اليوم ثالث أيام التشريق وفيه يطوف الحجاج ممن لم يتعجل الرحيل طواف الوداع بعد قضاء مناسكهم في طمأنينة تامة، فالحمد لله على ذلك.
فعودة الحجاج إلى بلادهم سالمين بعد حجّ ميسر ومبرور بإذن الله هي غاية ما يتمناه المسلمون في كل مكان، ولاسيما المسؤولين عن تنظيم الحج الذين يحملون على عواتقهم مسؤولية عظمى.
إنه ليس من السهل أبداً تنظيم أفواج من البشر تقدر بالملايين جاؤوا من أماكن مختلفة ومن ثقافات متعددة ليجتمعوا في مكان واحد، ويقوموا بأعمال واحدة وفي وقت واحد.
فتنظيم مثل هذه التظاهرة الدينية العظيمة بحاجة إلى مقومات هائلة تسخر من أجل إنجاحها وتيسيرها كل الطاقات البشرية والمادية والتقنية وعلى مدار الساعة، وهذا ما يضع المملكة أمام تحدٍ كبير يستحق كل العناء.
ومن أجل ذلك، يشرف خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وكبار المسؤولين وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير نايف إشرافاً مباشراً على سير أعمال الحج، وبالقرب من الحجاج، حتى يكونوا على اطلاع مباشر على كل تفاصيل الأعمال والمشاريع المقامة ويتأكدوا من مدى كفاءتها وقدرتها على استيعاب الجموع وخدمتهم.
ولقد ساعدت المملكة على تطوير أعمال الحج الرغبة الخالصة في مرضاة الله والخبرة المتراكمة عبر السنين، والاستفادة من الثغرات التي قد تكون حصلت في الأعوام السابقة ويتم تلافيها تباعاً.
بل إن بعض المشاريع الكبرى والتي صرفت عليها المليارات إنما هي لتلافي العيوب التي شابت بعض مواسم الحج السابقة.. ومن هذه المشروعات التي أنشئت لخدمة الحجيج المشروع العملاق للخيام المطور، والذي اشتمل على كافة وسائل الراحة والسلامة والأمن والأمان، والسكن المريح لحجاج بيت الله الحرام, ومشروع جسر الجمرات الجبار الذي استفاد منه الحجاج هذا العام، والذي تحقق من خلاله الأمن والراحة أثناء رمي الجمرات، حيث حققت جهود اللجنة الملكية لتطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية نجاحات باهرة، تمثلت في المشروعات الرائدة التي ساهمت في إنجاح موسم حج هذا العام وستتواصل إن شاء الله نجاحاتها في المواسم المقبلة.
ولا يمكن إغفال الجهود الجبارة التي قام بها كل العاملين على راحة الحجاج والمكلفين من قبل مختلف الوزارات المعنية بهذا الركن العظيم.. فتضافر الجهود وتكاتف العاملين لا شك أنه من أسباب النجاح، وهو ما يمكن التعبير عنه بالطاقة البشرية.. وخاصة وأن هؤلاء العاملين ذوو كفاءة عالية في مختلف التخصصات، ومن كلا الجنسين.