| |
دعوة للمِّ الشمل في الشهر الفضيل
|
|
من الرحاب الطاهرة في مكة المكرمة انطلقت دعوة خادم الحرمين الشريفين إلى الإخوة العراقيين للتهدئة ولمِّ الشمل، والعراقيون أحوج ما يكونون إلى حالة إيجابية تتحقق بجهد مخلص، فالعراق الذي يموج بمختلف أنواع المشكلات بما فيها المذابح اليومية يرنو حقيقة إلى الخلاص، والدعوة تجيء من بلد يستضيف الأسبوع المقبل مؤتمراً إسلامياً، تنظمه منظمة المؤتمر الإسلامي ويستهدف وقف نزيف الدم العراقي وذلك بناءً على وثيقة عكف على إعدادها نفر من أبناء العراق من الطائفتين السنية والشيعية خلال لقاء لهم في أم القرى.. وفي البلد الكريم وفي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك تكتسب مثل هذه الدعوة نوعاً من الخصوصية والأهمية، وذلك لقدسية الزمان والمكان، وحري بالذين يهمهم أمر العراق أن يلتفوا حول هذه الدعوة المخلصة وأن يدفعوا بها إلى الأمام نحو الغايات المرجوة، وذلك من خلال إنجاح المؤتمر الذي ينعقد الأسبوع المقبل.. ويهتم مؤتمر مكة المكرمة بجانب هام من المشكلة باستهداف وقف نزيف الدم، وإعادة اللُحمة إلى الصف الإسلامي بإزالة أسباب الفرقة والخلاف بين السنَّة والشيعة بحيث يشكِّل ذلك إضافة لا غنى عنها في إطار البحث عن التسوية السياسية.. لقد جاء لقاء خادم الحرمين الشريفين بعدد من الزعامات الدينية العراقية في إطار جهد مخلص من المملكة لتهيئة قدر من التوافق يمكِّن من تحديد الخطوط العريضة للانتقال بالعراق من مرحلة الخطر إلى بر الأمان، ومن ثم النظر في الآليات التي تعين على رسم مستقبل للعراقيين يجنِّبهم ضراوة الأوضاع الحالية بكل واقعها المرير ومستقبلها الغامض، فليس المخيف في العراق فقط هو ما يعيشه حالياً من أهوال.. لكن هناك من يرسم مستقبلاً كالحاً لعل أهم ملامحه هو ضياع الصورة الموحدة جغرافياً للعراق الحالي.. إن مؤامرات التقسيم تتربص بالعراق، حيث نجحت حتى الآن مخططات الفتنة الواحد تلو الآخر، وأصبح التباعد هو سمة مجتمع كان متآلفاً بطوائفه وأحزابه، ومن ثم فإن الذين يحاولون تقسيم العراق يرون أنهم قد مهَّدوا حتى الآن الظروف النفسية الملائمة للتقسيم الجغرافي والسياسي، وهم الآن يستعدون لإكمال المخطط.. ومن الواضح أن جهداً عراقياً مخلصاً هو وحده المؤهل لإنقاذ العراق من التقسيم، وأن كل القوى الحالية بما فيها قوات الاحتلال ليست بقادرة على التصدي لمهمة وطنية بهذا الحجم من الأهمية التي تستوجب استشعاراً كبيراً للمسؤولية وإحساساً عالياً بالوطنية، وهذا ما تفتقر إليه كل القوى الأجنبية التي يهمها، في المقام الأول تنفيذ أجندتها التي أتت بها من وراء البحار، والتي تتناقض في الأساس مع التطلعات العراقية وإن حاولت الظهور بمظهر القيم على الشأن العراقي..
|
|
|
| |
|