| |
نهارات أخرى لا رهبنة في الإبداع فاطمة العتيبي
|
|
قال قراء يُعلِّقون على مقال (عزلة) إنني أدعو إلى حياة بوهيمية يعتنقها الكتاب.. يتخلون فيها عن الواجبات والمسؤوليات اليومية ويتفرغون لعزلة ووحدة وسط أبخرة القهوة وصوت فيروز ربما.. ويغلقون الأبواب ويوصدونها تماماً أمام كل حياة طبيعية يعيشها الإنسان السوي.. بل تمادى بعضهم في أنه فهم بأنني أدعُو إلى تبتل الأدباء وهجرهم لحياتهم وانقطاعهم عن الزواج والأبناء وقال آخرون (لا رهبنة في الإسلام)!! ** ولا ألوم القراء دائماً في وصول أفكار ومعانٍ لم أردها أو لم تخطر لي وأنا أكتب.. فأحياناً وضوح الفكرة في ذهن الكاتب يجعله يطمئن لوضوحها في ذهن المتلقي.. وهو مما قد يحدث لبساً في الفكرة! ** والحقيقة إنني دعوت لعزلة الاستهلاك اليومي للتواجد والبحث الباهظ عن الأضواء وصرف الوقت والجهد بأمور استهلاكية تمثل مطحنة حياتية تجرش خيال الكاتب وتحيله إلى فتات تذروه الرياح! ** إذ لا هدوء.. ولا تأمل.. ولا قراءة معمقة.. ولا أمان مادي ولا أمان معنوي.. من المؤكد أن نتاج هذا هو إبداع متشابه ومكرور وخالٍ من الدهشة والجدة التي هي أس الإبداع..!! ** لا مؤسسات ترعى المبدعين.. بل هناك شركات ودور نشر تصر على أن يوقع المبدع على تنازل كامل عن النواحي المادية لجهتها.. وبعضها توقعه على 50% وبعضها الأكثر توقعه على 15% من الأرباح.. أما المؤسسات الثقافية الرسمية فهي لا تمل من أسطوانة الإمكانات مع أن بعضها يعيد (مليون ريال) لخزينة الدولة كفائض من المصروفات!! ** الإبداع نتيجة لأسباب وأوضاع وأفكار وملامح بيئة عامة ترعاه وتهمي عليه حتى يكون شيئاً مذكورا.. هذا ما عنيته في حديثي عن (العزلة) فلا تذهبوا بعيداً فلم أدعُ إلى رهبنة أو تبتل في محراب الكتابة! وطوبى لمن اعتزل صخب الحياة الاستهلاكي إلى حيث التأمل والسفر في غياهب الكتب.
fatma otaibi@hotmail.com |
|
|
| |
|