| |
حلب بين الأصالة والمعاصرة محاضرة ألقاها رئيس التحرير الزميل خالد المالك يوم الرابع عشر من شهر نوفمبر بقاعة مديرية الثقافة في مدينة حلب بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لهذا العام
|
|
لم آت إلى حلب لأقول لكم شيئا لا تعرفونه عنها، ولا جئت إليها لأتحدث أمامكم عن توصيف للمدينة يتقاطع مع كلام قاله من سبقني في الحديث عنها، ولم يسقني إلى هنا شيء من ثقة بأن لدي ما سأضيفه إلى ما قيل أو كتب أو أرخ عنها، ولا أعتقد أن أحدا غيري ممن تحدث عن حلب قبل أن آتي إلى هنا قد ادعى بأنه قد أحاط وألم بكل ما ينبغي أن يقال عنها، أو أنه زعم بأنه قد اقترب ولو من تقديم ما يوازي ما كان قد كتبه الأقدمون عنها. وإنما جئت إلى حلب؛ لأشارك مع من شارك - ممن أسعدهم هذا الحدث - بجهد المقل، وذلك بإيصال صوتي إلى هذه التظاهرة الثقافية الكبيرة، إذ لا مجال للاعتذار - وإن تواضع الكلام - عن عدم تلبية الدعوة، وبخاصة أن المشاركة مهمة في تجديد مخزون الذاكرة باستعادة ما تختزنه من معلومات عن الثراء العلمي والثقافي والتراثي في مدينة حلب، باعتبار أن هذه المناسبة فرصة لنا جميعا لنراجع عبق تاريخها، ونسترجع بعضا من ثقافاتها، ونذاكر - ولو قليلا - في هذا الكم الهائل من مخزونها الثقافي وكنوزها العلمية. وأحسب أن إعادة فتح الأوراق في هذه المناسبة الكبيرة، ومراجعة ما كتب عنها، وتتبع تاريخها، والاطلاع على ما ينبغي أن يقرأ عنها، ثم مواصلة الجهد والبذل والعطاء في خدمة هذه المدينة بعد انفضاض الجمع مع انتهاء المناسبة، يأتي كل هذا - بنظري - ضمن أولويات معنى هذا التكريم وفلسفته لحلب الشهباء، وضمن التوصيات التي يجب العناية بصياغتها، في نهاية المطاف حتى لا يطوي النسيان تاريخها المتألق. *** ولكي أكون صادقا وأمينا معكم فأنا لم أقرأ عن حلب شيئا كثيرا من قبل، ولم أزرها زيارات يمكنني أن أدعي من خلالها بأني وقفت وتعرفت على كنوزها المخبوءة، ولا أعتقد أن أحدا يمكنه أن يفهم حقيقة هذه المدينة ويتعرف على أسرارها، في زيارات خاطفة أو من خلال قراءات سريعة، فهي أشبه ببستان قد تشغلك زهرة أو وردة أو شجرة فيه فينصرف ذهنك لها دون أن تكتحل عيناك برؤية غيرها مما كان ينبغي أن تراه، أو هي كمعرض للجواهر النفيسة التي تجبرك قطعة واحدة من بين آلاف القطع الثمينة والجذابة لتمضية كل الوقت مشدودا أمامها بفعل إعجابك بها وتقديرك لذوق من صممها فلا يكون لبقية قطع المجوهرات الأخرى نصيب من الوقت لتحظى بمثل هذا الاهتمام. فحلب نالها من العناية الإلهية ثم البشرية، ومن الاهتمام غير المسبوق بما أنجز على أرضها، ما يجعلني أشبهها بمعرض للجواهر أو بحقل زراعي معطاء؛ لما تكتنزه وتختزنه أرضها من معالم وشواهد بوجود كل هذه الإنجازات الحضارية، وكل هذا التراث والإبداع، مع إنجابها لكل هؤلاء الرموز من المفكرين والمثقفين والشعراء والمؤرخين والعلماء والفنانين والفلكيين وكل قادة ألوان الطيف الثقافي والمعماري والاقتصادي الذي ربما خطر اليوم أو ذات يوم في أذهاننا تاريخها، فسعينا إلى هذه الديار نستلهم منها ونتعرف من أرضها على شيء من هذا التاريخ البهي؛ حتى لا يساورنا الشك يوما أو الخوف ذات يوم على اختفاء هذا التراث أو بعضه، بل لكي نكون على يقين من أنه لن يخبو أو يختفي مع الأيام طالما أحيط باهتمام ورعاية من الجميع. * * * لقد تقت إلى زيارة حلب حين كنت أقرأ عنها قراءة من يستعرض أوضاعها القديمة وتاريخها الخالد وتجاربها الثرية، حيث وقفت على معالم كثيرة فيها مما لم يسعدني الحظ برؤيتها من قبل، وتعرفت على كثير مما كنت أجهله عنها، وقادني من كتب عنها - مشكورا - إلى حيث وجدت نفسي كما لو أنني كنت راجلا أتجول بين مساجدها وكنائسها وأسواقها وقلاعها وحماماتها وأسوارها وخاناتها، وكل ما ميز عاصمة الثقافة الإسلامية لهذا العام من مظاهر عمرانية وتراثية، وذلك في رحلات ممتعة كانت تخيم عليها سحب من العطاءات العلمية الجميلة من حين لآخر، بما جعلني ميالا إلى طلب المزيد من المعرفة عن عاصمة الثقافة الإسلامية، دون أن أشعر بالتشبع أو الملل أو الرغبة بالتوقف عند حدود ما قرأته خلال بضعة أيام عنها. ولا بأس أن أذكر كل هذا من باب الإعجاب بمن كتب عن حلب بعقله لا بعاطفته فأبدع وأمتع، وكان خليقا بكل منا أمام مثل ما كتبه هؤلاء المبدعون أن يذكروا فيشكروا، وأن تخلد أعمالهم وإنجازاتهم؛ لأنهم يشكلون جزءا من مكونات هذا التاريخ الجميل لمدينة حلب؛ بوصفهم ضمن من أعطى لها كل هذا الحق باختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية، فضلا عن أنهم بعطاءاتهم وإنجازاتهم قد شكلوا بعض ملامح شخصيتها، ولولا أولئك الرموز من المفكرين والمثقفين وما كتبوه عن حلب، ما كان لي - كغيري - أن أقرأ كل ما قرأته عن مدينة حلب خلال الأيام التي سبقت إطلالتي عليكم، ولو لم يسع المنظمون لمهرجانات مدينة حلب أيضا في تقديم الكثير من الإصدارات والمعلومات الجديدة وفي التذكير بالكتب القديمة التي خصت بها حلب بكثير من الأخبار والمعلومات لما وسعني الوصول إلى معرفة ما كنت أجهل بعضا منه - وهو كثير- عن عاصمة الثقافة الإسلامية لهذا العام. * * * وفيما كنت أكتب هذه الكلمات - مع حرص شديد على الموضوعية والالتزام بمتطلباتها - كان يخيم علي جو مشحون بالعواطف، وكنت أشعر بالضعف أمام مقاومة مشاعري الخاصة عند الحديث عن حلب الشهباء، فجدتي من أمي سورية الأصل والمنشأ والولادة، كما أن جدة زوجتي من أبيها هي الأخرى سورية الأصل والمنشأ والولادة أيضا، وبالتالي فلا يمكن لمن يتمتع بمثل موقعي من العلاقة الأسرية بسورية أن يشعر بالغربة أو بتبلد في العواطف عند حديثه عن مدينة في دولة تشكل كل هذه الأهمية بالنسبة إليه، بل ليس بمقدوره ولا بإمكانه أن يتخلى عن عواطفه ومشاعره نحوها، بينما تبدو مسافة الصلة والعلاقة بها بهذه الصفة من الخصوصية وبمثل ما أشرت إليه، لكني مع هذا أؤكد لكم أنني لم أقل عن حلب ولم أكتب عنها بما لم يتفق المؤرخون عليه، فأكون بذلك قد خالفت ما هو حقيقي وصادق عنها تحت تأثير هذه العلاقة الحميمة التي أشرت إليها، إلا أن يكون ذلك قد حدث عن غير قصد، بل إن كلامي - ربما - لم يعطها حقها كاملا أمام ما قيل وسيقال عنها من حقائق أهلتها لأن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية. * * * وإننا إذ نأتي إلى حلب الشهباء - غيري وأنا - زائرين لها، إنما نقصد من كل ذلك إشباع عقولنا وإثراء معلوماتنا بما قد لا نجده من ثراء فكري وحضاري وعمراني في غيرها من المدن الأخرى، ولكي نستلهم من معالمها معرفة ما لا نعرفه من تاريخها الموشوم بأصالتها، مستمتعين بتلك المشاهد الجميلة في عمرانها (وإكسسواراتها) ومفاتنها، وكل ما يثير الانتباه مما تركه لنا أولئك المبدعون من ثراء فكري وثقافي وعمراني ممتع ومتنوع. وإذ تحتضن حلب كل هذه الأعداد من محبيها وعشاقها والمغرمين بها، مع اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية، إنما لكي يقرأ هؤلاء عنها، ويتجولوا في مساجدها وكنائسها وحماماتها وأسواقها، ويزوروا قلعتها الشهيرة، ويرددوا ما يشاؤون من عيون أشعار قيلت فيها، ويشاركوا في حضور عروضها وفلكلورها الشعبي ومسرحياتها، ويغنوا مع من يغني باقتفاء ومحاكاة للأصيل والعريق من موسيقاها، بينما لا تزال حلب تجود بإهداء زائريها وبكل هذا السخاء أجمل وأروع ما وهب الله لها من جمال في الطبيعة, مع اهتمام من أهلها بالضيف والاحتفاء به وتكريمه بما يستحق. * * * ولسائل أن يسأل: لم وكيف تم اختيار مدينة حلب عاصمة للثقافة الإسلامية..؟ وهو سؤال وجيه ومهم، وبخاصة أن هناك من لم يزر هذه المدينة، أو أنه زارها ولكنه لم يقرأ عنها بما فيه الكفاية، أو أنه قرأ عن غيرها وزار غيرها أكثر مما فعل مع مدينة حلب، بما كون عنده انطباعا اعتقد من خلاله أن هناك من المدن ما هو أجدر منها بأن تنال شرف هذا التكريم. ولم أقف طويلا في البحث عن إجابة مقنعة على ما قد يتبادر من تساؤلات حول سبب اختيار (حلب) عاصمة للثقافة الإسلامية، وبخاصة إذا علمنا أنه لم يسبقها في هذا الاختيار سوى مكة المكرمة، بينما جاءت حلب ثانية (عن المنطقة العربية) بحسب المعايير والشروط التي حددتها منظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم، مما يظهر للعالم مكانة هذه المدينة وما تتمتع به من مؤهلات تأكد للمعنيين أنها تستجيب للشروط والمعايير الدقيقة التي اعتمد عليها عند المفاضلة والمنافسة بين عدد من المدن لاختيار عاصمة الثقافة الإسلامية. * * * وبالعودة إلى تلك المعايير التي حددتها منظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم لاختيار عاصمة للثقافة الإسلامية، ومن هذه المعايير وجود آثار عمرانية يكون عمرها أربعة عشر قرنا، فإن هذا الشرط إذ ينطبق على مدينة حلب، فإنه لا يتوافر في معظم المدن الإسلامية، فالقاهرة مثلا يغلب على عمارتها الطابع المملوكي، وإستانبول طابع عمارتها العهد العثماني، بينما تتميز العمارة في دمشق بالفترة العباسية مع قليل من الآثار الأموية، أما بغداد فلا ينطبق عليها هذا الشرط بسبب تعرضها للتخريب والمسح الشامل ومحدودية آثار العباسيين فيها. وحلب حين نالت المركز الأول بين المدن الإسلامية من حيث تحقيقها للشروط المطلوبة، فلأنها تمثل عمقا تاريخيا ودورا حضاريا تبرز معالمه للباحثين من خلال مساهمتها في مجالات الإبداع في ميادين الثقافة والفكر ومختلف أنواع العلوم، فضلا عن المعايير الأخرى التي وجد أن في حلب ما يلبيها. غير أن مالك داغستاني يختصر لنا الإجابة بما رآه في ذلك المنشد والمقرئ الضرير الذي صادفه يجلس على كرسيه في باحة الجامع الأموي الكبير في حلب، ويلف على عنقه الشال الحلبي الأصفر المعروف، ويهدل ابتهالاته بصوت شجي قائلا: إن هذا وحده يكفي للإقناع بصواب اختيار حلب عاصمة للثقافة الإسلامية لهذا العام. * * * وحسنا ما فعله المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء الثقافة في الدول الإسلامية الذي عقد في الجزائر في ديسمبر من عام 2004م بتبنيه تنظيم مهرجان سنوي لمدن إسلامية على غرار برنامج العواصم الثقافية العربية، حيث يتم سنويا اختيار ثلاث مدن إسلامية لتكون عواصم للثقافة الإسلامية. وقد اختيرت مدينة حلب عن الجانب العربي وشقيقتها مدينة أصفهان الإيرانية عن آسيا وشقيقتها مدينة تنبكتو بجمهورية مالي عن إفريقيا كعواصم ثقافية إسلامية لهذا العام, بحسب ما أعلنه المدير العام للمنظمة الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري في موقع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بشبكة الإنترنت. ومدينة حلب - مثلما هو معروف - تعد من خلال الجزء القديم منها هي المدينة الأكبر على مستوى العالم التي تتوافر فيها الشروط والمتطلبات والمعايير التي حددت لاختيار العواصم الثقافية الإسلامية، فعمارتها تغطي سائر العصور الإسلامية منذ الخلافة الراشدية مرورا بالعصر الأموي ثم العصر العباسي، كما أن معالمها التاريخية تشمل كل مراحل التاريخ الإسلامي، ولكل فترة فيها شواهد معمارية خاصة بها، وقد وظفت هذه المعالم في خدمة الميادين الدينية والثقافية والصحية والاجتماعية وغيرها، وبين هذه المعالم المساجد والمدارس والمباني الصحية والمكتبات والأسواق والخانات والأبراج والأسوار، والقيساريات، والتكايا، والزوايا، إضافة إلى أبوابها وقلعتها الشهيرة وهي الأكبر على مستوى العالم؛ ما حدا بمنظمة اليونسكو أن تسجل مدينة حلب منذ ربع قرن كواحدة من أهم المدن الإسلامية، حيث يمتد تاريخها من الفتح العربي الإسلامي إلى اليوم قرابة أربعة عشر قرنا. * * * ولا بد من التذكير بأن فكرة العواصم الثقافية على مستوى العالم انبثقت لأول مرة من خلال المؤتمر الذي عقد في المكسيك برعاية الأمم المتحدة عام 1982م، مستندة على أن الثقافة عقد أساسي في حياة الأفراد والمجتمعات، وأن التنمية تنطوي على بعد ثقافي يستهدف خير الإنسان، وقد خلص المؤتمر في ختام اجتماعه آنذاك إلى قرار تبنى المشاركون من خلاله إستراتيجية للسياسات الثقافية عنوانها (عقد عالمي للتنمية الثقافية) حيث تم إقرار أكثر من ألف ومائتي مشروع تقدم بها مائة واثنان وخمسون عضوا في الأمم المتحدة، وشاركها في ذلك عدد من المنظمات الحكومية وغير الحكومية وذلك خلال الفترة التي حددت للعقد العالمي المشار إليه والتي تمتد ما بين عام 1988م وعام 1997م. وما هي إلا أربع سنوات على اختتام اجتماعات هذا المؤتمر حتى كان العالم على موعد مع تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها ذات الرقم مائة التي عقدت في نيويورك عام 1986م مشروع (العقد العالمي للتنمية الثقافية) وكان من أبرز وأهم نتائج هذا العقد (برنامج العواصم الثقافية الإقليمية) الذي بدأ أول ما بدأ في أوروبا، حيث لعبت (اليونسكو) الدور الأكبر في تفعيله بإطلاق سلسلة العواصم الثقافية الأوروبية، بدءا من العاصمة اليونانية (أثينا) مرورا فانتهاء بعدد من العواصم الأوروبية الأخرى، لتستجيب بعد ذلك الدول العربية وتتبنى هي الأخرى هذه الفكرة بإطلاق مشروع (العواصم العربية الثقافية) حيث تم اختيار أكثر من مدينة عربية من المدن التي تملك رصيدا ثقافيا ومخزونا حضاريا كبيرا لتكون عاصمة للثقافة العربية، وبعدها وبالتوجه ذاته بدأت (فكرة العواصم الثقافية الإسلامية) التي نحتفل هذا العام باختيار حلب عاصمة لها. * * * ويقتضي التوثيق منا أن نشير أيضا إلى أن الاهتمام بالثقافة في الوطن العربي قد تزامن مع نشأة الجامعة العربية، وتحديدا حين تم إبرام معاهدة ثقافية بين الدول العربية الأعضاء في الجامعة في السنة الأولى من تأسيسها قبل أكثر من ستين عاما خلت، ثم المصادقة على ميثاق الوحدة الثقافية العربية تحت مظلة الجامعة العربية قبل أربعين عاما، مع جهود أخرى صاحبت تأسيس المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وتمثلت في تنفيذ الكثير من المشاريع والبرامج الثقافية العربية، وبينها تبنيها لفكرة عقد مؤتمر دوري للوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي وذلك قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاما. ويمثل المؤتمر العاشر لوزراء الثقافة في الدول العربية الذي عقد في تونس عام (1997م) بداية الانطلاقة الفعلية للعواصم الثقافية العربية، حيث تبنى هذا المؤتمر مشروعا بأن تكون نهاية (العقد العالمي للتنمية الثقافية) بداية تنفيذ (العقد العربي للتنمية الثقافية)، ومن ثم أقر هذا المشروع في الاجتماع الحادي عشر للوزراء في الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1998م وتم دعمه من اليونسكو وتنفيذه بعد ذلك. * * * وما دمنا في ضيافة تاريخ عاصمة الثقافة الإسلامية (حلب) وفي أجواء احتفالاتها، وكمدخل للتعريف باسمها، فإن المؤرخين قد اختلفوا حول إطلاق هذه التسمية على هذه المدينة، فقد قال ياقوت الحموي: إن (حلب) سميت باسم من بناها وهو حلب بن مهر، فيما قال غيره: إنها سميت (حلب) بفعل إبراهيم الخليل عليه السلام، حين كان يرعى غنما له حول تل كان بها، وكان له وقت يحلب فيه الغنم، فيأتي الناس إليه ويقولون: حلب إبراهيم.. حلب إبراهيم، فسميت بذلك، ويذكر بعض المؤرخين أن الضعفاء إذا سمعوا بقدوم إبراهيم عليه السلام كانوا يتجهون إليه فكان يأمر الرعاة بحلب ما معهم ليتصدق به عليهم، فينادي هؤلاء: إبراهيم حلب.. إبراهيم حلب.. فسميت بذلك. وهناك من قال: إن اسم حلب جاء من أن إبراهيم - عليه السلام - كانت له بقرة شهباء، فحلبها فسمي المكان الذي حلبت فيه البقرة بحلب، بينما يرى خير الدين الأسدي أن معنى حلب جاء من أنها تتألف من قطعتين (حل - لب) وأن معنى الأول المكان والثاني الشجاعة والقوة، مضيفا أن حلب تعني مكان التجمع للحرب، وهناك من ذهب إلى القول عن تسميتها بغير ذلك، أما الشهباء فهو لفظ جاء -على ما يبدو- من الشهب، وهو بياض يتخلله السواد. غداً الحلقة الثانية
|
|
|
| |
|