| |
لما هو آت سجال أفكار...! د. خيرية إبراهيم السقاف
|
|
هاتفتني بعد يوم حافل بالعمل بين محاضرات ومناقشة خطط رسائل وحوارات جانبية... وفرك أقدام أعيتها أحمال أجساد تقف بها في النور..., قالت: ما تفعلين؟ لم يكن لسؤالها الاعتيادي ما يدعوني للضحك... لكنني فعلت... وحين ساءلتني عما يضحكني؟ بتلقائية قلت لها: نبحث معاً بلا ريب عما يريحنا... ومضة من ابتسامة شعلة من راحة... قالت: صديقتي كيف تزاوجين بين الراحة والاشتعال؟... قلت: وكيف نزاوج بين التعب والخمول؟... صمتت حتى حسبت الاتصال قد قطع وكثيراً ما يربكنا مثل هذا فنعاود الأرقام من جديد في دورة اتصال آخر... لكنها ضحكت وقالت: أسمعك... قلت لها: ما الذي أضحكك؟ قالت: إنك ربطت بين صمتي وانقطاع الاتصال... فهمت إلماحتها... سجال يومي مع كل صغيرة وكبيرة تعبر بنا... صديقتي أنهت هذا الموقف بضحكة طويلة... لا أنكر أنها كانت كالبلسم لها مما تعانيه بعد يوم حافل... قالت: صدقيني أيتها القريبة إنني أشعر الآن بأننا بحاجة ليس للنوم ولا للغذاء ولا للدواء بل لجملة من الضحكات نغسل بها نهاية اليوم... قلت لها: بل بحاجة لسجال مثل هذا... بعد أن قفلت صديقتي باب هاتفها: كنت أتفكر في أمور تزاوجت وتضافرت في الدقائق القليلة التي تحدثنا وفي مضمون حديثنا تلك التي كانت أنفذ في تأثيرها من ساعة غفوة أو نزهة فقد كان السجال في الأفكار والتبادل في الكلام خير بلسم للنفس فهي الطريق للقدم المجهدة والرأس المكتظ والعين المرهقة بل رب ضحكة أزالت ما تركته ريح العناء... *** الناس الآن على قدر الهدر الزمني والمالي في استخدام الهاتف وتحديداً (النقال) لا أدري هل تقيم سجالات تذهب عنها أغبرة أيام العمل المرهقة... وساعات البذل المضنية... وضغوط الأفكار المستعمرة...؟ *** صديقتي الدكتورة فاتن مصطفى صمَّمت أن نتهاتف بعد كلِّ يوم مرهق بعد مهاتفة يوم مرهق آخر... لكنَّني أعدتها لسجال التفكير... فيما لو أصابها ملل التَّعود...؟ وحين صمتت طويلاً تأكدتُّ بعد أن كرَّرتُ النداء بأنَّ الاتصال بيننا هذه المرة قد انقطع وبأنَّها لا أدري إلى متى ستقيم مع نفسها السجال؟... لأنَّني قرَّرتُ مضطرَّة أن لا أعاود مرة أخرى الاتصال بها في الوقت ذاته لأنَّني لن أضحك هذه المرة إذ كان عليَّ أن أنصرف لأمر آخر... لا أدري ربَّما ستجيِّر فاتن هذا الملل...؟ لكنَّني لا بدَّ سأعود لها...
|
|
|
| |
|