| |
لما هو آتً لا وقت...!!! د. خيرية إبراهيم السقاف
|
|
* في كثير يجد الإنسان نفسه خارج سرب أفكاره المعتادة... وهمومه العامة... ومشاغله العملية... التي تتكرر في كلِّ يوم ولا ما يُضفي إليها رونقاً إلا بمحاولة الابتكار في أساليب تنفيذها... أو تحديث أطرها... أو تنويع منهج التعامل معها... أو تهميش مكرراتها... * كثيراً ما فكرت فيما لو أن الجامعة التي أذهب إليها.. تكون في روضة غنَّاء لا تحيطها هذه الأسوار الإسمنتية، بل طوق من الشجر ذي الزهور العبقة... * أن ألتقى الدارسات فيها ليس داخل حجرة مكتبي التي ليس فيها سوى جانب واحد يطل على جهة أخرى من المباني الإسمنتية... وقد تعطَّلت تحت نافذته المتربة نافورة يتيمة صدئت أعمدتها الكرومية من الجفاف... وتجمع حول حوضها المتهالك جيش من التراب... وبقايا جافة مما نفضته الأشجار الخريفية المعتلة لوّنتها صفعات الشمس وداست عليها الأيام... * أن التقي بهن ليس في قاعات المحاضرات التي يفضي بعضها إلى بعض أو يلمها معبر طويل تتحلَّق فوق أرضيته السيراميكية خارجها كتل بشرية في غوغائية لا أحسن معها الحديث إليهن.. ... وقد تنافرت مقاعد هذه القاعات وشكت نوافذها هجرة الماء ... ووحشة الذبول... وتدلَّت حذو جدارها بعض أجهزة تلفاز مغبرة صامتة لا حياة في وجهها ولا بصمات فوق جسدها ولا أصوات معبِّرة عنها... بل التقي بهن في ساحات مشرعة للنور والهواء وبسطة المكان.. في مكتبة آهلة بكل حديث... منوِّرة بكل مضمون.. ميسِّرة لكل ما يخطر حين الحاجة... أو حول شخوص ذوي خبرات... أو أتجه بهن إلى مراكز تتدفَّق زواياها وأركانها بحركة العطاء والتطوير والإضافات... * كثيراً ما فكّرت أن أبقي صديقاتي ولكن أن يكن أكثر قرباً أحميهنَّ من مسِّ هذه الدوَّامة التي لفَّت النساء ولا أدري إلى أين ستقع بهن أطرافها..؟ * وأن يجدن الوقت ليس للركض بل للصمت... للتأمل... ومن ثمَّ للاستغراق في بهجة الراحة والاطمئنان... * كثيراً ما فكّرت أن لا أشاهد الجياع يتراكضون خلف العربات في الليالي وأنا عائدة من زيارة كلما داهمتني الحاجة إليها داهم عيني كوم منهم... بل أجد الشوارع صقيلة وارفة بالنقاء.... * كثيراً ما فكّرت لو أن قلمي يصبح له صوت فأسمعه يكاشفني نبض مداده بروح حنينه... وحكمة تجربته... يسرد لي ما تركت فيه من بقايا فكرة لم تتم... أو حرف لم يُحَبَّر... ... فتحاورني أصابعي عمّا أربكتها حين قفزت بها عن كل ذلك... فتنطق من حولي حروفي تحوِّل المكان لجنَّة لا سقف لها ولا أرض... * كثيراً ما فكّرت لو أن شاشة حاسوبي ليست تنفتح لي بمؤشر أيقونات على العالم، بل تأخذني داخلها بعد أن أتحوَّل لفكرة أو لحلم أو لصوت أو لعين أو حتى لإحساس بسعة الدنيا وتفاصيله فألتحم بكل نابض وبكل مبهج وبكل حزن وبكل ذرة ماء وتراب وندفة غيم وريش طير وزعنفة سمكة ولون قزح.... * أنفض رأسي الآن والوقت يداهمني ومكتب رئيس التحرير في انتظار المقال.... * لا وقت لي لأن أحلِّق مع: الكثير الذي أفكِّر فيه أو أحلم به....
|
|
|
| |
|