| |
يارا قنوات العهر وصديقي الشيوعي عبد الله بن بخيت
|
|
في أحد مقاهي لندن في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي كنت أجتمع يومياً بطيف واسع من العرب المسيسين ابتداء من الإسلامي المتزمت إلى الشيوعي الملحد. لم يكن ذلك الزمن صديقاً للإسلاميين، وفي الوقت نفسه كانت الحركات العربية السياسية على وشك الخروج من التاريخ. اهتزت صورة البعث وانطفأت صورة الناصريين أما الشيوعيون فقد كانوا يراجعون أطروحاتهم بعد صدور كتاب (البرسترويكا) وحملات هجرة اليهود إلى فلسطين. ومن كان على أبسط تعاطف مع الإسلاميين كان يصرح بأن المستقبل للإسلام السياسي. كنا نعتقد أن تلك التنبؤات مجرد أماني. تندرج تحت باب التفكير الرغبوي. كان المتزمت الإسلامي يمتلك حججاً لا حصر لها تؤكد إفلاس الأحزاب السياسية العربية بما فيها الشيوعية ويؤكد دون تحفظ أن العالم سوف يكون دينياً. كان يراهن على الأخلاق. عندما يقود الإسلاميون العالم سوف ترتفع درجة المصداقية وسوف تختفي الانتهازية السياسية والعهر الفكري. كان يقول إن الداعية الإسلامي مستعد أن يموت من أجل مبادئه وهذا ما نفتقده في حركات العرب السياسية الانتهازية. كانت حجج البعثيين والناصريين والقوميين ضعيفة وملتوية. كان الحوار يسير بوتيرة متصاعدة بين الشيوعي المتعصب والإسلامي المتزمت. كانا في مرحلة التلاقي وجهاً لوجه في منتصف الطريق. الإسلامي في طريق صعوده والشيوعي في طريق أفوله. لماذا تنهزم الشيوعية أمام المد الرأسمالي رغم أن الدول الشيوعية وفي مقدمتها الاتحاد السوفيتي تمتلك كل أسباب العلم والتكنولوجيا لمنافسة الغرب في كل المجالات. يكفي أن الاتحاد السوفيتي فاق الولايات المتحدة في أخطر وأهم مجال، مجال الفضاء. كان الشيوعي يرد قائلاً إن الشيوعية لا تستطيع ولا يمكن أن تنافس الرأسمالية على مبادئها. لا يمكن أن تتبنى المبادئ الرأسمالية لكي تنتصر على الرأسمالية. مجرد أن تتبنى مبادئ عدوك أو وسائله لتهزمه تكون قد هزمتك نفسك أولاً. عندما شاهدت أحد الدعاة الإسلاميين بلحيته اللامعة المنمقة المصبوغة بأفضل أنواع الأصباغ الفرنسية يطل من إحدى القنوات الفضائية قفز إلى ذاكرتي ذلك الحوار الذي كان يدور بين الشيوعي والإسلامي حول التنازل عن المبادئ والأخلاق وما يعرف بالعهر الفكري.. فأنا وأنتم نعرف أن هذه القناة الفضائية التي خرج فيها هذا الداعية هي أكثر القنوات الفضائية عهراً بمقاييس نفس الداعية، فهي التي قدمت الراقصات العاريات وهي التي فرضت تحدي العرى على بقية القنوات الفضائية وهي التي قدمت المدرسة التي يعيش فيها الشباب والبنات في غرف مشتركة على مرأى ومشهد من الدنيا لعدة أشهر وهي التي تقدم سنوياً وحصرياً مسابقات ملكات الجمال العاريات الدولية بل قدمت في إحدى السنوات ما تخجل منه حتى القنوات الأوروبية: برنامج ملك جمال الرجال. في كل يوم أشاهد فيه هذا الداعية وأنا في أوج صومي أتلو ما تيسر من القرآن الكريم أسارع إلى إغلاق الكتاب الكريم تقديساً له عن هذا المنظر وأتأمل في هذا الداعية وأتذكر الحوار الساخن الذي كان يدور بين الإسلامي والشيوعي. كان الشيوعي يؤكد أن الشيوعي لا يمكن أن يتنازل عن مبادئه حتى لو أدى هذا إلى سقوطه وكان الإسلامي يرد عليه أن الداعية المسلم لا يمكن أن يتنازل عن مبادئه حتى لو مات بسببها. بعد تسع عشرة سنة على ذلك الحوار إذ بي أرى أن الشيوعيين قضوا ضحية لتمسكهم بمبادئهم بينما يأتي الداعية الإسلامي بلحيته المصبوغة اللامعة ليصبح نجماً من نجوم القناة التي وصفها هو وجميع الدعاة من أمثاله بأنها قناة العهر.. إخوتي.. ترى في أي من برامج هذه القناة يكون العهر الحقيقي.
فاكس: 4702164
yara4u2@hotmail.com |
|
|
| |
|