| |
في مسألة ترائي الأهلة.. العبرة بالواقع لا بالمتوقع
|
|
المكرم رئيس التحرير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: لقيت مسألة ترائي الأهلة جدلاً طويلاً بين علماء ومفكرين وعامة، ولا سيما في حالة تعارض ما يقع مع ما يقرره علماء الفلك. ولست في هذا المقام لأبين الصواب من الرأيين، وإنما الغرض والمقصد هنا هو بيان أمور قد غفل عنها بعض من تصدى لهذه المسألة، وهذه الأمور هي: أولاً: إن المرجع في إثبات دخول الشهر أو عدم دخوله من جهة التعبُّد - وهو الأمر الذي يهم كل المكلفين - هو ما يقرره ولي الأمر بعد ثبوت الشهادة لديه برؤية الهلال أو عدم رؤيته، حسب الضوابط الشرعية المرعية في الشهود وعددهم مما هو معروف لدى أهل العلم بأدلته. ثانياً: إن العبرة بالواقع لا بالمتوقّع، وأعني به: أن الاجتهادات السابقة قبل وقت الترائي لا تعدو كونها اجتهاداً قابلاً للصواب والخطأ، والذي يصدِّق ذلك أو يكذِّبه هو الحال الواقع، فقد تكون نتيجة الدراسات والبحوث الفلكية هي عدم إمكان رؤية الهلال؛ لعارِضٍ ما متوقَّع حدوثه، ثم يُرى الهلال في الوقت الذي طُلِب فيه الترائي، إما لعدم حدوث هذا العارض أصلاً، أو أنه حدث لكن حدوثه لم يمنع من الرؤية. ثالثاً: إننا لا نشك بأن الرؤية بالمراصد الفلكية أقوى من الرؤية بالعين المجردة، ولكن هل وصل الحال بأن ما يُرى عن طريق تلك المراصد هو اليقين الذي لا يدخله احتمال، وبالتالي يقال: إن مخالفة المشاهَد بتلك المراصد مخالفة للأمر الواقع؟! وإذا تقرر ذلك؛ فإنه ينبغي مراعاة أمرين مهمين هما: 1- إن بحث هذه المسألة ومناقشتها ينبغي أن يكون مقتصراً على مَنْ له عِلم بها، لا أن تُعرض هذه المسألة أمام العامة أو غير المتخصصين؛ فيقع الخلل من جهتين؛ الأولى منهما: تكلم هؤلاء - العامة أو غير المتخصصين - فيما لا يفقهون، ومن تكلم في غير ما لا يعلم أتى بالعجائب. الجهة الثانية: وقوع اللبس لدى العامة في صحة متعبّداتهم المبنية على رؤية الهلال؛ بسبب ما يرونه من اختلاف قد لا يدركون الغرض منه. 2- أن يكون الانتهاء من بحث هذه المسألة الواقعة فور إثبات دخول الشهر أو عدم دخوله لدى ولي الأمر، بمعنى أنه ينبغي للعلماء أن يتجهوا بعد البيان الصادر عن مجلس القضاء الأعلى إلى الحديث عما ينفع الناس فيما يختص بالأعمال المشروعة في هذا الشهر، والأحكام المتعلقة به، وينبغي أن يكون سؤال الناس عما ينفعهم من الأحكام والآداب المتعلقة بتلك الأشهر.
وليد بن إبراهيم العجاجي خطيب جامع الأمير فيصل بن فهد في حي الهدا
|
|
|
| |
|