| |
الجامعات السعودية بين الكم والجودة
|
|
التقارير الإخبارية التي تفيد بتأخر الجامعات السعودية في التصنيف العالمي مثيرة للمخاوف، ومحفزة على العمل من أجل إيجاد حلول ناجعة. فقد جاء تصنيف الجامعات السعودية في المرتبة 2998 من أصل ثلاثة آلاف جامعة في العالم، أي إن الجامعات السعودية لا يفصلها عن الترتيب الأخير إلا مرتبة واحدة. وبغض النظر عن صحة التصنيف ودقته والمعايير التي استخدمت فيه، فإن أصل المشكلة بحاجة إلى استنفار في كل القطاعات الحكومة والأهلية ذات العلاقة بالتعليم العالي. إن المملكة شهدت في السنوات القليلة الماضية نقلة مشهودة في عدد الجامعات والكليات وتوزيعها في مختلف المحافظات، وتعد هذه خطوة في غاية الأهمية لاستيعاب العدد المتزايد من خريجي الثانويات. ولكن يبقى أيضاً أمر لا يقل أهمية عن مسألة الكم، وهو جودة الجامعات وقدرتها على مد المجتمع بالكفاءات العالية. ومن هنا كانت جامعة الملك عبدالله للعلوم التقنية مثالاً على مسألة الاهتمام بالجودة. فهذه الجامعة تختص فقط بالدراسات العليا، وتركز على البحث والتطوير، كما إنها متخصصة في علوم غاية في الدقة. ومن أجل تحسين جودة الجامعات، لا بد من تطوير الهيئات المتخصصة باختبارات الجودة التعليمية، ليس على مستوى المملكة فحسب، وإنما من المهم وجود مثل هذه الهيئات في كل جامعة. وهذه الهيئات تقوم باستمرار بالمراجعة الأكاديمية والعلمية لما يقدم في الجامعات، كما أنها تقوم بتقييم الكفاءة التدريسية لأعضاء هيئة التدريس، ومواكبتهم لكل جديد في تخصصاتهم. كما إن الحاجة ماسة إلى وجود تعاون وثيق بين وزارة التعليم العالي ومختلف القطاعات الحكومية الأخرى والمرتبطة بالسوق. فهذا التعاون يساعد الوزارة على معرفة احتياجات السوق، وبالأرقام، لتهيئة الجامعات والكليات حتى تلبي هذه الاحتياجات، ومن دون هذا التعاون، فإن مخرجات التعليم العالي قد تكون بعيدة كل البعد عن احتياجات المجتمع. فالعبرة حقيقة ليست بعدد المتخرجين، ولا حتى بشهاداتهم، وإنما بأهمية تخصصاتهم وقدرتها على سد النقص في السوق. ولا يعني أن التخصص كلما كان علمياً وصعباً كان مهماً، فقد يكون السوق مشبعاً بالأطباء على سبيل المثال، وبالتالي لا تكون ثمة حاجة لمزيد من المتخصصين بالطب. كذلك، من المهم وجود تعاون وثيق بين الجامعات السعودية والجامعات العالمية المرموقة، والاطلاع على ما تقدمه تلك الجامعات في خططها الدراسية، وتبادل الزيارات، وفتح الباب لتلك الجامعات للدخول إلى السوق السعودية وفقاً لما تقرر في منظمة التجارة العالمية، فذلك سيعزز المنافسة، ويرفع من مستوى التعليم، بما لا يتعارض مع معتقداتنا الإسلامية وتقاليدنا الأصيلة.
|
|
|
| |
|