| |
لما هو آتً اليوم.. د. خيرية إبراهيم السقاف
|
|
اليوم الجمعة قبل الأخيرة في رمضان، استيقظت على هاجس دعاء.. لا يزال الإنسان في تيه الحياة ورغبة في استزادة... لا يزال يطمع في راحة يوم إضافي.. أو متعة اقتناء آخر... لكن في الجانب الآخر من اللوحة الممتدة بين الأبصار أن الناس يتخبطون من الفاقة، ويتعطشون للأمان.. الفقراء الذين يشغفون لكسوة جديدة مهما زهد ثمنها ليسدلونها فوق أجساد أبنائهم... في يوم العيد... وتلك الحفنات القليلة من القروش التي يأملون لو فاضت بين يدي حاجاتهم ليخبئونها في كفوفهم صباح العيد.... تؤرقهم هذه الأحلام الصغيرة فيما لا تدع أكثرهم الحاجات الكبيرة لأن يحوموا حولها إذ هم مشغولون بإيجار الدار ولقمة الزاد وقيمة الدين ومفاجآت الدائنين وعوز الحاجة.... في رمضان يتطلعون للزكاة ومن الذي سيوصلهم للأيدي الممتدة بها أو للجيوب العامرة التي تفرغها فيه بين أيدي غيرهم؟.... استيقظت على صور النساء الراجيات في تذكرهن بشيء من عطاء، وللرجال المتوقعين من يطرق أبوابهم بحفنات من دراهم تلم ماء وجوههم من ورم الفاقة وخجل الإلحاح.... طوابير المحتاجين في مقابل مئات المرفهين الذين ينامون حتى آذان المغرب وتمتد الأيدي لهم بالتمر وكؤوس الماء المثلج..... أفقت على نحيبها وعلى طبقات الأسى في وجهه وعلى أمل الفرحة فوق جباه الصغار.... تذكرت صوتا نام الأمس في تلافيف أعصابي: لا تنسي أن تدلي أحدا علينا... والدين يلاحقه والأبناء يتضورون أمامه والدار فسحة من تراب..... اليوم الجمعة قبل الأخيرة في رمضان استيقظت على هاجس دعاء... لا يزال في حلقي بقية منه وفي صدري قواميس... وعلى لساني: اللهم ارحم من خلقت وابسط لهم رزقك فلا يتلحفون أحدا من العالمين... اللهم ارزقهم دينا قيما ويقينا صادقاً وإيمانا تاما.. اللهم ارزقهم عفوا ومعافاة وأدِم عليهم العافية ليعملوا على أرزاقهم، ولتكن عافيتك لهم شاملة كل سلامة فيهم وكل إحساس... عافِهم في الأسماع والأبصار وفي الأخلاق والطباع.. وأعنهم على الذكر والشكر وأدِم عليهم هذه العافية...ولا تجعل الدنيا أكبر همهم ولا غاية أمرهم وأغنهم فيها بحلالك عن حرامك وأعنهم لطاعتك عن معصيتك، اللهم وثبتنا على ذلك حتى نلقاك راضيا يا رحمن الدنيا والآخرة.... آمين........
|
|
|
| |
|