| |
قرار في مستوى التحديات
|
|
القرار الذي اتخذه وزراء الخارجية العرب بكسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، يرتقي إلى المستوى المطلوب لمواجهة التحديات الراهنة، ليس فقط على فلسطين، بل على كامل الوجود العربي، ففي ظل المذابح المستمرة التي تنفذها إسرائيل، وفي وجه هذا التأييد الأعمى من قِبل الولايات المتحدة لهذا العدوان الجائر إلى الدرجة التي يتم فيها استخدام الفيتو لمجرد حماية إسرائيل من الإدانة، فإنه يصبح لا طائل من وراء التجاوب مع مقتضيات الحصار المفروض على هذا الشعب المغلوب على أمره، وإلا أصبح الأشقاء عوناً للجهات التي تحاول تركيع الشعب الفلسطيني وإجباره على توقيع شهادة وفاته وهو خاضع ذليل. والمهم في القرار، الذي جاء قبل أقل من 24 ساعة على استخدام الولايات المتحدة للفيتو لصالح إسرائيل، أن يُصار إلى التنفيذ وبالتالي إطلاق انسياب مختلف أنواع المساعدات للشعب الفلسطيني، وأن يدعم آليات إرسال وإيصال المساعدات جهدٌ سياسيٌ يواكب كل المراحل، ويحمي هذه التدفقات من أجل وصولها وفك الاختناقات الحياتية التي يعاني منها الفلسطينيون، فهناك حاجة إلى كل شيء من المواد الغذائية إلى الأدوية مروراً بمعونات الشتاء من ملابس وغيرها.. أهمية القرار أيضاً أنه يجيء في ظل استعار الهجمة الإسرائيلية وفي ظل تراخي دول تجاه مقتضيات التسوية انسياقاً وراء المواقف الإسرائيلية التي تستهدف تجميد الأوضاع على ما هي عليه، وتعميق الأزمات الفلسطينية من حياتية وسياسية، فقد عملت الضغوط الإسرائيلية الحربية والقمعية إلى جانب العقوبات الخارجية على حصر الفلسطينيين في زاوية ضيقة متسببة في الأزمة السياسية وإفشاء التناقضات بين القوى الفلسطينية إلى درجة الاحتراب في الشوارع. الإيجابيات المتولِّدة عن القرار لا حصر لها وهي تتجاوز مجرد الوضع الفلسطيني إلى المحيط العربي ككل، في وقت ساد فيه إحساس لدى الشارع العربي أنه لا يمكن مواجهة هذه العدوانية الطاغية لإسرائيل، ومن ثم فإن واقع الحال يُحتِّم تواتر مثل هذه المواقف الإيجابية الجماعية لتتولَّد عنها سياسات أكثر صلابة تعين على تجاوز المواقف الحالية في المنطقة العربية، والناجمة من تسلُّط القوى الخارجية مع ضغوط إقليمية تُشكِّلها إسرائيل التي تعين على الضغوط الخارجية الواقعة على منطقتنا. فالأوضاع في العراق والسودان تشير إلى جانب من تلك الضغوط، ومن المؤكد أن المعالجات العربية والمواقف الداعمة للأشقاء، يمكن أن تقود إلى نتائج طيبة من جهة إعادة المبادأة، إلى جانب العربي في أمور هي من صميم اختصاصاته وشؤونه، ومثل هذا التضامن والتعاضد سيحد من تغوُّل الآخرين في الشؤون العربية، فالتدخلات الخارجية تحد من ممارسة الحقوق والواجبات وتترك الأجنبي هو صاحب الكلمة الأولى في شؤون تهم أهل المنطقة في المقام الأول.
|
|
|
| |
|