| |
مع مأساة المعلمات هل من حركة نقل ترضي حتى نصفهن؟!
|
|
عزيزتي الجزيرة.. تحية طيبة: في كل عام نفجع عبر وسائل الإعلام بخبر وفاة لمعلمة أو أكثر نتيجة الحوادث المرورية الأليمة التي كان آخرها ما نشر في جريدة (الجزيرة)، وذلك لبقاء هؤلاء المعلمات سنوات طويلة منسيات في هجر وقرى نائية بعيدات عن أسرهن؛ حيث لا يتم نقل العديد منهن إلا بعد تجاوزهن سنتين أو ثلاث سنوات وربما أكثر، هؤلاء اللواتي عانين طوال السنوات الماضية من الإرهاق والتعب كن يخرجن من منازلهن كل صباح وأزواجهن وأطفالهن بل والمدينة بأكملها غارقة في النوم، بل إنهن أحياناً يذهبن حتى قبل شروق الشمس ويرجعن إلى منازلهن بعد أن أسدل الليل ستاره على المكان في سيارات بعضها لا يرتقي إلى أن نطلق عليه حتى اسم (مركبة)، وفي طرق ترابية وعرة تصيب أكثر الناس صحة ولياقة بصداع وارتجاج وحساسية من الغبار المتطاير، للوصول إلى عملهن في قرى على جبال شاهقة أو في وديان خطرة معرضات حياتهن لمخاطر عديدة لا يعلمها إلا الله من أجل أداء رسالتهن في تعليم أربع أو ست طالبات فقط. نعم، هذا هو الحاصل في مدارس في أماكن بعيدة وهجر تبعد عن الإسفلت والمدن مئات الكيلومترات وعدد طالباتها لا يزيد على عشر طالبات هن أنفسهن في كل المراحل، وعلى رغم هذا تفتتح لهن مدارس ويلاحقهن التعليم في أي مكان. هؤلاء المعلمات صابرات محتسبات أمرهن إلى الله عز وجل وهن ينتظرن الأمل مع إشراقة شمس كل صباح ويتطلعن إلى الإجازات على أحرّ من الجمر لأخذ نفس عميق وراحة طويلة من رحلات يومية شاقة تحمل في طياتها لهن الكثير مما تخبّئه من أقدار، وعيونهن تترقب أكثر قدوم الإجازة الصيفية التي يعلمن أن فيها ستعلن حركة النقل الخارجي وكلهن تطلع إلى الفرج بعد الشدة والراحة بعد العناء. لكن لنجعل أنفسنا في مكانهن، بالله عليكَ كيف ستشعر عندما يمر العام والاثنان والثلاثة وأنت لا تزال تراوح مكانك ولا تزال تترقب ببصيص من الأمل العام الذي يليه؟! ألا تصاب بالإحباط بعد هذا الأمل، واليأس بعد طول رجاء؟! إن ما يحدث للمعلمات كل يوم من حوادث جماعية أليمة لشيء تتفطر له القلوب، وجميعنا سمع وقرأ وبعضنا شاهد ذلك؛ معلمة تذهب قبل وصول الباص الذي يقلها إلى غرفة أبنائها وتقبلهم بشكل غريب لتكون هذه آخر قبلة تطبعها على خدّ صغارها، وزوج يبقى هو وأطفاله ينتظر حتى وقت متأخر من الليل لقدوم الأم حتى تساعده على بكاء الأطفال ليجد نفسه بعد ذلك أنه سيصبح وللأبد المسؤول الوحيد عنهم، زوجة جديدة تم زفافها في الإجازة لتتوفى دون أن تكمل مع زوجها ثلاثة أشهر ودون أن تحقق حلمها في النقل، قصص مأساوية تستحق أن نضع لها نهاية سعيدة، وأن نلم شمل الأسرة مع بعضها في نهاية كل عام بحركة نقل ترضي الجميع أو حتى النصف منهم.
محمد بن راكد العنزي / طريف
|
|
|
| |
|