| |
هذرلوجيا كذا.. من كذا سليمان الفليح
|
|
إلى زمن قريب كنا نقول (أشجع من عنترة العبسي) لمن نصفه بالشجاعة، أما اليوم في عصر العولمة فلم تعد هذه المقولة معقولة على الإطلاق؛ لأنه يجب علينا أن نقول أشجع من (رامبو) وذلك لأن رامبو الأمريكي برشاشه العتيد بمقدوره أن يبيد عنترة وسيفه العتيد وحصانه الأبجر بطلقة واحدة، بل بمقدوره - أي رامبو - أن يبيد بني عبس كلها بقنبلة نووية بحجم قبضة اليد، وكذلك ليس من المنطقي اليوم أن نقول (وعند جهينة الخبر اليقين)؛ لأن الخبر اليقين اليوم أصبح عند الإنترنت والفاكس ومراكز المعلومات الإلكترونية، كما أنه ليس من المعقول أن نقول عن جميلة ما إنها أجمل من المتجردة زوجة النعمان، بل نقول إنها أجمل من (نعومي كامبل) الإفريقية السمراء لأنها أغلى عارضة في العالم حتى اليوم. كما أنه من السخف أن نقول (أوفى من السموأل) لمجرد أنه حافظ على أمانته، بل نقول أوفى من البنك الذي تستودع فيه نقودك، كما أنه ليس من المستحب اليوم أن نقول (تجري الرياح بما لا تشتهي السفن)؛ وذلك لأن هنالك سفناً اليوم تجري بالموتور وتتجه حيثما شاءت، كذلك الحال بالنسبة للمثل العتيد (أدل من قطاه)؛ لأننا أصبحنا اليوم نستدل بجهاز ماجلان الذي يحدِّد أصغر بقعة في الصمان والدهناء، كما أنه ليس من اللائق أن نقول اليوم (أعدى من السليك)، بل نقول أعدى من (حسيبة) العداءة الجزائرية الشهيرة وبطلة المارثون السابقة، كما أنه لم يعد من المنطق أن نقول (أكرم من حاتم)، بل نقول أكرم من (صندوق الاستثمار) الذي يهب الأموال والقروض للدول والأشخاص، كذلك الحال فإنه ليس من اللباقة أن نقول اليوم (أشوف من زرقاء اليمامة)، بل نقول أشوف من الرادار، وكذلك أيضاً أنه من التخلّف (الصراح) أن نقول كل قوم ولا عنزة - القبيلة - بل أن نقول كل قوم ولا الأمريكان، كذلك يجب أن لا نقول أغنى من قارون، بل نقول أغنى من بيل غيتس، وكذلك يجب أن لا نقول (أفتك من الطاعون)، بل نقول أفتك من الإيدز. كذلك يجب أن لا نقول (أعقد من ذنب الضب)، بل نقول أعقد من سياسة بوش في الشرق الأوسط. *** يبقى القول أخيراً.. أننا سنصبح (أحمق من هبنّقه) إذا لم نستوعب هذه المتغيّرات. *** آخراً لا نملك إلا أن نقول في هذه الأيام المباركة (أسعد الله أيامكم)، لعلها تكون أكثر سعادة مما سبقها من الأيام وأن تكون أحزانكم (أقصر) من مقالتي هذه.
|
|
|
| |
|