مناحي وأمانة منطقة الرياض في ليلة استثنائية
فهد الحوشاني

يحق لمسؤولي أمانة منطقة الرياض والمسرحيين أن يفخروا بإنجازهم غير المسبوق بتحقيق رقم قياسي في عدد الجمهور المسرحي الذي حضر عرض مسرحية مناحي والملايين على مسرح مركز الملك فهد الثقافي مساء الأربعاء 10-10-1427هـ، فالحضور يؤكد أنها ليلة تاريخية واستثنائية فالعديد من المسؤولين حضروا العرض يتقدمهم سمو أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور عبدالعزيز بن عياف آل مقرن.. الجمهور فاقوا طاقة المسرح الاستيعابية وصل العدد إلى أكثر من خمسة آلاف شخص.. سابقة تاريخية أن يمتلئ مسرح مركز الملك فهد الثقافي بالمتفرجين الذين ملؤوا كل صالات وممرات وسلالم المركز.. حشود كبيرة زحفت قبل العرض المسرحي بثلاث ساعات.
والحضور الإعلامي لم يشاهد من قبل في عرض مسرحي بتلك الكثافة. العديد من الفنانين والمثقفين حضروا العرض.. إنها (ليلة كبيرة) بكل المقاييس.. كانت عرساً مسرحياً كرم فيه فنانو منطقة الرياض أمين منطقتهم على كل الود والحب والعطاء الذي قدمه لهم، امتنان لا حدود له يشعر به كل المسرحيين تجاه هذا الرجل الذي رأى أن المسرح يستحق أن يعطى فرصته فقال المسرح كلمته في عيد هذا الفطر من خلال سبع مسرحيات للكبار ومثلها للصغار تهافتت عليها الحشود من كل مكان.
المسرح من خلال أمانة منطقة الرياض أعلن أنه يستطيع أن يوقد مشاعل الفرح ويشارك في صناعة الترفيه والثقافة ويساهم في منح هذه المدينة بعدها الإنساني متى ما وجد المسؤولية الواعية!
فكرة تكريم سمو أمين منطقة الرياض طرحها أحد المسرحيين وتبناها باقتدار فايز المالكي ومجموعته المسرحية بتقديم عرض إضافي لمسرحيتهم فلهم كل الشكر على هذه المبادرة.. والمالكي تألقت نجوميته المسرحية من خلال مسرح الأمانة والذي قدم أيضاً العديد من الممثلين المميزين خلال الست السنوات الماضية! فايز المالكي الآن يؤكد نجومية الشباك ومسرح النجم الواحد وهذا مهم جدا لترسيخ قواعد المسرح الجماهيري الذي توقف في الرياض منذ أمد بعيد حتى أعادته الأمانة! وللمالكي حضور قوي على المسرح تسنده سرعة بديهته وجاذبيته وقدرته على استدراج الجمهور إلى مناطق من الضحك لم يتعود عليها ولا يصل إليها إلا هو.. قبل المسرحية هتفت الجماهير مرددة فايز.. وأثناء وبعد المسرحية.. هذا أمر غير معتاد في مسرحنا وهذا الحب الجماهيري بلا شك يضع على فايز مسؤولية من نوع خاص.. فهو مطالب بأن يستمر في العطاء للمسرح الذي منحه حب تلك الجماهير ومطالب أيضاً بأن تكون عروضه مليئة بالفرجة والمتعة وأيضاً بالفائدة وأن تكون ذات رسالة واضحة فلا يبنغي أن تحضر الجماهير للضحك فقط وإن كان الضحك أمراً إيجابياً!
ومما يلاحظ على فايز أنه يقود النص ولا يقوده النص بمعنى أن شخصيته وجمله المسرحية كممثل تطغى على النص المسرحي ربما لأنه حتى الآن لم يجد النص الذي يسد عليه منافذ الخروج ويشبع لديه كل رغباته المتأصلة في كوميديا نوعية، جميع المسرحيات التي حضرتها وجدته يؤلف نصا آخر موازيا للنص الأساسي.. هذه قدرة غير عادية أن يستمر ممثل منذ بداية المسرحية يصنع لنفسه خطاً إضافياً على النص، إلا أن ذلك قد يوقعه في التكرار ما يعني أن أعماله ستكون متشابهة إذا لم يجد النص المسرحي الغني بكل عناصر الفرجة التي يحتاجها نجم مسرحي!
مسرحية مناحي والملايين والتي كتبها الزميل مشعل الرشيد مجسداً فيها شخصية رجل أمن النادي الذي يمر بعدة تحولات.. هي من أفضل المسرحيات التي شاهدتها في هذا العيد وإن كانت مسرحية شنترة بن عداد لا تقل عنها شأنا كمسرحية جماهرية بقيادة النجم المسرحي الشاب حبيب الحبيب والكاتب المتألق سعد المدهش.. وهما ثنائي أيضاً تألقا كثيرا في مسرحيات الأمانة وإن كانا بدأا العمل كثنائي في مركز الأمير سلمان الاجتماعي.
المسرح يحتاج إلى دعم مادي ورعاية معنوية كما فعلت الأمانة وهي الآن تقدم نموذجا ناجحا تم اختباره لست سنوات عنوانه: كيف تؤسس لمسرح جماهيري؟! وجوابه (دعم مادي.. يقف خلفه أنظمة واضحة ورجال مخلصون)! إنها (روشتة) أثبتت فعاليتها مطروحة لأي جهة تريد أن تأخذ بيد المسرح، لا نريد لأي جهة أن تبدأ من الصفر. الوصفة جاهزة للتطبيق. المسرح لا يمكن أن يتألق وينمو إلا بنفس الإرشادات التي كتبت على غلاف منتج الأمانة المسرحي.. والمسرحيون لن ينسوا في تلك الليلة الاستثنائية أن سمو أمين مدينة الرياض كان بدرها الذي أضاء سماء المسرح وأشعل الفرح في قلوب عشاقه في مدينة الرياض فاستحق كل الشكر والامتنان على هذا العطاء الذي يقف خلفه بالتأكيد وعي بأهمية الثقافة والترفيه لمدينة حاصرها الأسمنت والأسفلت لعدة عقود! وهي الآن وبمباركة ودعم من أمير الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز تجعل من نفسها نموذجا لبقية المناطق لكيفية الاحتفال الملتزم والمتزن.. وتقدم أيضا على طريقتها الخاصة كيف يمكن تعزيز الجانب والبعد الإنساني والحضاري لأية مدينة وهذا لا يحدث في العيد فقط ولكنه طوال العام!