بالأمس فُجعنا برحيل رجل في قمة الأخلاق الفاضلة والمعاني السامية وصاحب أيادٍ بيضاء.. في منتصف الشهر الكريم اختاره ربه إلى جواره بعد معاناة مع المرض الذي عانى منه طويلاً ولم يحسس من يجلس معه أنه مريض بذلك المرض العضال، جعله الله تمحيصاً لذنوبه، ذلك الشخص الذي يشارك الآخرين أفراحهم وأحزانهم.. فكم من زيارة قام بها لأشخاص ولو استغرق السفر مسافة طويلة، وأذكر أنه ذهب قبل رحلته العلاجية بفترة لرجل مريض بمرض مزمن ويبعد عن الرياض بمسافة خمسمائة كيل.. ولم يذهب له إلا لطلب الأجر ورفع معنويات ذلك الرجل المريض، وكنت إذا زرته بمناسبة أو بدون مناسبة على مدى ربع قرن أو يزيد إلا وأجد في مجلسه من كل أرجاء الوطن ومن كل فئات المجتمع يتحدث مع الجميع برحابة صدر ويقضي حاجة المحتاج بصمت، وأستشهد بأبيات لشاعر نبطي امتدحه في بعض صفاته التي تحلى بها.
ما صك بابه ولا وضع كوخ حراس |
ابليهان شيال الحمول الثقيله |
في بابه المحتاج من شت الأجناس |
وملزوم عصمان الشوارب تجيله |
إنه سمو الأمير سعد بن خالد بن محمد بن عبد الرحمن آل سعود الذي انتقل إلى رحمة الله بعد أن ملأ قلوبنا محبة له وبرحيله ملأها حزناً عليه ونفوسنا جزعاً على فراقه.. لكن لا نقول إلا ما يرضي الله.. لقد ملك قلوب الجميع في حبه وعطفه الأبوي وصدقه.. إن أبا خالد مدرسة لمن كان يريد مكارم الأخلاق والصفات العربية الأصيلة، وعزاؤنا بالله ثم بأبنائه البررة الذين نهلوا من مدرسته أمدهم الله بعونه وتوفيقه.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.
|