الأخضر أو الأحمر... لونان سيختار مؤشر السوق السعودية ارتداء أحدهما عند الساعة الحادية عشرة من صباح هذا اليوم السبت معلناً بداية عام جديد لسوق الأسهم السعودية.
اليوم.. تعود الحياة من جديد لصالات التداول في البنوك، وتعود معها أنظار المتداولين والمستثمرين في سوق الأسهم لشاشات التداول بعد توقف دام تسعة أيام، وهي المدة التي حددتها هيئة السوق المالية إجازة للسوق السعودية بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
يبتدئ المستثمرون في السوق السعودية تعاملاتهم وتداولاتهم صبيحة هذا اليوم مفتتحين أول صفحات سنة 2007، وكلهم أمل أن تنسيهم هذه السنة مآسي وخسائر سنة 2006 المؤلمة.
جدير بالذكر أن موجة تصحيح عنيفة شهدتها أسواق المنطقة في عام 2006، شملت أسواق السعودية والكويت وقطر ودبي وأبوظبي، إلا أن خسائر السوق السعودية كانت الأكثر فداحة، حيث خسرت أكثر من 1.7 تريليون ريال من قيمتها السوقية.
وبنظرة سريعة موجزة لحركة مؤشر السوق السعودية خلال العشر السنوات الأخيرة نجد أنه كان بين عامي 1996 و2002 يتذبذب بحدود1000 نقطة ارتفاعاً أو نزولاً، وهو نطاق ضيق نوعاً ما، إلى أن بدأت الطفرة عام 2003 واستمرت إلى شهر فبراير من عام 2006 صعد خلالها المؤشر قرابة 18000 نقطة بمعدل ارتفاع سنوي قارب 90% وهو ارتفاع حاد جداً في منظور أسواق الأسهم والبورصة.
وبردة فعل عكسية لهذه الارتفاعات القوية والمتتالية، شهدت السوق السعودية من شهر فبراير الماضي موجة تصحيح قاسية أفقدت مؤشر السوق قرابة 13 ألف نقطة، وهو ما يعادل 64% من قيمته، وأنهت السوق عام 2006 تداولاتها عند النقطة 7933 .
آراء ومشاعر المستثمرين في السوق تباينت بين متشائم من وضع السوق ومتخوف من أن موجة التصحيح التي شهدتها السوق العام الماضي لم تنته بعد، وتعليل هذا التخوف والتشاؤم بوضع السوق الحالي، وفقدان الثقة وانطفاء بريق السوق الذي لمع بقوة في الأعوام السابقة وجذب أعدادا كبيرة من المستثمرين إليها، وأن سياسة تكثيف الطروحات الأولية وضخ الأسهم الجديدة إلى السوق تزيد في تشاؤمهم، وبين متفائل بانتهاء موجة التصحيح وعودة السوق لطفرتها التي شهدتها بين عامي 2003 و2006 نظراً لانخفاض الأسعار، ووصولها إلى أرقام تغري المستثمرين، بينما رأى آخرون أن العام الجديد سيكون مستقراً نوعاً ما، وهادئاً في ارتفاعه ونزوله، ومعيداً لسيناريو الأعوام التي سبقت طفرة 2003 عندما كان المؤشر يتذبذب ارتفاعاً ونزولاً في نطاق ضيق، ورأوا أن هذا الهدوء دائماً ما يصاحب أسواق الأسهم العالمية بعد الانهيارات، واتفقت آمال الجميع بأن يكون عام 2007 موسماً أخضر يعوض خسائر عام 2006 أو جزءاً منها.
السوق تتجه للنضج
(الجزيرة) تواجدت بالقرب من المتداولين واستطلعت آراءهم حول أحداث الأعوام الماضية، وتوقعاتهم للموسم الجديد، ورأى المستثمر (عصام بن فهد الخليفة) أن الأحداث القاسية التي مرت بها السوق العام الماضي كان لها فوائد ستنعكس مستقبلاً وقال: (الماضي على علاته وتأثيره السلبي الحالي له فوائد سنقطف ثمارها مستقبلاً، فالجميع يلاحظ زيادة الوعي الاستثماري لدى المتداولين، والجميع أيضاً عرف خطورة الشائعات والانسياق وراءها، أعتقد أن سوقنا تتجه إلى النضج في الأعوام القادمة) وأضاف: (إن الخبرة التي اكتسبها المتداولون خلال السنة الفائتة ستفيدهم لسنين طويلة).
وينظر المستثمر سلطان بن عبدالعزيز الفلاج إلى عام 2007 بتفاؤل ويقول: (الأسعار الحالية مغرية جداً، ومكررات الربح منخفضة على عكس الأعوام الماضية وهذا أمر يدعونا للتفاؤل بهذا العام... أعتقد أن موجة التصحيح تعيش مراحلها الأخيرة، أسواق مالية عالمية عديدة مرت بانهيارات شبيهة بما حدث لسوقنا وتعافت بعد ذلك، هذه هي طبيعة أسواق المال) ويوافقه المستثمر (صالح البراك) من ناحية إغراء الأسعار وانخفاضها ولكنه يضيف: (صحيح أن الأسعار وصلت لمراحل متدنية ومغرية، مما يجعلنا نتوقع دخول السيولة الذكية التي تبحث عن الفرص، ولكن طرح الاكتتابات الجديدة وتكثيفها قد يعيق السوق من الارتفاع نظراً لأنها تلتهم سيولة كبيرة، خصوصاً إن كانت الشركات التي ستنضم للسوق من الشركات الضخمة في رأس مالها كبنك الإنماء).
نمو الشركات
المستثمر (سليمان المحيميدي) تمنى نمواً للشركات وتحسناً في أوضاعها خلال هذه السنة وقال: (نمو أرباح الشركات هو ما يفيد اقتصاد الوطن ويساهم في عجلة التطور، لأن أسواق الأسهم تعتبر إحدى الواجهات الاقتصادية في جميع بلاد العالم، نمو كثير من الشركات كان رائعاً في السنوات الأخيرة وأتمنى مواصلة ذلك، ولكن من العيب أن نرى شركات ضخمة في السوق تعلن عن خسائر متتالية أو أرباحاً هزيلة) وأضاف: (أتمنى أن يفعل هذا العام نظام حوكمة الشركات وأن نرى نتائج ملموسة له) بينما يتوقع المستثمر (فهد بن محمد العريض) أن يكون عام 2007 عاماً هادئاً وقال: (من خلال خبرتي بالأسواق العالمية فإن السوق ستتجه للهدوء هذه السنة وهو هدوء تجميعي يتخلله بعض المضاربات، في نظري أن مرحلة الحدة في الارتفاع والنزول قد انتهت، وأحداث الماضي لن تسمح بذلك، هذه هي طبيعة الأسواق بعد انتهاء مراحل التصحيح).
ارتفاع السوق
من ناحية أخرى توقع الخبير الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة ارتفاع السوق هذا العام ارتفاعاً معقولاً، وقال: (الأوضاع الاقتصادية ممتازة، وكل العوامل المالية المؤثرة تساعد على ارتفاع السوق، ونهاية السنة المالية للشركات على الأبواب، وبالتالي اقتراب المنح والتوزيعات النقدية، ولكن الارتفاع سيكون تدريجياً لا مبالغة فيه؛ لأن المبالغة هي التي أوقعت السوق في التضخم وبالتالي وقع ما وقع من انهيار، وتوقع الدكتور سالم أن لا يتجاوز المؤشر نقطة الـ 10000 نقطة إلى نهاية العام.
وأخيراً فإن أنظار المتداولين جميعا ستتجه إلى شاشات التداول اليوم في حيرة وترقب لما تخفيه من مفاجآت، وكلها أمل بأن يعود ماضي الطفرة الأخضر الجميل، وخوف من الماضي الأحمر القريب.