| |
سلامٌ بعيد المنال
|
|
لايعرف على وجه الدقة ما هو العدد المطلوب أن يتحقق من القتلى حتى يهب العالم لإنقاذ الفلسطينيين من حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ أكثر من أسبوع على قطاع غزة، ففي غمرة هذا العدوان الآثم طالب الفلسطينيون الأمم المتحدة بوضع قوات دولية على حدود غزة مع إسرائيل لكن الدعوة لم تجد آذاناً صاغية وكأن الأمر لا يعني المنظمة الدولية من قريب أو بعيد.. وقد مرت أيام العدوان بما فيها من مجازر يومية على العالم ككل مثلها مثل أي أيام عادية، فقد انعدمت، وبشكلٍ عام، ردود الفعل تجاه أحداث مهولة، ورأت إسرائيل وهي تنسحب من بلدة بيت حانون أمس أن تختتم هذه الجولة الدموية بالمزيد من الدماء ففتحت نيران مدافعها على شاطئ غزة لتقتل خمسة فلسطينيين بينهم امرأة، في وقت نزل فيه سكان بيت حانون إلى الشوارع لتقف آثار العدوان لكن أنباء العدوان الجديد نبهتهم إلى أن العدو لا يزال يتربص بغزة وأهليها وأن عليهم الانتظار لبعض الوقت قبل المسارعة إلى تفقد الدمار الذي الحقته إسرائيل ببلدتهم.. وقد شملت الخسائر هذه المرة نهب الممتلكات من قِبل جنود الاحتلال فضلاً عن تدمير مبانٍ تاريخية إلى جانب تخريب منشآت البنية الأساسية ومنها أنابيب المياه وأعمدة توصيل الإنارة، ووسط الدمار تراكمت أنقاض مسجد يعود تاريخه إلى ثمانية قرون خلت.. ومن الواضح أن إسرائيل تشعر بأنها مطلقة اليد تفعل ما تشاء وتنفذ بصورة دؤوبة محو التاريخي الفلسطيني فضلاً عن تشويه الحاضر.. وعلينا الانتظار ربما لبعض الوقت رد الفعل على هذه المجازر والاعتداءات السافرة لنرى كيف أن الدول الكبرى ستندد بقوة وبشدة بما تسميه الإرهاب الفلسطيني، وذلك حال قيام الفلسطينيين بمحاولة للثأر لقتلاهم.. وكان الإحساس السائد بين حلفاء إسرائيل، وهي تمارس كل هذا القتل، عبارة تأييد يلفه الصمت إلا أن مسؤولين أمريكيين لم يتورعوا عن القول إن إسرائيل إنما تدافع عن نفسها، ولا يُعرف كيف يمكن اعتبار قتل الأطفال والنساء نوعاً من الدفاع عن النفس.. وقد نزلت الملاحظات الأمريكية برداً وسلاماً على إسرائيل وشجعتها على المضي قدماً لإشباع تعطشها للدماء الفلسطينية.. كما أن هذه التصريحات تثبت بصورة قاطعة أن الحل لا يمكن أن يأتي من دول ترى في الاعتداءات السافرة مجرد إجراءات عادية للدفاع عن النفس.. ومن الواضح أن الأوضاع تتجه نحو المزيد من التعقيد، إذ إن الالتباس يأتي من الدول الكبرى التي يفترض أنها ترعى السلام في العالم، وإلى أن يتم حل المعضلات العديدة المطروحة على الساحة ومنها هذا الالتباس في المفاهيم بين الإرهاب والنضال على سبيل المثال، فإن السلام سيظل بعيد المنال..
|
|
|
| |
|