| |
نحو دولة ديمقراطية ومجتمع مدني في أوزبكستان
|
|
*بقلم- أولوغ بيك إسرئيلوف (*): إن تطوير الديمقراطية وأنظمة المجتمع المدني أصبح أسس الأولويات في بناء الحياة الجديدة في أوزبكستان - الدولة الشابة. تم قيد هذا الاختيار في الدستور - القانون الأساسي للبلاد حيث يقال فيه إن شعب أوزبكستان يهدف إلى بناء الدولة الديمقراطية الإنسانية التي تعتمد على القوانين، ويؤكد تمسكه بأهداف الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وتشير النظرة السريعة في التاريخ الحديث لأوزبكستان إلى أن قيادة الدولة أعطت اهتماماً صحيحاً لبناء المجتمع المدني الذي يأخذ بعين الاعتبار الخبرات الوطنية التاريخية والعالمية في إجراء الإصلاحات الديمقراطية، وتصبح قيم التطور الديمقراطي ومبادئه ومعاييره أكثر طلباً في العالم الحديث، ولا يمكن نفي ضرورته في أي مكان، ولكن مع ذلك وفي ظروف العولمة يكسب الطراز القومي للتقدم إلى الديمقراطية في بلد معين دوراً متزايداً ويأخذ بعين الاعتبار تاريخ الشعب وتقاليده وعاداته ودينه وسلوكياته وسيكولوجيته بأكملها. هذا ما تراه في مثال أوزبكستان، ويشهد التاريخ أن الدولة المعتمدة على حكم القانون في بريطانيا وهولندا وفرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية تشكلت مع بناء المجتمع المدني. وعلى الأراضي الأوزبكية أجل الحكم الاستعماري ثم الدولة السوفييتية الشيوعية أجلت سير التطور الديمقراطي إلى عدة عقود. اليوم نستطيع القول بكل الافتخار إنه في بلادنا ورغم الصعوبات فقد تم إنشاء الأسس التنظيمية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والأيديولوجية للمجتمع المدني، وتم تشكيل الخبرة الذاتية للتغيرات الديمقراطية، وهذه الفترة القصيرة تاريخياً والهامة بسرعة التطور ومضمونها تملك طابعاً هاماً يحدد مصير أوزبكستان. واليوم نستطيع القول إن الطريقة المختارة لبناء المجتمع المدني أصبحت أساساً لجميع الإصلاحات التي تجري في البلاد. تم تكوين القاعدة الاقتصادية الآمنة لبناء أسس المجتمع المدني نتيجة الإصلاحات الديمقراطية، وتم تكوين الملكية الخاصة بالضمانات القانونية لحمايتها، وتوفير الظروف لتكوين الطبقة الوسطى والمنتج الوطني المستقل والقاعدة لمنافسة المنتجين وتم تحديد حوافز تطويرهم، وتم توفير استقلالية المستهلكن وتم تشكيل الاقتصاد المتعدد القواعد والأشكال للملكية. خلال السنوات المنصرمة بنيت القاعدة السياسية المتينة المكونة من نظام الانتخابات الذي أتاح الفرصة لتنظيم انتخابات لرئاسة الجمهورية والانتخابات البرلمانية على أساس تعدد المرشحين لأول مرة في آسيا الوسطى، وتم توفير الفرصة لإبداء تعدد الآراء ومختلف الأفكار. ويشارك المواطنون في قيادة الدولة بشكل كامل، وكذلك تم تطبيق تفويض أجهزة الحكم من قبل المواطنين، وتم تشكيل تعدد الأحزاب عملياً، وفي المجلس الأعلى - برلمان أوزبكستان تم تشكيل أجنحة الأحزاب السياسية. في الوقت الحاضر يوجد في أوزبكستان الحزب الشعبي الديمقراطي (1991م)، وحزب (العدالة) الاجتماعي الديمقراطي (1995م)، والحزب الديمقراطي (ميلي تيكلانيش) (1995م)، والحزب الديمقراطي (فيدآكارلار) (2000م)، والحزب الليبيرالي الديمقراطي (2003م). احتوى الدستور من عام 1992م كل ما هو أحسن في الخبرات الدستورية العالمية، ووضع على أساسه مصالح المواطن - والإنسان والشخصية، وحقوقه وحرياته. وأصبح إصلاح نظام القضاء والمحاكم نموذجاً للإنسانية العالية وتطبيق القيم الرئيسية للديمقراطية. ويضمن نظام القضاء والمحاكم توسيع إمكانيات الحماية القضائية لحقوق وحريات المواطنين، واستكمال نظام الإجراءات في التحقيق القضائي، وتطبيق معايير ومبادئ الحقوق الدولية في القوانين الوطنية. ومن المعروف أن القانون الجنائي في العهد السوفييتي كان يعاقب 33 نوعاً من الجرائم بحكم الإعدام. في عام 1994م تم إلغاء الإعدام في 20 مادة من القانون الجنائي، وفي عام 1998م في 5 مواد. وفي القانون الجنائي الذي قُبل في 29 أغسطس عام 2001م تم إلغاء حكم الإعدام لأربعة أنواع من الجرائم، ومنذ عام 2003م يطبق حكم الإعدام على الجرائم المرتكبة في الظروف المشددة للعقوبة والإرهاب، وأخيرا أهمية خاصة لأمر رئيس جمهورية أوزبكستان من أول من أغسطس عام 2005م بشأن إلغاء حكم الإعدام في أوزبكستان نهائياً ابتداء من 1 يناير عام 2008م. كل هذا يؤكد تأكيداً مقنعاً أن دولتنا تسعى إلى تنفيذ المعايير المحددة في الوثائق الدولية التي انضمت إليها دولتنا. في أوزبكستان أنشئت (محلّة) - إدارة الحكم الذاتي في الأحياء التي تعتبر نادرة وتجلب اهتمام الكثير من السياسيين والخبراء. تساعد أجهزة إدارة الحكم الذاتي ذات التاريخ الطويل لتطبيق حقوق المواطنين في المشاركة لإدارة شؤون المجتمع، وتساعد على توحيد المواطنين بهدف حل المهام الاجتماعية والاقتصادية في نطاق الحي، وإقامة الأنشطة الاجتماعية والسياسية والثقافية العامة، ومساعدة الدوائر الحكومية في تنفيذ القوانين. أعلنت المعرفة والمعنوية أهم أولويات في إقامة المجتمع المدني، وتم تحديد المبادئ الرئيسية الغاية الوطنية وأصبحت تربية الشخصية الكاملة (الإنسان الكامل) هدفاً للتجديد الروحي، وتم توفير الظروف للقوميات الأقلية، والسلم والتوافق بين القوميات المختلفة. قدمت أوزبكستان ابتداءً من منتصف التسعينيات في منصة المنظمات الدولية مثل منظمة الأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وغيرهما من المنظمات الدولية مبادرات تطور التقدم الاجتماعي وحقوق الإنسان، وانضمت إلى عديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تدافع عن حرية المواطنين وتنظمها. كان البيان العام لحقوق الإنسان أول وثيقة قانونية دولية أبرمت من قبل برلمان أوزبكستان. أما إنشاء مفوضية المجلس الأعلى لحقوق الإنسان والمركز الجمهوري الوطني لحقوق الإنسان وغيرهما فكان مواصلة طبيعية لاهتمام الدولة بحقوق الإنسان. وأصبح الضمان القانوني لمراعاة حقوق الإنسان اتجاهاً ذا أولوية. في البلاد تم إصدار أكثر من مائة قانون يكون نظام القوانين لحقوق الإنسان. أوزبكستان دولة متعددة الأديان. في البلاد قبل القانون بشأن (حرية الاعتناق والمنظمات الدينية، وأصبح التسامح الديني نقطة الانطلاق للمفاهمة المدنية. وبموجب المادة 31 من دستور جمهورية أوزبكستان لكل مواطن حق في اعتناق أو عدم اعتناق أي دين، ولا يجوز الإجبار في أي دين). تعمل حالياً في البلاد 16 منظمة دينية، ويدخل المعهد العالي الإسلامي بطشقند و10 مدارس إسلامية، ومدرسة مسيحية ومدرسة أورثوذوكسية نظام التعليم في الجمهورية. يقام عمل كبير في البلاد في تعزيز التسامح الديني، وخلال سنوات الاستقلال أقيم عدد من الندوات العالمية ذات الطابع الديني، وكذلك الخاصة بمناسبة ذكرى العلماء المشهورين في العالم. في عام 1995م تم إنشاء المركز العالمي للبحوث والدراسات الإسلامية بطشقند، وفي السابع من إبريل عام 1999م بأمر رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف تم تأسيس جامعة طشقند الإسلامية، التي سوف تقوم بإعداد الخبراء في المجالات الدينية بمستويي البكالوريوس والماجستير. في أوزبكستان خلال سنوات الإصلاحات تم تشكيل ثلاثة فروع لسلطة الدولة: التشريعية والتنفيذية والقضائية. السلطة التشريعية لأعلى جهاز الدولة وهو المجلس الأعلى الذي يتم انتخابه لمدة خمس سنوات، وابتداء من عام 2005م المجلس الأعلى عبارة عن جناحين - (سينات) مجلس الشيوخ، ومجلس الجناح التشريعي. يستطيع كل مواطن في أوزبكستان بلغ السابعة عشرة من عمره أن يشارك في انتخابات نواب المجلس الأعلى بغض النظر عن قوميته، ولغته الأم، وجنسه، وديانته. ومن بلغ الخامسة والعشرين من عمره يستطيع أن يكون مرشحاً للمجلس الأعلى ويستطيع أن ينتخب نائباً في المجلس الأعلى. أنشئت في البلاد لجنة النساء آخذة بعين الاعتبار دور المرأة في المجتمع وخصائص الوضعية الديموغرافية، وهي منظمة وحيدة لها مقام اجتماعي حكومي كسبت نظام درجات المقامات العمودي. تتبع لها 14 لجنة في المنطق، و170 لجنة في المحافظات، وأصبحت رئيسات لجان النساء وكيلات لرؤساء السلطة في المناطق والمحافظات. خلال السنوات الخمس عشرة من الاستقلال شكلت قاعدة حقوقية معينة تنظم أنشطة المنظمات الاجتماعية التي تساعد على تطوير البلاد. وفي الوقت الحاضر تم تنظيم أكثر من خمسة آلاف منظمة اجتماعية غير حكومية. تعتبر غاية بناء الدولة المستقلة ذات مستقبل عظيم، والتي سوف تضمن فيها جميع حقوق الإنسان وحرياته والسلم والرفاهية والإمكانات للتطور والتقدم عاملاً رئيسياً للنظام السياسي في أوزبكستان؛ فإن الهدف الرئيسي لهذا النظام هو الإنسان واحتياجاته ومصالحه وحياته ونفسيته وعاداته وعالمه الروحي. ويحدد النظام السياسي في أوزبكستان في نهاية الأمر نشاط المواطنين، ليس المواطن للنظام السياسي، بل النظام السياسي ينطلق من الإنسان ويعيش لأجل الإنسان ويعود إليه. والنظام السياسي مثله يعتبر حقيقياً، والنظام السياسي مثله مستقر فعلياً. يسمح فهم أهداف تطوير النظام السياسي بهذا الشكل بفهم طبيعة علاقات السلطة التي هي عبارة عن النشاط المتبادل للقوى الفعالة في البلاد لأجل تعزيز استقلال أوزبكستان وتوفير السلم والتوافق المدني. وكما أكد الرئيس إسلام كريموف ف(إن مهمتنا الاستراتيجية والطويلة المدى هي قيادة البلاد بطريقة البناء الديمقراطي وتشكيل المجتمع المدني وتعميق العلاقات الاقتصادية الحرة وتعزيز القيم الديمقراطية في وعي الناس، وهذه الطريقة التي اخترناها).
(*) سفير أوزبكستان لدى المملكة
|
|
|
| |
|