قانونيا، من بعض التجاوزات التي تحدث عنها كثير من المستثمرين في الأشهر الماضية، خصوصا فيما يتعلق بتعظيم المحفظة(العمولات) وإن تعارض ذلك مع مصلحة العميل، أو تقديم مصالح أطراف أخرى على مصلحة المشتركين!!. كنت أتمنى لو لم تتم إضافة كلمة (المعقول) إلى الفقرة (ب) من المادة18، على أساس أن هذه الكلمة ربما أضعفت قوة تعابير (الإخلاص والاهتمام والحرص).

ومن شروط الإخلاص البعد عن (تضارب المصالح)، لذا شددت المادة 19 على أنه لا يجوز لمدير الصندوق، أو المدير من الباطن ممارسة عمل ينطوي على (أي تضارب جوهري بين مصلحته، (أو مصلحة المدير من الباطن)، ومصلحة أي صندوق استثمار يديره)، أو (مصلحة الصندوق ومصلحة أي صندوق استثمار آخر يديره أو مصلحة حساب عميل). ولعل هذه الفقرات بالذات يمكن إسقاطها على بعض الأحداث التي جرت وقائعها في العام 2006!!

احتفظت الهيئة، في هذا الباب، بحق تعيين مصف أو مدير بديل للصندوق وفق حالات خاصة منها: في حالة إحداث مدير الصندوق لمخالفة جوهرية للائحة الاستثمار أو النظام. وإن كان من ملاحظة على المادة 22 فهي ما يتعلق بأتعاب المصفي أو المصاريف التي يجب أن تكون (معقولة) كما جاء في الفقرة د/ 4. فالمصاريف المعقولة يختلف تحديدها باختلاف الأشخاص، والمحافظ، وغيرها، لذا كنت أتمنى لو أنها حددت بسقف أعلى، كأن يقال: (أن لا تتجاوز ....) على سبيل المثال.

ومن القيود التي وضعت على مدير الصندوق، أنه لا يجوز له(استثمار أصول الصندوق في أوراق مالية صادرة عن مدير الصندوق المؤسس لصندوق الاستثمار) مع إستثناءات محددة. وما لفت نظري في هذه الفقرة بالذات ما حدث من بعض البنوك التي أقرضت عملاءها من أجل إعادة استثمار القرض في صندوق الاستثمار الذي يديره البنك نفسه!!!، وهي الحالة المقلوبة لهذه المادة (إعتمادا على روح المادة لا نَصها!)!!؛ كما أنه لا يجوز لمدير الصندوق، وتابعيه جميعا، (التصرف كأصيل لحسابه الخاص عند التعامل مع صناديق الاستثمار التي يديرها) مع استثناء صندوق أسواق النقد(الودائع) وفق شرط نسبة التعامل. ومن القيود أيضا عدم السماح لموظفي أو مسؤولي مدير الصندوق (العمل كأعضاء مجلس إدارة أو تولي أي منصب في شركة أو جهة أخرى تشكل لأوراقها المالية جزءا من أصول أي صندوق استثمار يديره مدير الصندوق) ويجري المنع على أعضاء الصندوق المستقلين أيضا. وفي هذه المادة الكثير من الفائدة على مستوى الصندوق، المشتركين، والشركات أيضا خصوصا فيما يتعلق بفصل الصلاحيات منعا لتضارب المصالح، أو الاستغلال من الداخل.

الباب السادس من اللائحة أفرد لـ (الإشراف على الصندوق) وهو الباب الذي أدخل شؤون إدارة الصناديق في العمل المؤسساتي من خلال إسناد عمليات الإشراف على الصناديق إلى مجالس إدارات معينة، ومصادق عليها من قبل هيئة السوق المالية. وقد نصت المادة 29 على أنه(يجب أن يكون ثلث أعضاء مجلس إدارة الصندوق، على الأقل، أعضاء مستقلين، وفي جميع الأحوال يجب ألا يقل عدد الأعضاء المستقلين عن عضوين). ثم حددت المادة 30 مسؤوليات أعضاء مجلس إدارة الصندوق، وما لفت نظري في المسؤوليات المحددة، تلك الفقرة الخاصة بـاجتماع مجلس الإدارة مرتين سنويا على الأقل مع (مسؤول المطابقة والالتزام لدى مدير الصندوق و(أو) لجنة المطابقة والالتزام ومسؤول التبليغ عن غسيل الأموال وتمويل الإرهاب لديه). وهذه من النقاط الحساسة جدا، والمهمة التي نجحت هيئة السوق المالية في تضمينها لائحة الصناديق.

في الباب السابع الخاص بـ (إدارة الصندوق) يمكن أن نركز على المادة 38 المتعلقة بـ (سياسات وممارسات الاستثمار) والتي جاء في بعض فقراتها (يجب أن تكون قرارات الاستثمار التي يتخذها مدير الصندوق منسجمة مع ممارسات الاستثمار الجيدة والحكيمة التي تحقق الأهداف الاستثمارية للصندوق) وهذا ما ننتظره من إدارات الصناديق التي أثبتت الأيام الماضية عدم توفر هذا الشرط فيها عطفا على الأداء السنوي للعام 2006 مقارنة بأداء السوق. الفقرة (ج) ركزت على الأمور الشرعية في الصناديق التي تعمل وفق مباديء الشريعة، والتي تهم غالبية المستثمرين في السوق السعودية؛ نصت المادة على أنه (يجب على مدير صندوق الاستثمار الذي يعمل وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية التأكد بشكل دوري من التزام جميع استثمارات الصندوق بالمعايير المتبعة في تقرير أهلية الاستثمارات وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية. ويجب على مدير الصندوق تبليغ مجلس إدارة الصندوق في الاجتماع المقرر التالي بأي مخالفات جوهرية). كنت أتمنى لو توسعت اللائحة في هذا الجانب بالذات لما يمثله من أهمية لدى غالبية المستثمرين السعوديين، إضافة إلى ما قد يترتب على التشريعات ذات العلاقة بالمنتجات الإسلامية من تشعبات كثيرة ربما إحتاجت إلى المزيد من المواد الخاصة بها.

حددت اللائحة في الباب الثامن (فئات صناديق الاستثمار) بالصناديق المستثمرة في صناديق أجنبية، صناديق الاستثمار المتخصصة، الصناديق القابضة، وصناديق أسواق النقد.أما الباب التاسع(طرح الوحدات واستردادها) فننتقي منه المادة 49 الخاصة باستخدام أموال مدير الصندوق لتمويل عمليات الاسترداد، والتي جاء فيها: (إذا كانت الأموال المتوافرة في حساب صندوق الاستثمار غير كافية لتغطية طلبات الاسترداد، يجوز لمدير الصندوق استخدام موارده الخاصة أو موارد أي تابع له لتغطية هذه الطلبات). ومن إيجابيات هذه المادة إعطاء مدير الصندوق الحق في طلب التمويل في حالة عدم توفر النقد من أجل المحافظة على أصول الصندوق، خصوصا في الأزمات، كأزمة انهيار السوق على فرضية أن القادم القريب سيكون أفضل من ناحية تقييم الأصول. ومن سلبياته أنها ربما ضاعفت من خسائر الصندوق في حالة تدهور الأوضاع وخروجها عن التوقعات الاستثمارية الحصيفة.

المادة 52 نصت على أن (تكون هذه اللائحة نافذة من تاريخ نشرها) والنفاذ لا يعني الكثير من أمر اللائحة، إنما التفعيل الدقيق لكل ما جاء فيها هو الأهم بالنسبة للسوق والمستثمرين. قد تجتهد الجهات الرقابية في التأكد من تطبيق المواد الإجرائية بحذافيرها، وما نتمناه على الهيئة التأكد من تفعيل المواد ذات العلاقة بالرقابة والإشراف على الأداء والعمليات الاستثمارية، وكل ما يتعلق بها من شؤون خاصة ربما فاقت في حجمها قدرة المستثمرين على التعامل معها، أو المطالبة بحقوقهم اعتمادا على مواد اللائحة.

كل الشكر نقدمه لهيئة السوق المالية على سعيها الحثيث الهادف إلى استكمال منظومة التشريعات الخاصة بالسوق المالية، ومن ضمنها (لائحة صناديق الاستثمار) التي كشفت بحق عن العمل الاحترافي المميز الذي قامت به الهيئة ممثلة في فريق العمل الذي أبدع في الإحاطة بغالبية الجوانب ذات العلاقة بصناديق الاستثمار.

f.albuainain@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد