العالم الإسلامي يملك طاقة بشرية كبيرة لا يمكن الاستهانة بها، وقد ظهرت هذه الطاقة في أبرز صورها في حدثين بالغي الأهمية تسببا في أزمة عالمية ظلت لأسابيع في العام الفائت.
فلقد غضب المسلمون في كل مكان ضد الصحف الدنماركية التي نشرت رسوماً مسيئةً لشخص النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخرجوا في مظاهرات احتجاجية وقاطعوا البضائع الدنماركية الأمر الذي كبد الدنمارك خسائر اقتصادية فادحة اضطرت الصحف إلى تقديم الاعتذار لحل الأزمة.
أما الحدث الآخر فهو: تصريحات البابا حول الإسلام وربطه الدين الحنيف بالإرهاب، مستشهداً بحوار عقيم بين إمبراطور بيزنطي ومفكرٍ فارسيٍّ قبل عدة قرون.. ولقد أغضبت تلك التصريحات المسلمين وبلغت الأزمة ذروتها حتى شعر البابا بالأسف لما أسماه الفهم الخاطئ لتصريحاته.
وعلى الرغم من أن الاحتجاجات تلك صاحبتها بعض التصرفات الطائشة كأحداث العنف في بعض البلدان، إلا أنّ الحدثين أثبتا في المقابل أن المسلمين يمتلكون قوة دفع إيجابية، وقدرة على تغيير مسار الأحداث لمصلحة دينهم وبلدانهم، وبالتالي لابد من استثمار هذه الطاقة من قبل قيادات العالم الإسلامي لتوجيهها التوجيه السليم البناء، وإلا تحولت هذه الطاقة إلى أداة هدامة تصيب المجتمعات الإسلامية قبل أيِّ مجتمعٍ آخر.
ويتضح من عام 2006 أنّ هذه الطاقة مع الأسف لم تستثمر بالطريقة المثلى لخدمة القضايا العربية والإسلامية.. فما زال العالم الإسلامي يقبع في الركب الأخير من الحضارة العالمية، وما يزال يعيش تحت وطأة الجهل والتخلف والتطرف والضعف. بل إنّ هذه الطاقة استعملت من قبل بعض الجهات المشبوهة كأداة تفريق بين المسلمين، كما هو حاصل في العراق المحتل، ولبنان المتشرذم، والصومال المتأزم، وفلسطين عندما تقاتل الإخوة وتركوا العدو الحقيقي.
والمشكلة أنّ العام الجديد قد حلّ وما زلنا نسمع عن أحداث العنف الناشئة عن الفرقة والانشقاقات.. وعلى سبيل المثال عادت حركتا فتح وحماس إلى الاقتتال يوم الاثنين الماضي على الرغم من أنّ الأجواء كانت تتحدث عن قرب الإفراج عن معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وفي مثال آخر يدلّ على عمق المأساة إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في يوم العيد الذي كان يوم التصافح والتسامح، وقد صاحبت إعدامه أجواء مليئة بالتشفي والضغينة المذهبية.. ويبقى السؤال المتجدد في كل عام ماثلاً للشعوب: هل سيشهد عام 2007 تحسناً في الأوضاع العربية والإسلامية أم أن المشاهد نفسها ستتكرر، ويظل العالم الإسلامي في دوامة لا تنتهي ونفق مظلم لا مخرج منه؟.