نهاية كل عام تُعتبر فرصة لتقويم السياسات وبالتالي اتخاذ القرار بشأنها، ومع أن الأحداث في العراق تسوء من عام إلى آخر منذ احتلاله عام 2003م، إلاّ أن السياسات الأمريكية في هذا البلد المنكوب لا تتعدَّل ولا تتطوَّر، وكأن الإدارة الأمريكية غير مطلعة على مجريات الأحداث وتصاعُّد العنف في العراق.. بل إن هناك رغبة أمريكية في التورُّط أكثر فأكثر في العراق وبخاصة بعد الإعلان عن الإستراتيجية الجديدة للرئيس الأمريكي جورج بوش الذي تحدث عن نية مد قوات جيش الاحتلال الأمريكي في العراق بقرابة عشرين ألف جندي آخرين.
ولقد أغلق عام 2006 أبوابه بالإعلان عن مقتل ثلاثة آلاف جندي أمريكي، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الشعب الأمريكي، فخرج إلى الشوارع في مختلف الولايات الأمريكية احتجاجاً على احتلال جيش بلادهم للعراق دون بارقة أمل على أن الأوضاع ستتحسن، بل إنها تسوء وخصوصاً بعد التوقيت البالغ السوء لإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، والأجواء الانتقامية التي صاحبت إعدامه، مما أعطى انطباعاً قوياً عن أن من أعدمه ليست حكومة تقيم القانون وإنما ميليشيات طائفية تصفي حسابات سياسية بطريقة مملوءة بالضغينة المذهبية، حتى إن الأمل في المصالحة الوطنية العراقية تقلَّص إلى حد بعيد بعد إعدام صدام بالطريقة الانتقامية وفي يوم عيد، والتصريحات التي أدلى بها بعض الزعامات الذين يُفترض فيهم أنهم منخرطون في العملية السياسية، وأنهم يُراعون مشاعر مختلف الطوائف العراقية.
ووفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة فإنه في العراق يُقتل يومياً ما يقارب المائة وعشرين مدنياً، وبحسبة بسيطة فإن عدد القتلى سنوياً يتجاوز ثلاثة وأربعين ألف مدني.. هذا عدا عدد الجرحى، والتدمير الهائل في الممتلكات وإعادة العراق حضارياً إلى الخلف مئات السنين، ودون إشارة إلى أن هذا الكابوس سينتهي قريباً، حتى أصبح همّ العراقي أن يبقى على قيد الحياة، وألا يلحق بمن سبقه إلى القبر.. لا أحد يؤكد على وجه اليقين إلى أين ستؤول الأوضاع في العراق في العام 2007م؟.. وإن كان عام 2006 قد انتهى بحدث يُنبئ عن أوضاع مستقبلية أشد سوءاً وأكثر ظلامية مع الأسف الشديد.