| |
سينما سعودية.. حلم طال انتظاره وَدنا وقته محمد يحيى القحطاني
|
|
سأعترف بأني ليلة الخميس الماضي قد جمعت بين النقيضين الحزن والفرح وأنا أحضر العرض الأول لفيلم روائي سعودي استثماري تحضره الجماهير من الوطن وخارجه، سعادتي كانت تكمن في هذه الشرارة الأولى التي تصدى لها الأمير الوليد بن طلال وجميع العاملين في الفيلم بدءاً من صاحب الفكرة وانتهاءً بأصغر موظف بالشركة وسعادة مضاعفة أن فيلم (كيف الحال) لن يكون يتيماً نجتر إنجازه لأعوام قادمة، بل هناك خطة عمل لأفلام سعودية ستأخذ طريقها لدور السينما في الفترة القادمة والذي في الواجهة كعادته هو الأمير الوليد بن طلال الذي سيسجل له التأريخ هذا الإنجاز (إن جاز لي الوصف). في المقابل أشعر بالحزن أن أجد السعوديين يحتفلون بفيلمهم خارج حدود الوطن وفي دول الجوار وهم الذين يستطيعون التهام كل شيء دون تحيّز مني وبما يشهد به الجميع. هذا الحزن شاطرني فيه جميع الزملاء الذين كانوا معي من فنانين وإعلاميين ومهتمين وهم الذين اتفقوا كلهم على أن الاحتفال كان أولى أن يكون داخل أحضان الوطن. ليعلم الجميع أننا لسنا رقماً ضعيفاً في حسابات الآخرين، بل إننا الحلقة الأقوى في الحراك الفني العربي ونحن كسعوديين ورقة رابحة لكل مشروع سينمائي عربي وأظن جازماً أن قولي هذا يعرفه الإخوة في مصر (أكثر البلدان العربية إنتاجاً سينمائياً وعرضاً) وهم يجعلون من الجماهير السعودية نقطة ارتكاز على أفلامهم ومسرحياتهم سواء أثناء العرض أو حتى بعد (تعليبها). لن أحاول المناورة واللعب حول مضمار الحقيقة، فمواسم الصيف تشهد أن السعوديين يمثّلون أغلبية الحاضرين لدور السينما في القاهرة وبيروت ودبي والمنامة، ويراود الجميع سؤال استهلكوه جميعاً وهو (أليس من الأفضل أن نجعل جمهورنا في دورنا). اللافت في الأمر وهو ما يعلمه الجميع أن غالبية الشباب لديهم ثقافة سينمائية (هائلة) ولعل محلات بيع الأفلام شاهد حي على ذلك والقنوات المتخصصة أيضاً ويحكي لي الزملاء الذين عاشوا في الرياض سنوات طوالاً أن عاصمتنا كانت تحتضن صالات للسينما وفيها شبابيك للتذاكر وجماهير غفيرة ترتادها قبل عشرات السنين. ولن أجافي الحقيقة إن قلت إننا نتصدر الحركة الفنية في العالم العربي فلدينا أضخم شركات الإنتاج، بل إن لدينا ما يربو على الـ(1200) شركة إنتاج وتوزيع فني ثم إن لدينا ولله الحمد مجموعة كبيرة من الفنانين الذين أرهقهم كثيراً (تقوقعهم) في المسلسلات ويرغبون في الانطلاق (سينمائياً)، كما أننا نملك من الإمكانات المادية ما يفوق أشقاءنا وهذا ليس انتقاصاً من حقهم، بل هي حقيقة، ثم إن تحدثنا عن الفنانين فهم لن يبحثوا عن لعب البطولة في أفلام (تجارية) مثل موجة من سبقونا، بل ما أعرفه أن الفنان السعودي يبحث عن الجودة وتعزيز موقفه وموقعه من إعراب الآخرين. وسأنتهي وأنا أسرد ما نملكه عند نقطة تغيّر في موازين ما سبق وهو (الجمهور السعودي) الذي يخشاه الجميع وهو فرس الرهان والورقة الرابحة لأي سباق. ووزارة الثقافة والإعلام التي تسير في خطى ثابتة لن تغفل عما سبق وهي جديرة بثقة السعوديين أن تتصدى لهذا الإنجاز قريباً بضوابط تتناسب مع مجتمع سعودي إسلامي محافظ وهي التي تسعى جاهدة لترسيخ مفهوم ثقافة الإعلام والمواطن والمقيم وتسارع الخطى دوماً للسير في مقدمة الركب وهي حقاً تجزم أن الآخرين ليسوا أفضل منّا وأننا ننافس إن دخلنا (سَبَقاً) كما أنها خير واجهة ثقافية إعلامية لملايين السعوديين الذين طال انتظارهم لصالات سينمائية داخل مدن ومحافظات وطنهم بدلاً من السفر لها وكذلك شغلاً لأوقات فراغهم أثناء الإجازات في الاستفادة والتسلية وفق ضوابط لن يغفل عنها صنّاع القرار. الفن هو ثقافة أمة وتبسيط الواقع بعنصر التشويق وتعليم للأجيال ورسائل هادفة ولغة موحدة للعالم وهو (الفن) يختزل لك ثقافة وتأريخ الأمم دون أن تفتح كتاباً أو تتعلم درساً. سأنتظر الآن أن يكتمل عقدنا الفني مطرزاً بما يثلج صدورنا مسابقين سارعي الخطى بثبات نحو الصفوف الأولى.. الأمر بأيديهم والأمل يحدونا والوقت قد حان.
fm248@hotmail.com |
|
|
| |
|