| |
نوافذ العنف المستتر أميمة الخميس
|
|
حينما يرصد يوم (25) نوفمبر كيوم عالمي لمناهضة جميع أشكال العنف الموجه ضد النساء، فهو بالتأكيد يشير إلى أن هذه الظاهرة توازي جميع أنواع الشرور الكونية تماماً كالحروب والأمراض والجهل، وجميع مظاهر التوحش التي تغيب ملامح الحضارة والإنسانية، لا سيما أن ثلث نساء العالم يتعرضن للعنف بجميع أشكاله بحسب تقرير الأمم المتحدة لهذا العام. ولعل العنف ضد المرأة على الرغم من انتشاره وتفشيه في الكثير من مظاهر الحياة من حولنا، إلا أنه على الغالب يتخذ طابعاً مراوغاً متخفياً، بحيث نعجز عن رصده بصورة مباشرة، وتوجيه أصابع الاتهام له. فليس هناك تعريف اجتماعي واضح وقاطع للعنف الموجه ضد النساء، وتكتفي الجهات المختصة برؤية الكدمات والدوائر الحمراء والزرقاء فوق وجوه النساء وأجسادهن لتصنيف هذا على كونه عنفاً ضد النساء، على حين أن العنف الجسدي نفسه هو مبني على تراكمات تاريخية واجتماعية متعددة، قادت إلى العنف الجسدي، تلك الطبقات التاريخية بالتأكيد خلقت في المجتمع فضاء ومناخاً إن لم يكن محرضاً فهو بالتأكيد يغض البصر عن الكثير من أشكال العنف الموجهة ضد النساء. فعلى سبيل المثال لو أشرفت إحدى النساء على الموت وهي تتعرض للعنف من زوج أو أخ فلن يجرؤ أحد على التدخل أبداً كون طابع الولاية والوصاية كثيراً ما يساء استخدامه إلى الحدود القصوى. هذا الفضاء نفسه يصب فيه عدد من التيارات تغذيه وتسوغه، ومن أبرزها التراث الشعبي الذي يجعل من النساء مصدراً لكل ما هو سلبي، ومنتقص على مستوى القيم الأخلاقية، فكثيراً ما ينعت الكلام السطحي والتافه الهش، بأنه (كلام حريم) أو (بربرة حريم)، الصبي الصغير حينما يجهش بالبكاء فإننا نستنكر هذا منه، ونصيح به (تبكي مثل الحريم)، تماما كأم عبدالله الصغير آخر ملوك (بني الأحمر) التي قالت له موبخة: (أبك كالنساء ملكا لم تحافظ عليه كالرجال). القضية هي ركام تاريخي يصنف الضعف والتهافت والسذاجة بأنها مواقف نسوية. حينما نريد أن نصف شاباً بالليونة والخنوع نقول (ربوة حرمة)، أو تربية (عجوز)، هذا بالتأكيد سيحرمه الوصول إلى درجات الرجولة، وسيمنعه من الحصول على شهادة القبول الاجتماعي، هذه النظرة المنتقصة بالتأكيد تكون فضاء اجتماعياً قابلاً لجميع أشكال العنف ضد المرأة؛ لكونها مصدراً لكل ما هو ضعيف ومنتقص وخاٍو أخلاقياً، وما نراه اليوم من علامات رزقاء وحمراء وبنفسجية فوق أجساد بعض النساء، هي الشكل الأقصى للعنف على حين هناك أنواع متعددة من العنف مستترة ومتوارية قادت وسوغت وشرعت للعنف ضد النساء.
|
|
|
| |
|