أكد الدكتور عبد العزيز محمد بن سليمان المشاري المدير العام لشركة أسمنت تبوك ل(الجزيرة) على أن الشركة ستضخ أكثر من 1.5 مليار ريال كاستثمارات جديدة لإنشاء مصنع لألواح الجبس وخط جديد لإنتاج الأسمنت الكلنكر، وتوقع أن تصل أرباح الشركة خلال العام الماضي 2006م أكثر من 210 مليون ريال مقابل 155 مليون ريال عام 2005م.
وقال المشاري: إن مصنع الجبس الجديد ستبلغ طاقته الإنتاجية 13.5 مليون متر مربع سنوياً، أما خط إنتاج الأسمنت الجديد فسيصل إنتاجه إلى 5000 طن يومياً متوقعاً أن يبدأ إنتاج المشروعين الجديدين خلال عام 2008م.
وذكر أن الشركة أنشأت مركزاً لتدريب الشباب السعودي وتأهيلهم للعمل في مشروعاتها الجديدة وتوظيفهم في المصنع القائم وقد بلغت نسبة السعودة في الشركة أكثر من 42%.
وألمح د. المشاري إلى أن نسبة النمو في استهلاك الأسمنت بمنطقة تبوك ارتفعت عام 2006م بنسبة 237% مقارنة بعام 2000 وهي تعد أكبر نسبة نمو في استهلاك الأسمنت في المملكة.
التراخيص الجديدة
أوضح أن إجمالي عدد التراخيص الجديدة لإنشاء مصانع للأسمنت في المملكة بلغت أكثر من 27 وقال ليس صعباً أن تقوم تلك الشركات أو المصانع الجديدة وليس هناك أي مخاوف من قيامها إذا نظرنا لها من منظور تكافؤ الفرص، في حيت اختلاف نجاح كل شركة عن الأخرى من حيث قدرتها على تخفيض تكاليف الإنتاج، إضافة إلى ميزة موقعها تنافسياً من حيث قربها من موانئ التصدير، أو كونها في منطقة ذات قدرة استهلاكية عالية فهذا يختلف من شركة إلى أخرى، ومما حدا بالعديد من المستثمرين لاتخاذ مثل تلك القرارات هو ما تحققه صناعة الأسمنت من أرباح عالية وكذلك باعتبار أن هذه الصناعة من الصناعات المستقرة ذات البعد الإستراتيجي، كما أن توفر المواد الخام الخاصة بهذه الصناعة في المملكة أدى إلى مزيد من هذه الاستثمارات، إضافة إلى التطور اللافت في تكنولوجيا صناعة الأسمنت التي أصبحت تدار بأقل التكاليف وبأعلى المواصفات. كما أن المنافسة في الأسواق العالمية احتدمت بقوة خصوصاً إذا عرفنا أن تكلفة تشغيل هذه المصانع تزيد عن (3.000 مليون ريال) هذا إذا افترضنا أن المتوسط هو 150 مليون ريال لعشرين مصنعاً ونصيب الأسد منها يذهب لقطع الغيار وأعمال الصيانة مما يستدعي وجود هيئة أو اتحاد خاص بتلك الشركات للتنسيق فيما بينها لتوحيد عمليات الشراء والتسويق والصيانة، كلما أمكن ذلك بناءً على احتياجات السوق المحلي أو التصدير والاستفادة من صندوق دعم الصادرات.
ودعا إلى إنشاء تلك الهيئة والاتحاد ولكل من يرغب في الانضمام إلى هذه الهيئة أو الاتحاد ليشارك في عمل النظام والهيكل الخاص بها وذلك لتفعيل دورها لخدمة هذا القطاع المهم من الصناعة.
التطور
وأوضح المشاري أن صناعة الأسمنت في المملكة بدأت عام 1959م بمصنع واحد في مدينة جدة بطاقة إنتاجية قدرها 100 ألف طن ثم تطورت لتصل إلى أكثر من عشرة مصانع منتجة موزعة على مناطق المملكة، وتطور كذلك استهلاك الأسمنت في المملكة العربية السعودية تطوراً ملحوظاً في تلك الفترة ففي عام 1970م بلغ 1.1 مليون طن واستمر بالزيادة ليصل إلى 11.4 مليون طن عام 1990، وفي عام 2000م بلغ 15.6 مليون طن، بينما وصل في عام 2005م إلى أكثر من 23.5 مليون طن. وقد انعكس انتعاش صناعة وتجارة الأسمنت في المملكة إيجاباً على دخول تلك الشركات وزيادة الطلب المحلي مما كان سبباً رئيسياً لرفع الطاقة الإنتاجية لتلك الشركات لتتجاوز الطاقة التصميمية لإنتاج الكلنكر في المملكة 25 مليون طن عام 2005م، كان له كبير الأثر في نمو الربحية لتلك الشركات وزيادة دخلها وبالتالي الوفاء بالتزاماتها من تسديد القروض وتوزيع الأرباح وتطوير خططها الإنتاجية.
الإيجابيات
وقال: إن نمو هذه الصناعة
يساهم في توطين رؤوس الأموال الوطنية، وإتاحة الفرص الوظيفية للمواطنين خاصة أن المصنع الواحد يستوعب ما بين 350 - 500 عامل وذلك حسب نوعية التكنولوجيا المستخدمة والطاقة الإنتاجية للمصنع وحدوث نوع الاكتفاء الذاتي من مادة البناء الأساسية لدعم المشاريع القائمة أو التي أعلنت عنها الدولة وعلى رأسها المدن الاقتصادية الجديدة وتطوير سكك الحديد والصناعات الثقيلة، وغيرها من المشاريع الأخرى، وكذلك للمدن السكنية المقترح إنشاؤها التي اعتمدت مؤخراً وكذلك سهولة الحصول على الأسمنت بأسعار معقولة وواقعية، ومثالاً لذلك في السابق قبل إنشاء مصنع أسمنت تبوك كان المستهلك في المنطقة يتحمل أعباء النقل التي تتراوح ما بين 3- 4 ريالات للطن إضافة للسعر الأساسي للمنتج وذلك مقابل نقل الأسمنت من المصانع المجاورة إلى منطقة تبوك بالإضافة إلى تصدير الأسمنت لدعم الدخل المحلي.
السلبيات
وقال أما الجانب السلبي الذي قد
يراه البعض هو استنزاف المواد الخام من حقوق الأجيال القادمة إضافة إلى التأثير البيئي، أن المواد الخام الموجودة التي تستخدم في صناعة الأسمنت حالياً ومستقبلاً التي تصل احتياطياتها ما بين 80 - 100 عام قادمة بإذن الله، قد تتغير نوعيتها ونسب المواد المستخدمة بها، وما نعنيه هو أن هناك تطوراً مستمراً وتطويراً لتلك الصناعة أسوة بغيرها من الصناعات الأخرى، أما الجانب الخاص بالبيئة فأعتقد أن ما توصل إليه العلم حالياً في هذا المجال جيد ويعمل به في المصانع ضمن نسب مسموح بها خصوصاً أن المصانع الجديدة معظمها مصمم بتكنولوجيا متطورة للحفاظ على البيئة أسوة بالصناعات القائمة كصناعة الكيماويات والبترول وغيرها.
إمكانية إنشاء المصانع
وحول إمكانية قيام تلك المصانع التي حصلت على الترخيص من عدمه قال: لا أعتقد أن جميع تلك التراخيص التي تمت ستنفذ لأسباب منها:
أولاً: عدم توفر المواد الخام في بعض مناطق الامتياز أو قربه منها وقيام هذه المشاريع يعني زيادة كلفة المنتج.
ثانياً: كبر حجم رأس المال المستثمر في مثل تلك المشاريع.
ثالثاً: إنشاء بعض المصانع لا يكون ذا جدوى من الناحية الاقتصادية خصوصاً في المناطق التي يوجد بها فائض إنتاج يزيد عن حاجة تلك المنطقة التي سيقام بها المصنع.
أما بالنسبة لتضرر الاستثمارات في قطاع الأسمنت في حالة انخفاض الأسعار رصد د.المشاري الجوانب التالية:
أولاً: إن المملكة العربية السعودية بما أعلنته من سياستها الداخلية الجديدة والرامية إلى تطوير جميع النواحي ابتداءً من المدن الاقتصادية وشبكات الطرق والخدمات كلّها عوامل إيجابية لنجاح تلك الصناعة وتطورها ونموها.
ثانياً: إن الاستثمار في مجال صناعة الأسمنت لكونها من الصناعات ذات البعد الاستراتيجي وهي المادة الأولى في البناء والتشييد يعد عاملاً مهماً في الاكتفاء الذاتي وضمان استقرار الأسعار في البلاد بجانب أنها ليست من الصناعات عالية المخاطرة ولا يعني انخفاض السعر المحلي هو الخسارة والدليل على ذلك أن صناعة الأسمنت في المملكة مرت بأزمات سابقة تجاوزتها محققة أرباحاً كما أسلفت، كذلك بالإضافة إلى أن انخفاض السعر المحلي لمواد الأسمنت ينعكس بشكل إيجابي على زيادة نمو حركة البناء والإعمار والاستثمار في مثل تلك المشاريع وذلك من أهم سبل استمرار نجاح هذه الصناعة.
كما أن كل عام جديد يوافقه انخفاض في التكاليف كون التكاليف المتغيرة لكامل المعدات يتم احتساب إهلاكاتها محاسبياً وبالتالي تنخفض التكلفة ويكون انخفاض السعر يوافقه تكلفة منخفضة وبالتالي تحقيق هامش ربحي معقول.
أزمات الأسمنت
وبيّن أن صناعة الأسمنت مرت بأزمات في الماضي.. الأولى كانت في عام 86 - 87م وهو ما سمي بأزمة الإغراق، حيث استوردت شركات الأسمنت خلال تلك الأزمة كميات كبيرة من الأسمنت من البلدان المنتجة التي كانت بحاجة إلى العملة الصعبة وكان لديها فائض تبيعه بأسعار منخفضة عن أسعار تكلفته في السوق السعودي، ومما دعم دخول المنتج الأجنبي قيام شركات صناعة الأسمنت في المملكة آنذاك بالحصول على أرباح عالية كانت أحد الأسباب لدخول المنتج الأجنبي بالرغم من احتياج السوق المستمر الذي لم يكن بالإمكان تغطيته بالمنتج المحلي.
أما الأزمة الثانية كانت في عام 1998م وكان سببها هو زيادة المعروض من المنتج المحلي عن الطلب بسبب التوسعات في بعض الشركات التي قامت بطرح مقترحات لاحتواء الأزمة وإن كان أكثر تلك الاقتراحات أهمية في تلك الفترة ولم يؤخذ بعين الاعتبار، وهو (الاندماج) الذي نراه الحل الأكثر نجاحاً في مواجهة التكتلات الاقتصادية بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية لكي تقف شركات الأسمنت السعودية في مواجهة أي منافس عالمي ككتلة اقتصادية واحدة.
الأسعار
ووصف أسعار بيع الأسمنت في المملكة بأنها منخفضة مقارنة بأسعار بيع الأسمنت في الدول المجاورة التي بها مصانع للأسمنت خصوصاً إذا عرفنا أن أسعار استيراد الكلنكر والأسمنت في السنوات الثلاث الماضية قد ارتفع بأكثر من 50%، وكذلك تكاليف استغلال المواد الخام التي ارتفعت بنسبة 200% وهذه ليست دعوة لرفع الأسعار فأنا دائماً مع العقلانية والتوازن، ويرى أن ارتفاع الطلب على هذا المنتج أدى به إلى الارتفاع خاصة في ظل المشروعات الكبيرة التي تم اعتمادها مؤخراً.
الشركات الأجنبية
وقال: إن دخول بيوت الخبرة للسوق أمر مستحب وجيد ولكن المهم أن نكون نحن مهيئين لذلك من الناحية الفنية والتنظيمية ولدينا الوعي الكامل بأن دخول الاستثمارات الأجنبية عنصر دعم للاقتصاد الوطني، وحاجة صغار المستثمرين والذين ليس لديهم خبرة في شراء وبيع الأسهم أو القدرة على التحليل الفني وبالتالي فقدرتهم على الاستثمار تكون ضعيفة وخبرتهم العلمية والعملية لا تسعفهم لخوض غمار هذا الاستثمار وبالتالي يكونون معرضين للخسارة أكثر من الربح، لذلك فالأفضل لأولئك الاستثمار من خلال وسطاء ماليين يديرون دفة استثماراتهم بشكل علمي وبالطرق الصحيحة، بشرط أن تكون المنافسة شريفة بين الوطني والأجنبي، ولكن ما أخشاه هو أن يكون هناك اختلال في موازين القوى وبالتالي صاحب الخبرة هو المستفيد الوحيد.