| |
نوافذ أميمة الخميس
|
|
المغفور له الملك عبد العزيز، كان يؤسس لمشروع الدولة عبر طموحاتٍ كبرى وتطلعات مستقبلية متجاوزة جميع الأنماط والعلائق الاقتصادية والاجتماعية البدائية التي كانت قائمة في السابق اختار المستقبل كهدفٍ، وكان يعلم أن هذه الدولة الفتية لن تتصل بالعالم وتصبح أحد الملامح المهمة في الخريطة الدولية، ودون أن تبت صلاتها بالنموذج البدائي الذي كان قائماً قبل ثورة توحيد الجزيرة، فعلى المستوى الاقتصادي كان هناك نموذج البدوي الذي يمضي حياته في مغامرات وغزوات السلب من قبيلة ليمنح ويهب ضيوفه، أيضاً على المستوى الاجتماعي كانت تلك التجمعات الصحراوية تنضوي تحت مظلة القبيلة، كنوعٍ من الحماية ضد القسوة ووحشة الصحراء آنذاك لغياب مشروع الدولة - المدينة بجميع مؤسساتها التشريعية القضائية والتنفيذية. خطوة المغفور له الأولى لمواجهة هذا النمط البدائي المتخلف في العلاقات بين (بنى) التجمعات السكانية تمت عبر تأسيس الهجر، وتوطين البدو وإدخال الحضارة رويداً رويداً إلى هذا المكان وسكانه وتجسير الصلات بينه وبين العالم من حوله. ولأن هذا المشروع يحتاج لأجيالٍ طويلة حتى يغادر السكان النموذج القديم للقبيلة وينخرط في المواطنة والولاء غير المنقوص للدولة، فإن وجود النفط والبحبوحة الاقتصادية أبطأ بشكلٍ وافر من مظاهر هذا التحول والتقدم، ان لم يكن كرس الكثير من مظاهره مثل النزعات القبلية، والمناطقية والمذهبية، وجميع ما نلمسه حولنا من العلاقات التي لاتستجيب لمشروع الدولة والمدنية. ولا بد أن تفرقع بين الفينة والأخرى حوادث اجتماعية تمثل مختبراً شديد الحساسية للنمط الاجتماعي السائد في المجتمع، فجاءت حادثة التفريق بين رجلٍ وزوجته لعدم كفاءة النسب التي تمت مؤخراً، مرآة مرعبة تبرز لنا حقيقة الواقع الذي يحيط بنا ويشملنا, ويبرز لنا الأرض الملغمة بقنابل التخلف والعلائق البائدة العاجزة عن الخطو باتجاه المدنية ونموذج الدولة الحديثة. وعادة تأخذ المجتمعات ولاسيما البسطاء والعامة فترات طويلة للتحول من صيغة اجتماعية إلى أخرى, وكما أسلفت في ظل غياب ضغوطات اقتصادية تسرع في هذا التغيير أو حتى تسعى إليه، المأساة هنا أن جميع علامات الاستفهام الآن تشير باتجاه الهيئة القضائية في الدولة؟؟!! هذه الظاهرة الاجتماعية التي برز الإفصاح عنها من جديد في وجوهنا بحجة عدم (تكافؤ النسب) تجعلنا نعيد رفع العديد من علامات الاستفهام حول الخطوات التي اتخذت نحو (تقنين الشريعة) وعن الجهود التي تأخذ بهذا الاتجاه؟ أيضاً عن دور المؤسسات الدينية والتربوية في صياغة وعي حضاري ضد كل ماهو بدائي من قبلية ومذهبية ومناطقية. أخيراً مدى شجاعة وسائل الإعلام في تسليط الأضواء على جميع حقول الألغام التي تعشش في منعطفات هذا المجتمع، والتي تعرقل مشروع الدولة الشاهقة المتجاوزة لقدرها البدائي باتجاه ينابيع الحضارة.
|
|
|
| |
|