| |
لما هو آتً العطر..! د. خيرية إبراهيم السقاف
|
|
عبق العطر حين يتشذَّى تصهل له الروح نشوة وفرحة.... لرائحة العطور مسرى النور يتسرب للوجدان.... لا أحسب أن شيئاً مؤثراً في تغيير حركية المؤشر بين الإحباط والراحة كما تأثير شذا العطر.... حين تعبر بمكان تعجّ فيه العطور... تجذبك منها نسائم توقفك عند التأمل بأنفك بحثاً عن دليل... لأي الزهور تنتمي؟ وإلى أي الروضات ستأخذك هذه الخلاصة النافذة لجوانيتك... الباعثة فيك الحركة والبهجة والانتشاء... حين تقلب بين يديك نماذج العطور لتنتخب أيها سيؤول إليه حسك.. تكون كما الموغل في غابة خضراء... تلتف من حوله شجرات الرَّوح والريحان.. وجمال الجنان... وحلم الأنهار.... في تلك تتمنى لو أنك قادر على الامتزاج بها.. والانسياب في مكنونها.. دون أن يكون لك خيار الانسحاب.... كما في كل لحظة تفتح فيها حقيبتك لتتناول عطرك المفضل.. لتزجي به بين يدي ذائقتك لتشهق إكسيرا لرحلة تأمل صامت بينك كلك وأطياف الشذى... دائما لا يذهب فكرك لغير أولئك الذين جمّعوا فسائل هذا العطر ودمجوها ليصنعوا لك في آنيات ما يبوء إليك... الفرحون يتعطرون.... المتطهورن يتعطرون.... المحبون يتعطرون.... المحبطون يتعطرون.... الحالمون يتعطرون.... الوجهاء يتعطرون.... البسطاء يتعطرون.... المبدعون يتعطرون.... من فكر أيضاً في عطر غير مائي ولا زيتي ولا من رحيق ملموس....؟ من فكر في عطر يُسمع ولا يُشم...؟ وينطلق ولا يُحسُّ...؟ ويُلمس ولا يُستنشق...؟ ويكون لك البلسم من جرح...؟ والطمأنينة من خوف...؟ والوفاء من غدر...؟ يملأ قلبك لا حقيبتك....؟ ويعبق حياتك لا موقعك....؟ يجعلك في دنيا من البهجة والسرور والاطمئنان... لا غابة من شجر ونهر.....؟؟ من الذين سيذهب فكرك بما غزلوه من نسيج روحي.. لما يبوء إليهم....؟ تصهل الروح حين يعبق عطر من بين يديك وعطر من بين عيني قلبك.... وتنتشي الحياة....
|
|
|
| |
|