| |
أضواء تسلل الصهيونية إلى المسيحيين جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
حينما تختلط الأوهام والمعتقدات الدينية الخاطئة بالعمل السياسي، وتصاغ الأوهام في قوالب فكرية تترجم فيما بعد إلى ممارسات سياسية تطبع ذلك العمل بالتسلط والتقوقع ضمن دائرة الفكر الأحادي الذي لا يقبل النقاش ولا المشاركة. وتزداد الفجوة بين المنطق والواقع، والنهج الغيبي الاعتقاد إذا كان أصحاب هذا النهج الفكري السياسي يعتمدون في صياغة وبلورة أفكارهم على نصوص محرفة وكتب دينية وضعها رهبان مبتعدون كثيراً عن النصوص المنزلة، فالإنجيل، أصبح بعد الإضافة والحذف أكثر من واحد، والتوراة، يتداوله المعتنقون بما جاء فيه من توجيهات أكثر من نسخة، منها التوراة القديمة والتلمود وأخرى حديثة وثالثة مما جمعه الحاخامات. تداول هذه الكتب الدينية أوجد خلافات فكرية ودينية ومذهبية وفقهية بين أتباع معتنقي الديانتين اليهودية والمسيحية الذين يخوض أتباعهما نقاشات تتحول في كثير من الأحيان إلى اشتباكات دموية بسبب تلك الخلافات المذهبية التي يعود أكثرها إلى اختلافات النصوص التي منبعها اختلاف الكتب التي يقولون إنها كتب سماوية، في حين يقر هؤلاء أنفسهم بأن الذي كتبها أحبار ورهبانيون اعتمدوا على النصوص الأصلية وحذفوا وأضافوا ما يخدم توجهاتهم الفكرية ومعتقداتهم، وهذا سبب اختلاف الكتب الدينية، واختلاف الفرق المذهبية التي يذهب أنصارها إلى مذاهب شتى في معتقداتهم التي تجد من يقتنع بها ويتحزب لها، وهذه المعتقدات تظل نهجاً مذهبياً ضمن الدين الواحد يلتزم أنصار ذلك المذهب ويطبع ممارساتهم وطقوسهم الدينية، وهو أمر معتاد خاصة في المجتمعات المنفتحة دينياً كما هو حاصل الآن في الغرب منذ فصل الدين عن السياسة للحد من تسلط الكنيسة على الدولة. إلا أن هذا السلوك الغربي أخذ يسلك مسلكاً آخر منذ أخذ المفكرون اليهود في صياغة فكر سياسي نابع من المعتقد الديني، وهكذا ظهرت الصهيونية كنهج سياسي مستمد من الديانة اليهودية، وقد تمكن الساسة اليهود الذين رفعوا وتبنوا الفكر الصهيوني من إقامة صلات سياسية وحتى فكرية مع الكثير من ساسة الدول الغربية وخاصة الدول الكبرى المتنفذة، حيث أقنعوا البريطانيين بتبني التوجهات الصهيونية، وكذلك نجحوا في كسب الفرنسيين والألمان وأخيراً الأمريكيين لتصبح الصهيونية كفكر ونهج سياسي معترفاً بها ومقبولة وحتى محمية في الغرب. هذا في المجال السياسي، أما في المجال الديني فقد نجح الصهاينة في توظيف المعتقد الديني، إذ تمكنوا من إظهار فرقة مسيحية تتبنى الأفكار الصهيونية من خلال خلط عجيب بين الغيبيات التوراتية وبين الطموحات السياسية اليهودية والمسيحية، وهو ما تجسده فرقة المسيحيين الإنجيليين الذين يسميهم رجال الدين المسيحي أنفسهم بالمسيحيين الصهيونيين الذين - وبدعم من أنصار إسرائيل - أصبح لهم كيانهم المذهبي، وترعى شؤونهم كنائس خاصة بها، مما أغضب الكثير من الأساقفة المسيحيين والفاتيكان.. ولكن متى استطاع الفاتيكان والأساقفة إفشال خطط إسرائيل التي أسقطت في حبائلها ساسة الغرب المسيحيين؟
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|