| |
أضواء مستقبل العراق (1) جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
لم يَعُد الوضع في العراق كالسابق لا يهم أحداً إلاّ الأطراف المتورِّطة في الشأن الذي صنعته سياساتهم، والأشخاص الذي ابتلوا بالتغيُّر الذي حصل في هذا البلد المهم، من المواطنين العراقيين الذين ابتلاهم الله بهذه المصيبة، مصيبة الغزو ومن ثمّ الاحتلال، ففقدوا الأمن وراحة البال ولقمة العيش، وأصبحوا مهدَّدين حتى في حياتهم .. فبالإضافة إلى مقتل أكثر من ستمائة وخمسة وخمسين ألف مواطن عراقي منذ الغزو الأجنبي للعراق - وهو ما يشكِّل خمسة في المائة من عدد سكّان العراق - هرب من العراق أكثر من ثلاثة ملايين مواطن موزّعين على الأردن ومصر وسوريا ودول الخليج والدول الأوروبية، مما يعني أنّ أكثر من ربع العراقيين إمّا قضوا نحبهم، أو هربوا طلباً للنجاة وبحثاً عن حياة كريمة، بعد أن أصبح الوضع لا يُطاق، وعاد العراقيُّ إلى التشرُّد وبأعداد أكبر، بعد أن سئم العراقيون (جنّة الديمقراطية) التي أوجدها الاحتلال والتي لم يجن منها سوى القتل وضياع الأمن ولقمة العيش. الوضع الذي آل إليه العراق، وخصوصاً بعد تزايد مؤامرات تقسيم العراق، والبدء الفعلي لتنفيذ مخطّطات تجزئة العراق تحت مسمّيات عديدة، منها الفدرالية أو قوانين الأقاليم، أو إعلان الإمارات الطائفية، وغيرها من الأساليب التي تتلبَّس أشكالاً وأسماءً تصبُّ في النهاية لصالح أجندة أعداء الإسلام والعرب الذين يريدون إضعافهم من خلال إلغاء قطر عربي إسلامي، كان ولا يزال يشكِّل قوّة نوعية للأُمّة العربية الإسلامية. الوضع المزري الذي يعيشه العراقيون، والمستقبل المظلم الذي يعمل على تنفيذه أعداء العراق والعرب والمسلمين، دفع العرب والمسلمين الغيارى للعمل من أجل إنقاذ العراق والعراقيين، فيما تحاول القوى الدولية التي تورَّطت فيما يحصل في العراق، أن تجد مخرجاً لها بعد أن تأكد لها أنّ (العملية ليست مجرَّد نزهة) تنتهي بحصد مغانم استراتيجية واقتصادية. وهكذا تزامنت الجهود العربية والإسلامية والدولية الساعية لمعالجة الأوضاع في العراق، وإيجاد مخرج لكلِّ الأطراف، مع الحفاظ على العراقيين كشعبٍ موحَّد، وعلى العراق كوطن يعيش في رحابه الجميع واحداً موحَّداً، يسع الكل ويحمي كلَّ أبنائه. وما حصل في مكة المكرمة من لقاء للمرجعيات الإسلامية ليست البداية، إلاّ أنّها الخطوة العملية الجادّة الأولى التي ستتبعها خطوات أخرى في البلدان المحبة للعراق، والتي تستهدف تحقيق مكاسب سياسية أو إقليمية، وهو ما يعيه ويعرفه العراقيون تماماً.
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|