| |
مثلث التّعاسة في العراق! أحمد أبا الخيل
|
|
كل شيء في العراق بات تعيساً!. وذلك ببساطة شديدة لأنه يفتقر إلى شروط السعادة الثلاثة وهي: الأمن والصحة والغذاء.. واستنبطت هذه الشروط من حديث للرسول عليه الصلاة والسلام جاء فيه أنه: (من بات آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا). والعراق اليوم لا أمن ولا عافية، ولا قوت!!. فالأمن في العراق كما هو واضح غائب تماماًَ، وقد قُتل في نوفمبر الماضي فقط قرابة ألفي عراقي.. حتى إن وسائل إعلام أمريكية أدخلت مصطلح (الحرب الأهلية) في قاموسها الإخباري حول العراق، كشبكة إن بي سي التلفزيونية وصحيفتي نيويورك تايمز ولوس أنجليس تايمز.. وصدق بيل كيلر رئيس تحرير صحيفة نيويورك تايمز حينما برر استخدام صحيفته لمصطلح الحرب الأهلية، إذ قال: (من الصعب أن تجادل بأن هذه الحرب لا ينطبق عليها التعريف المقبول بصفة عامة للحرب الأهلية).. كما أن كوفي عنان ذهب إلى القول بأن العراق يواجه (تقريباً) حرباً أهلية، ثم عاد وقال: إنها (أسوأ) من حرب أهلية.. ومهما تهرَّب الرئيس جورج بوش من هذه الحقيقة فإن ذلك لن يرسم الابتسامات على الوجوه العراقية اليائسة!. وإذا كان الأمن في العراق وصل إلى الحضيض فإن الصحة أيضاً تدهورت، وإن كان قيس ليلى قال: (يقولون إن ليلى بالعراق مريضة)، فالعراق اليوم كله مريض، وليست ليلى فقط.. ولا شك أن العراق عانى كثيراً بعد فرض الحصار عليه طوال التسعينيات من القرن الماضي، وهو الحصار الذي لم يضر نظام صدام حسين وإنما أضرَّ كثيراً بالشعب العراقي. وما من شك في أن الحصار أدى إلى تدهور الوضع الصحي للعراقيين مع تقلُّص الأدوية وغيرها من لوازم الصحة، حتى مات قرابة مليون طفل عراقي، ثم جاء الاحتلال ليقضي على البقية الباقية من العقاقير الطبية اللازمة، وليتسبب في تهجير الأطباء وربما قتلهم.. وأنى لشعب أن يحظى بصحة جيدة في مثل هذه الظروف. وأما شرط الغذاء، فمع أن العراق الذي تضرب حضارته في أعماق التاريخ، بلد ينعم بخيرات الأرض من نفط وأنهار وجنان ما لم يتح لغيره، إلا أن هذه الخيرات لم تتضح على الشعب العراقي، بسبب سياسات صدام من قبل التي ورَّطت العراقيين في حروب لا طائل منها وبددت ثرواته، وصولاً إلى احتلال العراق على يد من لا همّ لهم سوى نهب خيراته.. وكم سمعنا عن مليارات الدولارات التي ضاعت بسبب نهب نفط العراق على يد بعض أبنائه في صفقات مشبوهة!.. وأخشى أن يتحوَّل (مثلث) التعاسة في العراق إلى (رأس حربة) لن تقضي على العراق فحسب، وإنما ستجرح دول المنطقة جميعاً أيضاً.
|
|
|
| |
|