وتثاقلت لتقول: عند العاشرة |
قال المطار لها: تقوم الطائرة |
وأعاد: بالتحديد؟ فابتسمت: نعم |
تأكيد (جدة) هكذا للقاهرة |
ونلحظ أن مشاركته في الحوار قصيرة جداً، ومضطربة جداً، بينما هي تتثاقل في كلامها، مترقبة أن يقول شيئاً، تطمئن به على مشاعره تجاهها تتزود به لأيام الفراق القادمة، ولكنه لم يقل شيئاً ذا بال، بل عبر عن حبه عملياً بالتبكير إلى موعد الطائرة:
|
وجرى إلى الميعاد يسبق خطوه |
متنبهاً للوعد عيناً ساهره |
فتلاقيا، وسرى الحديث منمنما |
وكأنه ألق النجوم السائره |
وشاء الله للطائرة أن تتأخر ليطول بهما هذا اللقاء وذلك قرابة عشر ساعات، وحدث ما كدر اللقاء، وعكر الصفاء، وهرج الجمع ومرج بفعل فاعل فمات من مات ونجا من نجا:
|
وتقضت الساعات حتى السابعة |
ليلاً، وعندهما ثوانٍ عابرة |
والركب حول المايتين عجيجه |
وضجيجة، وكأنهم في الآخرة |
فتعطل الجمع المغير |
وأي أذن تسمعه |
ودموع من يبكي التفَّرُّقَ |
ساخناتٌ تلذعه |
أما هما فإنهما لم يدريا ماذا حدث فقد فقدا الحياة، ولم يشعر بهما أحد، ثم يختم الشاعر قصيدته بتمنيه إيقاع العقاب بمن يرتكب أذى الناس، ويكون سبباً في إلحاق البلاء بالآخرين، والإضرار بالخلق:
|
إلا هما فهما اللذان |
تراقصا فوق البشر |
لا يدريان عن البلا |
ء كأنه صَخُّ القدر |
كم مِن مريض أنّ |
لما سمه وقع الخطر |
ومخدراتٍ ضقن بالوع |
ثاء من قبل السفر |
فلك المصائب في سواهم |
عندهم أحلى السمر |
ليت الذي آذى وأهمل |
واجدا من يردعه |
فعقاب فرد في سبيل الكل |
ذكرى تنفعه |
هكذا تنتهي هذه المأساة بموت البطلين، ولكن في إيقاعات سريعة: لقاء بغرض التوديع بسبب السفر المفاجئ - تحديد لموعد السفر - مسارعة لحضور الموعد - تأخر موعد السفر - حصول ما حصل - وتحول فرحة اللقاء إلى حوصلات فناء - هذا كل ما أفرزته الطائرة في ذاكرة الشاعر ومخيلاته، وهذا كل ما استطاعت أن تسهم به في تشكيل صوره، وإدرار شاعريته، فهو لا يعيش حالة انبهار من الطائرة، ولا تدهشه منجزاتها من تقريب بعيد، أو إبعاد قريب، أو هو الذي لا يريد أن يتعامل مع هذا الجانب منها، بل يكتفي هنا أن تكون الطائرة وسيلة تحفيز على اللقاء، وشباكاً من أشابيك الفناء.. هكذا أراد شاعرنا الضياء، فكان له ما أراد.. غير أن شاعريته كانت تعيش حالة انطفاء.
|
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS |
تبدأ برقم الكاتب«5463» ثم أرسلها إلى الكود 82244 |
|