| |
هبوط قوي وغير مبرر للمؤشر في ظل غياب صنَّاع السوق مخاوف من قيام تحالفات إستراتيجية بين كبار المضاربين لمواجهة (القروبات) الكبيرة!!! د. حسن أمين الشقطي*
|
|
شهد سوق الأسهم هذا الأسبوع تراجعاً قوياً، وبخاصة خلال يوم السبت الماضي، حيث هبط المؤشر بنسبة 5.71% بدون مبررات معروفة، تلاه تذبذب ما بين اخضرار واحمرار بنسب طفيفة، ولكن بمحصلة للركود عند مستوى ما بين 10500 و10350 نقطة، والأمر المستغرب أن المؤشر انحدر مرة واحدة وفجأة كما لو كان يستهدف العودة إلى مستواه منذ أربعة شهور، ولا أحد يدري لماذا وكيف حدث هذا الهبوط القوي؟ فهل هي دورة لا يرغب المؤشر في التحرك خارجها، وينبغي عليه أن يستغل كل مناسبة للنزول والبقاء عند مستواه عند 10500 وأين صنَّاع السوق هل فعلاً السوق بهواميره وكبار مضاربيه هم من يفعلون ذلك؟ أم أنهم أصبحوا مثلهم مثل صغار المستثمرين يتحركون كردة فعل لتحركات المؤشر؟ وإذا كان انحدار المؤشر لجني أرباح، فهل جنت أسهم العوائد عوائد حتى تتراجع بهذا الشكل العنيف؟ وإذا كان انحدار المؤشر لتصحيح أوضاع أسهم معينة وإزالة فقاعات متكونة، فهل أصبحت هذه الأسهم من الأهمية بمكان لكي تؤثِّر في كامل السوق رغم ضعف مشاركتها في القيمة السوقية؟ خسارة المؤشر لحوالي 445 نقطة افتتح المؤشر عند مستوى 10989.99 نقطة، وهبط بدون مقدمات في اليوم الأول في تداولات الأسبوع بنسبة 5.71% ليغلق عند 10361.98 نقطة، تلاه ارتداد بنسبة 1.52% ليغلق عند 10519 نقطة، ثم تراجع مرة أخرى بنسبة 1.3% ليغلق عند 10382 نقطة، ثم يوم الثلاثاء ارتفع المؤشر بنسبة 0.54% حيث أغلق عند مستوى 10439 نقطة، وأخيراً يوم الأربعاء الماضي أغلق المؤشر على اخضرار بنسبة 1.02% كاسباً 106.58 نقطة، بالتحديد، بإغلاق المؤشر عند 10545.35 نقطة يكون قد خسر حوالي 444.64 نقطة أي ما يعادل 4.05% من قيمته، وهو تراجع قوي عاد به إلى مستواه منذ أكثر من ثلاثة شهور. انحدار أداء كافة القطاعات الرابحة والخاسرة: اتصف أداء كافة القطاعات هذا الأسبوع بالأداء السلبي على نحو سواء، ولكن مع تباين نسب التراجع من قطاع لآخر، فبينما شهدت قطاعات الزراعة والصناعة والتأمين والخدمات تراجعاً قوياً بنسبة بلغت حوالي 9.47% و8.42% و8.39% و7.82% على التوالي، فقد تراجعت قطاعات أخرى بنسب أقل مثل الاتصالات التي تراجعت بنسبة 0.71% والبنوك التي هبطت بنسبة 2.72%.(أنظر الجدول 1) أما من حيث السيولة المتداولة، فقد لوحظ تفوق قطاع الخدمات على كافة القطاعات الأخرى حتى على تلك القطاعات التي اعتاد السوق على مشاركتها بأعلى نسب للسيولة، وهو القطاع الصناعي، فقد بلغت مشاركة قطاع الخدمات هذا الأسبوع حوالي 34.1% في إجمالي السيولة الأسبوعية المتداولة، تلاه القطاع الصناعي بنسبة 32.9%، ثم القطاع الزراعي بنسبة 23.5%، ولعل مشاركة القطاع الزراعي هذا الأسبوع تثير الكثير من علامات الاستفهام. هل هذه الزيادة في السيولة المتداولة هي للتجميع أم هي سيولة تصريف؟ هل التراجع حدث لتنزيل المؤشر استغلالاً لموسم العيد؟ استكمالاً لمسلسل التراجع للسيولة المتداولة على مدى الشهر الماضي، تراجعت السيولة الأسبوعية هذا الأسبوع على نحو خطير، حيث انحدرت من 93.7 مليار ريال في الأسبوع الماضي إلى حوالي 61.3 مليار ريال هذا الأسبوع، وهو مستوى يعيد للذاكرة المستويات المنخفضة أثناء أزمة التصحيح في مارس الماضي، وهنا يُثار التساؤل حول أسباب هبوط هذه السيولة، بالطبع نتيجة الخوف والإرجاف، ولكن من خلق هذا الإرجاف؟ هل يوجد مبرر؟ حتى من يقولون إن نتائج الربع الثالث أقل منها في الربع الثاني هي السبب، هم يناقضون أنفسهم لأن السوق لم يتفاعل مع أرباح وخسائر الشركات بهذا الشكل، ثم إن استجابة السوق لخبر نتائج أرباح سابك عن الربع الثالث والتي بلغت 5.4 مليارات ريال بزيادة نسبتها 19% عن الربع الثاني لا تشير إلى احتمال أن تكون نتائج أعمال الشركات هي السبب، بل إن سعر سهم سابك قد تراجع إلى مستويات قاع جديدة هذا الأسبوع وفي ظل نتائجه الإيجابية. القطاع الزراعي أعلى تجميع وأعلى تصريف: لقد أصبح القطاع الزراعي في سوق الأسهم المحلي يشكل المعادلة الصعبة التي قد يصعب تفسيرها، وبخاصة من حيث التكالب من جانب معظم المستثمرين في السوق على أسهمه، فلا يكاد توجد دورة صعود في السوق لا تتضمن أسهم القطاع الزراعي، بل ربما تكون أسهم هذا القطاع هي الدورة في حد ذاتها، وخلال الثلاثة شهور الماضية، شهدت غالبية أسهم القطاع الزراعي صعوداً قوياً لدرجة أن بعض أسهمه تجاوز نسب صعودها الـ350% على مدى ثلاثة شهور. ثم منذ ثلاثة أسابيع من الآن بدأت تنحدر وتتراجع هذه الأسهم الصاعدة، إلا أن الأمر المستغرب أن القطاع الزراعي هذا الأسبوع ينطوي على أعلى الأسهم خسارة وهو سهم الأسماك بنسبة 20.9%، وأيضاً ينطوي على أعلى الأسهم ربحية وهو سهم جازان الزراعية بنسبة 8.78%. هل يسير المؤشر في الاتجاه الصحيح؟ وهل فعلاً متوقّع سيادة الاتجاه الاستثماري بعد العيد؟ حاول كثير من المحلّلين تفسير الهبوط القوي الحادث هذا الأسبوع بأنه تصحيح للأوضاع الحالية وبخاصة المرتبطة منها باتجاه السوق ككل، حيث الفترة الماضية كان التركيز على المضاربة في الأسهم الخاسرة، واعتبروا أن اقتراب أو على الأقل شائعة تقسيم السوق تعتبر بمثابة اقتراب للتصحيح الكامل لاتجاهه، وبأن الفترة المقبلة سواء بتقسيم السوق أو حتى بدون تقسيمه سيتخذ السوق الاتجاه الصحيح باتجاهه لأسهم العوائد الاستثمارية، ومن انتفاء التركيز على أسهم المضاربات الخاسرة مبررين وجهة نظرهم بأن انهيار أسهم الفقاعات خلال الثلاثة أسابيع الماضية أكبر دليل على انتهاء عصر المضاربات على الأسهم الخاسرة في السوق. إلا أن دلائل الواقع تشير إلى عكس ذلك، بداية السوق لا يمتلك دليلاً قوياً حتى الآن على تصحيح مساره، ولا يوجد به ما يشير إلى عصر ذهبي لأسهم العوائد الراكدة والتي تجمدت في قيعان صلبة ربما يحتاج تحركها لصناع غائبون عن السوق. إن مشكلة أسهم العوائد تتمثَّل في افتقاد السوق لصناعه الحقيقيين وسيطرة المرتزقة الذين لا يتعاملون مع السوق على أنه كما يعطيهم يجب أن يحافظوا عليه، حيث لا يتعاملون معه كالنحلة التي تسعى لامتصاص رحيق الأزهار ولكنهم يتعاملون كالنحلة التي تسعى لاقتطاف الأزهار نفسها. كل الخوف يتمثَّل الآن في غياب قواعد اللعبة لدى صنَّاع السوق، فهم غير ملتزمين بأية قواعد ولا يقبلون بأن يعتبرهم أحد صنّاع، بل السمة الرئيسية لصنّاع السوق اليوم أصبحت التخفي والتنصل عن دورهم التوازني. هل من الممكن في ظل كل ذلك أن يشهد السوق تحسناً في مساره؟ هل يمكن أن يقبل صنّاع السوق في ظل التعارض القائم والقوي حالياً في مصالحهم في أسهم العوائد على أسهم يعرفون أنهم غير قادرين على المنافسة فيها وغير قادرين حتى على تحريكها قيد أنملة لوجود كبار لهم مصالح أخرى فيها غير مصالح الربحية. =سوق ما بعد العيد.. سوق للمضاربة وليس للاستثمار؟ إن سوق ما بعد العيد هو سوق للمضاربات ولكن الأكثر شراسة، وكل الأسهم التي زالت فقاعاتها ستعود وبقوة للنشاط والمضاربات من جديد، وإن تم تقسيم السوق عاجلاً أم آجلاً فيتوقع سوق راكد للعوائد وآخر نشط ومتحرك ورابح للأسهم الخاسرة، ويتوقع أن يستمر ذلك حتى اكتمال إصلاحات السوق وكسر حلقات احتكار كبار المضاربين والقروبات التي تحيط بالأسهم والتي بدأت تتحرك حالياً في اتجاه السيطرة والاحتكار لشركاتها من خلال القوة التصويتية والقدرة في التأثير على قرارات الجمعيات العمومية وغيرها. أسهم العوائد... الأولى عند الهبوط والأخيرة عند الصعود؟ يوضح الجدول (2) معدلات تراجع أسهم العوائد الكبيرة، فإذا كان السوق تراجع بمعدل 4.05% خلال أسبوع، فإن أكبر شركة عوائد في السوق ورغم خبرها الإيجابي هذا الأسبوع وتحقيقها لأعلى نتائج في تاريخها تقريباً، إلا أنها هبطت بنسبة 6.11%، وهي نسبة تفوق نسبة هبوط السوق ككل، وذلك رغم ركودها الكبير عند قاع قيعانها، أي أن إغلاقها عند 126.75 لم يكن أحد يتصوره منذ ثمانية شهور من الآن. مما سبق يمكن استنتاج أن أسهم العوائد أصبح ملحوظاً عليها أنها تسبق المؤشر عند التراجع والهبوط وتتراجع بنسب تفوق تراجعه، في حين أنها عند الصعود تأتي في ذيل القائمة وتتحرك الهزيل المتذمر. محفزات السوق خلال فترة ما بعد العيد!!! رغم كل ما حدث في السوق خلال هذا الأسبوع، إلا أن دورة الصعود أصبحت مؤكدة في ظل محفزات عديدة للسوق، بداية انكساره إلى مستوى قاع قوي عند 10500 نقطة، وصدور نتائج أعمال بقية الشركات، ثالثاً سقوط معظم أسهم الشركات وبخاصة كثير من أسهم العوائد عند قيعان سحيقة، وبالتالي أصبحت جذابة وتمثِّل فرصاً مغرية للشراء. رابعاً: فإن فترة ما بعد العيد تمثّل العودة الحقيقية للسوق منذ إجازة الصيف، لأن فترة التداول خلال ما قبل رمضان وأثناء رمضان معتاد أنها تمثل فترة استثنائية. خامسا: أن فترة التداول الواحدة رغم توقع أن تسبب ارتباك للسوق خلال الأيام الأولى، إلا أنها ستحسن أداء السوق ككل قريبا. مخاوف من قيام تحالفات حقيقية بين كبار المضاربين لمجابهة المجموعات المتضخمة!!! إلا إنه مع ذلك يتوقع أن تصبح عمليات المضاربة في السوق أكثر شراسة، وأن يصبح حجم الاحتراف فيه أعلى عما ذي قبل، بل يتوقّع أن يتزايد عدد الصنّاع فيه تدريجياً بتوقع تكوين المزيد من المجموعات التي أصبحت اليوم الملجأ الرئيسي للمتداولين للتأثير في السوق وجني الأرباح. وفي ظل ذلك، فإن مخاوف كبيرة من جانب كافة المراقبين للسوق من سعي كبار المضاربين للتحالف فيما بينهم بتكوين قروبات تجابه المجموعات التي أصبحت تعكر صفو مضارباتهم على أسهم معينة، وبخاصة في ظل تضخم هذه المجموعات خلال الفترة الأخيرة ونجاحها في كسر حلقات الاحتكار لكبار المضاربين على أسهم معينة. إن الأمل معقود في زيادة كفاءة السوق المحلي من خلال عودة صناع السوق لرشدهم وتهذيب تداولاتهم والقضاء على الشائعات التي تؤرّق جبين السوق من آن لآخر، وهذا يتطلب الشفافية في كثير من معطيات السوق مثل حصص المؤسسين والملاّك الإستراتيجيين التي تتدخل في السوق وصفقات الكبار والقرارات الجديدة المتوقع صدورها، بالتحديد ينبغي عدم ترك المجال لأي تأويلات في السوق وترسيخ مبدأ: المعلومة للجميع في آن واحد.
(*) محلِّل اقتصادي ومالي
Hassan14369@hotmail.com |
|
|
| |
|