| |
وتاليتها... أ. د. هند بنت ماجد الخثيلة
|
|
تظل المملكة العربية السعودية تسمو بسمو قيادتها الحكيمة، ويعلو شأنها إقليمياً وعالمياً بعلو همة أهلها ومواقفها المشرفة التي أصبحت محط أنظار المهتمين بالتحولات والمواقف، وقبلة كل من ينتظر مدداً أو عوناً أخوياً من إخواننا العرب والمسلمين. إن قيادة المملكة المتصلة بحبل من الإخلاص للأهل والوطن تثبت في كل مناسبة أنها الشقيقة الكبرى العربية، والقبلة للأمة الإسلامية كلها ليس في الجانب العقائدي أو الديني فحسب، بل من جانب الشعور بالمسؤولية تجاه القضايا المصيرية للأمة. لا أحد يستطيع أن ينسى أو يتناسى ثقل دور المملكة في صياغة اتفاق الطائف الذي أنهى حرباً أهلية ضروساً في الشقيقة لبنان، ووضعت بذلك حجر الأساس لإعادة إعمارها وصون دماء أبنائها، حتى بعد العدوان الأخير لإسرائيل على لبنان ظلت المملكة على ثبات موقفها الراسخ القائل بأن لبنان يجب أن يمضي قدماً في مسيرة الإعمار والبناء على الرغم من تعمد البعض إساءة فهم الموقف السعودي، لا لشيء إلا ليبدد ما هو فيه من سوء موقفٍ أو حال. على الرغم من بعض الحناجر والأقلام المريضة إلا أن المملكة تصر دائماً على أن تقوم بدورها كما ينبغي، وترى في ذلك واجباً قومياً، وقبل ذلك ما تمليه عليها ضمائر قادتها، دون الالتفات إلى ما سفّ من أمور أو مواقف يبقى الزمن كفيلاً بتعريتها كلها. وحين رأت قيادة المملكة وأهلها ما يحلُ يومياً في العراق العربي الشقيق من نزفٍ لا ينقطع، ومذابح لا تنتهي، وحين ثبت ما نبهت إليه القيادة السعودية مراراً وتكراراً من خطر الأصابع المغرضة التي تتلاعب بالمصير العراقي، تحركت القيادة السياسية السعودية لتفعل ما اعتادت أن تقوم به دائماً، ألا وهو رأب الصدع... وحقن الدماء.. والحفاظ على مقدرات الأمة.. فكانت (وثيقة المصالحة) في مكة. ولعل صدور هذه الوثيقة له دلالاته الزمانية والمكانية؛ فمن حيث الزمان فإن توقيت الوثيقة وإقرارها جاء بعد أن أدركت جميع الأطراف العراقية أن الخسارة لا تعني طرفاً واحداً، بل هي خسارة الجميع معاً، وبعد أن أدركت الأطراف (الأخرى) أن العراق لن يكون لُقمة سائغة حتى وإن ترامت في أرجائه الجثث التي يسمونها مجهولة الهوية، وما هي بمجهولة الهوية، لأنها جثث أبناء العراق بغض النظر عن اختلاف مشاربهم. أما من حيث المكان، فإن اختيار مكة مكاناً يعني أكثر من مكان، فهي قبلة المسلمين جميعاً، بل هي عاصمتهم كلهم، فيها الخير كله، والبركة جميعها، وقدسية الموقف تزداد قيمة ومعنى حين تكون العشر الأواخر موعداً مكّيّاً لصياغة وثيقة المصالحة تلك التي أشرقت لها عيون ملايين الأطفال العراقيين، ونبضت معها ملايين قلوب العراقيات الخائفات على مصير أسرهن التي يمضي فيها الذبح مطرداً يوماً بعد يوم، بل ساعة إثر ساعة. الذين لا يعرفون الحساب جيداً يضربون الأخماس بالأسداس ليفسروا وقفة المملكة تلك، مع أن الأمر كله لا يحتاج إلى جداول ضرب أو معادلات قسمة، وهو لا يعني أكثر من إرادة سعودية حرّة في وقت عصيب لرفع الضيم والأذى عن إخوة لنا كل ذنبهم أنهم يحبون وطنهم العراق... تاليتها؟!!
|
|
|
| |
|