من حين إلى آخر تشتد وتيرة التصريحات التخوينية بين رفقاء السلاح الفلسطيني التي كان آخرها ما تبادله كوادر وقادة فتح وحماس من تهديدات وتقاذف سياسي بعد التجمع الاحتفالي الحاشد لحركة فتح بمناسبة مرور 42 عاماً على تأسيس الحركة، وهو الأمر الذي بدأ يقترن باضطرابات وقلاقل أمنية في الشارع؛ مما يهدد بمزيد من الاحتقان والتشدد الحركي بين قطبي الساحة السياسية الفلسطينية، وسينعكس سلباً على قضية الشعب الفلسطيني ومسار استعادة حقوقه المسلوبة.
لقد بدأت ملامح الفوضى الأمنية والسياسية تطل بوجهها الكريه على الساحة الفلسطينية بشكل تراتبي، فمن اختطاف المراسلين الأجانب إلى استهداف الوزراء والمسؤولين وإشعال النار في المحلات التجارية إلى تبادل التهديدات والوعيد بين السياسيين الفلسطينيين، وهذا ما يجعل جميع العقلاء في الداخل الفلسطيني سواء من حركة فتح أو حماس أو بقية الفصائل الأخرى أمام مسؤولية تاريخية ووطنية تتمثل في وأد هذه الفتنة في مهدها قبل أن ترى النور وتتحول إلى واقع مأساوي جديد يضاف إلى مآسي الشعب الفلسطيني.
ولعل أهم القضايا التي تشكل النار تحت الرماد في الساحة الفلسطينية تتمثل في شرعنة السلاح تحت أسماء وقناعات احتكار المقاومة؛ فحركة حماس التي تترأس الحكومة الفلسطينية تتحكم وتسيطر على قوة تنفيذية يفوق عددها الـ12 ألف شخص مأدلجين وتابعين لقناعات الحركة وليس لفلسفة وانتماء الدولة أو القانون الجامع للمواطنين الفلسطينيين، وهذا ما يثير مخاوف انتقال عدوى الميليشيات من العراق إلى فلسطين، وخصوصاً في ظل التباين الأيديولوجي والسياسي بين حماس وفتح الذي وصل إلى حدّ تبادل التهديدات باستهداف القيادات بين الحركتين في مؤشر واضح وخطير على تأزم المرحلة الحالية وخطورتها، وهي إن لم تجد من يمسك بعنانها ويلجم جماح تصريحات وأفعال أبطالها المجهولين والمعروفين فسوف تتحول الساحة الفلسطينية إلى مسرح للتدخلات الخارجية التي إن تسرَّبت عدواها إلى الفلسطينيين فلن يجنوا منها سوى صورة مكررة من الوضع العراقي بدمويته وقتله والتدخلات الخارجية التي تعبث بأمنه وتركيبته الاجتماعية لخدمة مصالحها الخاصة التي ستضيع في متاهاتها حقوق الشعب الفلسطيني، ولن يكون المستفيد منها سوى الباحثين عن مسارح وميادين لتصفية حساباتهم مع بعض الأطراف الدولية وتثبيت قناعاتهم الأيديولوجية والراديكالية.