| |
هذرلوجيا تكنولوجيا (خراب)!! سليمان الفليح
|
|
حينما أقرّ المؤسِّس العظيم عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيَّب الله ثراه - الاستفادة من (تكنولوجيا) الاتصالات اللاسلكية - وخصوصاً (التلغراف) - باعتباره أحد عجائب (التكنولوجيا ذاك الزمان!!) ضجَّ بعض الغلاة والمتزمِّتين من استخدام هذه الأجهزة، باعتبارها من (عمل الكفار) لأنّها تنقل مخاطبات الجن والشياطين .. لذلك (ضغطوا) وتكالبوا على ضرورة تحريم استعمالها في البلاد، بينما كان بعض المستنيرين من مشايخ المسلمين في البلاد يرون فيها نفعاً للبلاد والعباد، أقول في ذلك الزمان يُحكى أنّ أحد أفواج الإخوان التي كانت ترابط في أقصى الشمال وكان على رأسها بعض الغلاة الذين كانوا يدعون إلى تحريم عمل التلغراف، قد تأخرت عنهم الرواتب والشرهات، فضجّوا بالمطالبة بالإسراع بإحضارها من الرياض حيث هنالك (مالية الدولة) أو ابن سليمان - رحمه الله -، فتبرّم بعض الإخوان من بطء عملية إرسال (المناديب) الذين يمتطون الهجن آنذاك والذين تتطلّب عملية ذهابهم وإيابهم على ظهور الإبل مدة طويلة قد تضاعف عملية الانتظار، ولأنّ الوقت كان جديباً والحلال ضعيفاً والجوع يستبد بالمنطقة التي يرابط فيها الإخوان مما يزيد من ضائقة الناس، فقد انتبه أحد الزعماء الحكماء الأذكياء إلى أنّ ثمة في المدينة القريبة من مكان مرابطتهم يوجد جهاز للإرسال أو التلغراف، ولذلك جمع بعض الغلاة الذين يرفضون التعامل مع هذا الجهاز وقال لهم: بدلاً من إرسال المناديب الذين سيضاعفون مدة الانتظار ما رأيكم أن نجرِّب هذا الجهاز ونخبر (عبد العزيز) بالأمر لعلّه يوجِّه إلى أحد تجار المدينة لقضاء حاجتنا، وليتفاهم فيما بعد هذا التاجر مع المالية في الرياض؟ وبالفعل اقتنعوا وجاءهم الرد سريعاً من عبد العزيز فتأكدوا أنّ في هذا الجهاز خدمة للمسلمين. *** واليوم ونحن نستخدم هذه الخدمة التكنولوجية في كلِّ مناحي حياتنا لا بدّ أن نتذكّر مواقف وحكمة الملك المؤسِّس في فتح هذا المجال بالتدريج ليعم خير هذه الخدمات السريعة العباد والبلاد. فنحن لو فكرنا مثلاً بالهاتف النقال الذي يصلنا بأنحاء العالم بضغطة زر واحدة وكذلك الإنترنت وخدمة الصرف الآلي لحمدنا الله كثيراً على ما وصلنا إليه، إذ بمقدور الواحد منا أن يحصل على النقود فوراً من أي مكان في العالم حتى لو كان في الربع الخالي أو في مهامه الصمان، إذ كل ما في الأمر أن يتوجَّه إلى آلة الصرف في أيّة قرية أو بلدة على أطراف هذه المجاهل بل حتى في أعماقها ليحصل على نقوده في الحال ولا داعي لأن ينتظر كما انتظر أجداده أصحاب الفوج الذين تردَّدوا في التعامل مع التلغراف. *** وبمناسبة الحديث عن آلة الصرف الآلي - هذه الخدمة الرائعة - فإنّه يؤسفنا اليوم وفي قمة رقي الخدمات أنّ بعض هذه الآلات لا تقوم بواجبها المصرفي كما يجب، إذ إنّها أولاً كثيرة العطل، ثم إنّها ثانياً تخطئ في العمليات فتقدم إيصالاً بالصرف مع أنّها لم تصرف شيئاً، كما أنّها أصبحت اليوم (تورط) المستخدم المشمول بخدمات الشبكة السعودية للصرف الآلي والتي تمكنه من السحب من أيّة آلة تعود إلى أي بنك مشترك في خدمات تلك الشبكة، ونقول (تورط) صاحب الحاجة الملحة لسحب راتبه الضئيل، إذ إنّ هذه الآلات أحياناً تسجل عملية السحب دون أن تقدم له المبلغ المطلوب، وهنا يصبح المواطن في (حيص بيص) إذ لا يدري أين يتوجّه، فهل يذهب إلى فرع البنك الذي يوجد فيه حسابه، أم البنك الذي تعود له الآلة التي تم منها السحب، أم يتوجَّه إلى مؤسسة النقد .. وفي هذه الحالة التي قد تمتد إلى شهر أو أكثر يكون هذا الموظف قد عانى الأمرّين قبل أن يسدّ أفواه أطفاله المحتاجين إلى لقمة العيش، أولئك الأطفال الذين لا يعذرون الأب ولا الآلة المصرفية أيضاً. وهنا يكمن السؤال المهم والذي يقول: ما دام أنّ كلّ البنوك المشتركة بخدمة الشبكة المصرفية السعودية تخدم بعضها البعض بل وتأخذ رسوماً من بعضها لقاء خدمات السحب من آلات البعض الآخر، فلماذا لا تقوم البنوك التي تعود لها الآلات المخطئة بإصلاح الخطأ الذي ترتكبه بحق المواطن المستخدم وبطريقة سريعة لا تحتاج إلى مكاتبات ومطالبات تفقد المواطن الثقة بهذه الخدمة التكنولوجية المميّزة وبالشبكة السعودية المصرفية وبخدمات هذه البنوك أيضاً التي آمل أن لا تقودنا إلى سؤال آخر هو: ماذا لو كان العميل في الخارج فهل تنقطع به السبل؟
|
|
|
| |
|