| |
يارا دعاة (أجل عطني نصه) عبدالله بن بخيت
|
|
قد يبدو العنوان وكأن فيه لخبطة أو أن هناك خطأ مطبعياً كما يحدث باستمرار من المصححين وفني الصف في جريدتنا هذه وتعودنا عليه، إذا سار العنوان كما كتبته ولم يتدخل إخواني في الصف ولخبطوه (دعاة أجل عطني نصه) فهو يعني بالضبط ما أزمع كتابته. مع بداية الدشوش انبرى عدد من المفتين بإصدار فتاوى تحرم تحريماً مطلقاً لا رجعة فيه استخدام الدشوش وبلغت بعض الفتاوى أن اتهمت من يركب دشاً في بيته بكلام أخجل من ذكره في هذه الزاوية، مع ملاحظة أن بعض الدعاة لم يحرم الدشوش ولم يدن من يركبه في منزله فالعاقل لا يرهن نفسه بالمجهول, ولكن معظم الدعاة بلا شك ساهموا في الترويج ضد الدشوش وتحريمها وتجريم من يركبها حتى تطوع بعض الصغار (المساكين) بالدوران في الحارات لرمي الدشوش الظاهرة في السطوح بالساكتون. في كل مرة أشاهد واحداً من هؤلاء الدعاة الذين حرموا الدشوش أو سكتوا عن مناقشة تحريمها يظهر في إحدى القنوات أتذكر حكاية طريفة قصها علي أحد الأصدقاء. يقول صديقي: قبل سنوات بعيدة كنا في الحج وجاءني تركي عجوز وفي يده مبلغ ثلاثين ريالاً مدها لي وهو يطلب شيئاً من الصعب تبينه، كنت في الثالثة عشرة من عمري ومبلغ ثلاثين ريالاً في ذلك الحين مبلغ ضخم بكل المقاييس، وبعد محاولات عسيرة فهمت أنه يريد ماء ليتوضأ به، قدمت له الماء وأخذت المبلغ ومن فرحي ركضت إلى أحد أصدقائي الصغار وأخبرته بما جرى، وبدلاً من أن يهنئني على هذا الكسب الكبير، صرخ في وجهي وطالبني أن أرد المبلغ فوراً، فالماء مجاناً ولا يمكن أن تتقاضى عليه كل المبلغ، لا يجوز أن تأخذ أموال الحاج المسكين وخصوصاً أنت في ملابس الإحرام، وراح يقدم النصائح الواحدة تلو الأخرى ويشرح لي عواقب فعلتي ولكن المبلغ كان ضخماً إلى درجة عجزت عن تصور أن أرده إلى صاحبه، في كل مرة أضعف أمام نصائح صديقي الصغير أتذكر أن هذا المبلغ يمكن أن يحقق لي كثيراً من مطالبي عندما نعود إلى الرياض، أخيراً وفي خضم غضبه هددني صديقي أن يخبر والدي إذا لم أعد المبلغ، شعرت بشيء من القلق وطلبت منه مهلة أفكر في الأمر، وبعد ساعة أو ساعتين عاد إلي صديقي وبنفس الحماس الديني السابق قال صارخاً: لقد حان الوقت إما أن تعيد المبلغ إلى صاحبه التركي المسكين أو أن أخبر والدك. كان الطمع قد سيطر على عقلي وقلبي فلم تنفع المهلة، فقررت أن أظهر بمظهر القوي الذي لا تخيفه التهديدات فقلت لصديقي: رح قل لأبوي ما تريد ولكني لن أعيد المبلغ مهما كلف الأمر، تذكر أن التركي قد اختفى لا يوجد شهود على الحادثة، رحل صديقي وهو يهدد ويتوعد وأثناء اضطرابي وخوفي عاد مرة أخرى بعد أن تغيرت ملامح وجهه، اختفت علامات التهديد والقوة وظهرت على وجهه علامات الضراعة والرجاء فقال اسمع إذا كان ما عندك نية ترجعها أجل نقسمها بيني وبينك بالنص. هذا هو منطق بعض الدعاة الذين يتراكضون بين القنوات الفضائية المحرمة، عندما عجزوا عن إقناع الناس بالانصراف عن الدشوش والبقاء على الكاسيتات التي كانت تدر عليهم مئات الألوف من الريالات قرروا أن يأخذوا نصيبهم من تلك الكعكة الضخمة التي تسمى القنوات الفضائية وقد ثبت بالدليل قول إخواننا المصرين: الرزق يحب الخفية.
فاكس: 4702164
yara4u2@hotmail.com |
|
|
| |
|