| |
لباقة اللغة والمسلسلات الخليجية انتصار الغدير
|
|
الألفاظ البذيئة التي تتردد بشكل مكثف يومياً على مسامعنا ومسامع اولائك المتابعين الجيدين لمثل هذه المسلسلات والمسرحيات الخليجية من المراهقين والاطفال الصغار الذين يتعلمون كل يوم عشرات الألفاظ العدائية وعبارات الشتائم المختلفة وأنواع المصطلحات المؤذية ليضيفوها الى ثروتهم اللغوية ويبدأون باستخدامها.. وسط مشاهد يتخللها عنف وضرب وصراخ حاد او بلاهة مفتعلة... هل هذه كوميديا؟؟؟ أنا شخصياً لا أرى في الأمر ما يدعو الى الضحك؟ بل الى القرف والاشمئزاز؟؟ يؤسفني ما يتعرض اليه أطفال اليوم من هجمات مقصودة وغير مقصودة تستهدف العبث بثقافة هذا الجيل الصاعد الواعد... والبداية دائماً تكون عن طريق العبث باللغة؟ فبعد صدمة ترجمة الرسوم المتحركة الى اللهجة العامية عوضاً عن الفصحى, تأتينا الآن صدمة المسلسلات والمسرحيات الخليجية.. حين يتجمهر الناس أمام شاشات التلفزيون ليتابعوا نجوم الكوميديا الخليجية يتبادلون الشتائم ويسخر بعضهم من بعض وصفعة خاطفة تلحقها ركلة سريعة, ثم صراخ مدوٍّ, واهانات تقشعر لها الأبدان!!!! هل هذه هي الكوميديا التي تعكس واقع حياتنا وبيئتنا؟ هل هذه الالفاظ المؤذية تعبّر عن لهجتنا وثقافتنا؟ هل هذا أفضل ما تستطيع ان تقدمه الكوميديا والدراما الخليجية؟ أبهذه الصورة الحمقاء الهمجية نقدم انفسنا لباقي المشاهدين في العالم العربي أم نعتقد أننا بهذه الأعمال التلفزيونية الواهية سننافس حبكة الأعمال التلفزيونية في سوريا ومصر؟ إنني ارفض هذه الصوره البشعة المشوّهة التي يعرضوننا فيها.. وتلك المصطلحات المؤذية التي يستخدمونها بحجة اضحاك الناس.. والتي اعتقد بأنها لا تعكس سوى مستوى ثقافة الناطق بها وحده! أذكر هنا بعض الأحاديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام حول هذا الموضوع: (ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء) (أن رجلاً لعن الريح عند النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: لا تلعن الريح فإنها مأمورة وإنه من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه). كما قال النبي صلّى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر): (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نَهى الله عنه). (لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار). من الجميل ان نجد اهتماماً واضحاً من وسائل الاعلام بتاريخنا القديم وحياتنا الشعبية البسيطة التي نقلتها بعض البرامج بصورتها الجميلة الحقيقية. فطالما كان مجتمعنا معروفاً بلباقة أهله وحكمة آرائهم وكرم ضيافتهم وشهامة مواقفهم وشجاعتهم. كما وقد اشتهروا بفصاحة اللسان وتفوقهم في المجالات الأدبية والشعرية (وهذا الاخير عالم مليء بالمناسبات والاحداث الطريفة التي نظمت من اجلها قصائد) ناهيك عن حنكتهم وبعد نظرهم واصرارهم على مبدأ ترابط الاسرة والبِر بالوالدين واحترام الناس والعديد من الاخلاق الاسلامية الحميدة وفي ذاكرتنا العديد من الحكايات المؤثرة التي تروى لنا عن اجدادنا بها الكثير من البراءة والوفاء والإخلاص والحب والتي لا تخلو كذلك من العِبر والمواعظ والاهداف السامية بالاضافة الى الكثير من المواقف الطريفة. أما ما تعرض اليوم ما هي الا برامج تجارية بحتة هدفها الربح المادي لا أكثر حيث خصصت لعرض الاعلانات الدعائية وهواتف ال700 وال sms... وذلك مؤشر على هبوط المستوى الثقافي والحس الابداعي لإعلامنا. والضحية هو وقتنا المهدور والمخاطرة بلغة أطفالنا والمجازفة بسلوكهم. ان عقولنا هي نعمة من الله سبحانه وتعالى ميّزنا بها عن سائر الحيوانات, يجب ان نختار بعناية ما نخزّنه من افكار ومعلومات.. فعقولنا ليست سلة للنفايات.
طالبة كلية اللغات والترجمة-قسم لغة فرنسية
|
|
|
| |
|