أحداث درامية حدثت في السوق السعودية يوم أمس جراء قرار هيئة السوق المالية تعليق سهم بيشة عن التداول والنظر في مستقبل وجود السهم في السوق، في إعلان يعد الأول من نوعه لهيئة السوق ألقى بظلاله السلبية على كتلة السوق، وعلى أسهم المضاربة المتعثرة ماليا على وجه الخصوصملاك بيشة وضعوا أيديهم على قلوبهم في ترقب لما سيخلف هذا الإعلان غير المألوف من أحداث، وتسمروا أمام شاشات التداول والمنتديات الاقتصادية والقنوات التلفزيونية المهتمة بتغطية السوق السعودية منتظرين أي خبر أو معلومة جديدة تفيدهم أو تطمئنهم بصيص من الأمل لاح عند الساعة الرابعة عصرا لملاك بيشة عندما استضافت قناة العربية رئيس مجلس إدارة الشركة الأستاذ (نجم الدين أحمد ظافر) الذي رد على تساؤلات المذيعة بقوله: النظام واضح ونحن لا نحيد عنه، سوف ندعو إلى عقد جمعية غير عادية لمناقشة وضع الشركة، وتبيين أن الخسائر ليست في رأسمالها، بل إنها أتت من المحفظة الاستثمارية، وسنناقش مسألة حل أو استمرار الشركة بدعمها ماليا عن طريق رفع رأس المال الذي يعتبر ضروريا لبقاء الشركة.مالكو أسهم بيشة ما زالوا في حيرة وقلق، ويترقبون الغد على أحر من الجمر، لعل في الغد جذوة يستنيرون بها وسط الأحداث المظلمة من جانب آخر شهدت تداولات الأمس موجة بيع عنيفة وتكدسا للعروض على النسب الدنيا دون طلبات على الشركات المتعثرة والقريبة في أوضاعها المالية من شركة بيشة، في خطوة وصفت بالهروب من أسهم الشركات الخاسرة خشية أن يكون مصيرها مماثلا لبيشة، وخوفا من أن يكون تعليق هيئة السوق المالية لسهم بيشة أولى الصفحات المفتوحة في ملف محاسبة الشركات الخاسرة.وقد أصدر مجلس إدارة هيئة السوق المالية قراراً يتضمن تعليق تداول أسهم شركة بيشة للتنمية الزراعية في السوق المالية السعودية (تداول) ابتداء من أمس السبت.وأوضحت الهيئة أن قرار التعليق صدر بسبب بلوغ خسائر شركة بيشة للتنمية الزراعية في قوائمها المالية الصادرة في يوم الأربعاء 20- 12-1427هـ الموافق 10-1-2007م نسبة كبيرة من رأس المال مما يؤثر بصورة جوهرية على سلامة وضعها المالي، مشيرة إلى أن القرار سيستمر حتى زوال أسباب التعليق. وللوقوف على أثر تعليق سهم بيشة على سوق الأسهم استطلعت (الجزيرة) المحلل الاقتصادي والمالي الأستاذ فضل البوعينين الذي قال: يبدو أن السوق تسير وفق مخططات كبار المضاربين الذين استغلوا حالة التفاؤل الحذر مع بداية تعاملات السنة المالية الجديدة وبدؤوا في التخلص من أسهم المضاربة تحسبا لأي قرارات قد تُتخذ ضد الشركات الخاسرة في القريب العاجل.مضيفا: كنت أشرت إلى هذا الموضوع صراحة مع بداية تداولات الأسبوع الماضي، وها نحن نرى الواقع الحي الذي بلغته سوق الأسهم في تداولاته يوم أمس؛ فوضى عارمة بكل ما تعنيه الكلمة، انهيارات متتابعة، وتصرفات يقوم بها بعض كبار المضاربين، أكثر من 37 شركة تلامس نسبتها الدنيا خلال ساعات التداول!! ويقول الأستاذ فضل: (تصرفات عجيبة تحدث في بعض الأسهم التي شهدت خسائر تقدر بـ 20 في المائة خلال أقل من ساعة مترنحة بين ملامسة النسبة القصوى ثم الدنيا في سوق لا يحكمها قانون، ولا عرف متبع.مضيفا: (لا يمكن أن نعزو مثل هذه التصرفات للحالة النفسية التي ربما يعتقد البعض أنها حدثت بسبب قرار هيئة السوق المالية الذي نص على تعليق شركة بيشة الزراعية).يفترض أن تكون السوق أكبر من أن تتأثر بشركة صغيرة كشركة بيشة الزراعية، ولكن الأكيد أن السوق ما زالت تترنح منحدرة على خط سيرها وأن السوق أصبحت مرتهنة لإستراتيجية محددة لا يمكنها الفكاك منها مهما كانت الأسباب.وأعتقد أيضا أن (صناع السوق) لم ينتهوا بعد من تحديد القاع الأخير، لذا فهم يجتهدون لإخضاع السوق لموجات من الهبوط مع أي قرار يصدر من هيئة السوق المالية، أو نتيجة للتغيرات الاقتصادية والسياسية المحيطة.وأوضح قائلا: (أعتقد أن هيئة السوق قد اتخذت القرار المناسب حيال شركة بيشة الزراعية، وهي الشركة التي أثبتت قوائمها المالية خسارة ما يقرب من 70 في المائة من رأس المال، إضافة إلى مخالفتها الصريحة لقوانين الشفافية في قوائمها المالية السابقة ما أدى إلى إلحاق الضرر بالمستثمرين، ونتمنى من الهيئة أن تكمل هذا القرار بقرار آخر يتم بموجبه تحويل كل من له علاقة بقضية القوائم المالية إلى لجنة قانونية ومن ثم إلى القضاء، خصوصا وأننا نتحدث عن أموال المساهمين الذين لا حول لهم ولا قوة. كما أننا ننتظر من وزارة التجارة التدخل حيال ما جرى من استغلال لأموال المساهمين الذين تمت تصفية أسهمهم في المزاد دون علم أو إذن منهم.