| |
الجمعة 23 رمضان 1393هـ - الموافق 19 أكتوبر 1973م - العدد 734 سبحان مغير الأحوال(2) بقلم: الدكتور حمود البدر
|
|
... ثم قهر الجيش الذي لا يقهر وكسرت كبرياؤه، وتحول الجيش الذي لا يعرف فنون الحرب الى قوة محاربة تماثل أو تضاهي ذلك الجيش الذي كان لا يقهر. لقد كان يوم السبت العاشر من رمضان هو نقطة التحول أو المحك الذي جلى الصدأ عن الجواهر وأثبت فيمتها وفعاليتها. لقد تحوّلت القوة العربية المبعثرة الى قوة متضامنة يشد بعضها أزر بعض وهذا هو الشيء الطبيعي. وتعلمنا الدرس، ولا يلدغ المرأ من جحر مرتين على الرغم من أننا لُدغنا ثلاث مرات من نفس الجحر. ولكن (من ردما كأنه شرد) كما يقول المثل. لقد كان يعبعا هو الرأي العام العالمي والقوى الكبرى والتي دائما تنصر المنتصر وتهزأ من المهزوم. بالضبط كما يفعل الصبية في الشوارع عندما يجدرون طفلا ضعيفا فيجعلون منه محل سخريتهم ومحط تجارب لاختبار عضلاتهم. عندما تحللنا من هذه النقطة، نقطة ضعفنا أمام الرأي العام العالمي استطعنا ان نثبت اننا قوة محاربة لا تقل في كفاءتها كما عهد في أجدادها من شجاعة وإقدام. وكم من مرة تمنيت فيها ان أكون في الولايات المتحدة ولو لفترة وجيزة لأرى ماذا يفعل هناك تجاه هزائم تلك القوة التي لا تقهر. وتجاه صلابة وثبات تلك القوة التي لا تتقن فنون الحرب. لا شك ان الدنيا قد أقيمت وأقعدت أمام هزائم (شعب الله المختار!) ولا شك أن أصوات التباكي على مصير حمائم اليهود قد تعالت، ونشطت حناجر بعض الموالين لها تطالب بحماية تلك الحمائم!! ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. ولقد غيّر العرب فعلا أنفسهم بل انهم انقبلوا على أنفسهم. حتى ان العالم بدأ يحس بهذا التغيير وبدأ جزء كبير من الرأي العام العالمي يبارك هذا التغيير ويشجعه. ولله في خلقه شئون، ولينصرن الله من ينصره ورسله. وما السموم التي تبثها أبواق الدعاية الغربية المتصلة بإسرائيل إلا محاولة قلب الحقائق كجزء من محاولة لتغيير الواقع الذي بدأ يتضح وهو ان العرب غيّروا انفسهم فغيرهم الله. تحولوا من قوة ذليلة الى قوة شجاعة تبادر وتكسب وتقول وتفعل بل الأكثر من هذا هو سر تحولهم وتغيُّر حالهم. لقد بدأوا يشعرون بأنهم يدافعون عن حق وان الحق لا يعطى وإنما يؤخذ. وبهذا اثبتوا لأنفسهم أولا ولأعدائهم ثانيا والأصدقاء وصنائع أعدائهم ثالثا انهم قوم عرفوا الله فعرفهم ونصروه فنصرهم. إن الأيام الثلاثة عشرة الماضية أثبتت ذلك وأيدته ضراوتهم في الدفاع ومعرفتهم بالأسلحة الحديثة الذي كان يشاع ان استعمالها مقصور على أولئك الشرذمة القادمين من الغرب. (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )(سورة محمد)
|
|
|
| |
|