| |
لما هو آتً من بقايا ما عبر......!(3) خيرية إبراهيم السَّقاف
|
|
صديقتي الثالثة هاتفتني مساء البارحة تشكو من إجهاد شديد وتوعك أصابها وجميع أفراد عائلتها، حيث لم تتمكن من الحضور للعمل في اليومين الأول والثاني... صديقتي طلبت مني أن أقوم بأداء محاضرة عنها لأنها لا ترغب في أن تتأخر عن طالباتها، وحين اتجهت إليهن في قاعة المحاضرة وجدتهن قلقات عليها إذ انبرت إحداهن تقول: أستاذتنا - هداها الله - ألم يكن أفضل لها أن تتجنب أمراض العدوى التي عادة ما يعود بها زوار مكة المكرمة في أيام المواسم وتحديداً رمضان؟... فيما أكدت أخرى أنها شرحت لأستاذتها - التي هي صديقتي - أفضلية البقاء بعيداً عن مكة لكل من سبق له الاعتمار في رمضان، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.. وحين نقلت لها ما قالتاه أكدت صديقتي ندمها وهي تقول: كانت رحلة جهاد بدأت من المطار وتأخر الرحلة في الذهاب والعودة، ثم في محاولة وجود سكن ملائم قريب من المسجد، وما أدراك ما العناء الذي قابلته مع أسرتي في تجنب رهق الزحمة وإمكانية الطواف والسعي داخل المسجد، لكننا لم نتمكن إلا في الأدوار الأعلى التي استنزفت وقتا، وحيث إنني مصابة بمرض في الظهر والركبتين فقد كان عليَّ التوقف بين حين وآخر للجلوس وطالب مني الأمر أن أحمل مقعدي بيدي، وكثيراً ما كنت أتعرض به في أذية الجالسين وأضطر إلى التوقف لتقديم الأعذار، فيما الوضع لم يكن يساعد على ذلك.. عانيت كثيراً في رحلتي وعدت مريضة. ... صديقتي الوحيدة هذه التي اعترفت بضرورة مراعاة أحقية الآخر في المساحة والوقت. وأن على جميع من سبقت له العمرة أو حضر رمضان في مكة أن تتجه أقدامه لمدن سياحية أخرى للعيد وأن يقضي بقية رمضان مستقراً في بيته يؤدي شعائره في خشوع وطمأنينة.. صديقتي ختمت قولها: إنها وهي تعلم طالباتها اكتشفت وهن يعلمنها من تجربتهن عن هذا الموقف أن التجارب هي المحك الحقيقي للمعرفة وليس فقط الشهادات... صديقتي هذه كانت الوحيدة التي جعلتني أتنفس راحة طويلة رافقت ابتسامة اطمئنان ترافقانني في المرة الثانية وأنا اتجه لقاعة محاضرتها لألتقي عقولاً نيرة جميلة.
|
|
|
| |
|