وماذا بعد البكاء، والنحيب؟
وماذا بعد الحنق والغضب؟
وماذا بعد التأسي، واسترجاع صفحات الذاكرة لاستعراض الاتجاهات الأربعة فوق خارطة الأرض والعربي يترجَّل عن صهواته,,,، في معزلٍ عن سلاحه,,,، وماذا بعد انكسار قلب رئيس أمريكا؟,,.
وماذا بعد الحرق والتشتت والنهب والقتل والنار والدمار والدموع والأنين والفقد والضياع والمرض والفقر؟,,.
ماذا وفضائية فلسطين تصرخ فيها الأصوات الثلاثة: فين,,, فين,,, فين؟! الدم العربي فين، الشرف العربي فين،,,, نادينا الجيوش، أصواتنا ما سمعوش,,, فين,,, فين,,, فين؟! .
وماذا بعد الصراع الشوارعي المعلن، وثنتا عشرة سنة، في اثني عشر شهراً، في ثلاثين يوماً لانتفاضة فلسطين، والشهداء يتساقطون، والأفواه مكممة، والفضائيات العربية تقدم الأخبار ثم تلحقها بمسلسلات الحكايا الهزلية، والوجدانية، وببرامج المنوعات، وبدواليب الأغنيات الراقصة، ومذيعاتها لا يزلن يتدلعن في أصرخ لوحات ملونة ماجنة مقززة للذوق وللحس وللقيم,,.
ماذا بعد الطاولات المشرعة للقاءات الفردية، والجماعية، بين الدول الكبرى وعنصري الرحى اليهودي المتمرد ، والفلسطيني المغلوب على أمره ؟,,.
ألا يستحق الأمر استرجاع صورة كلِّ جسد مزقه اليهود أمام الكاميرات وفي عدم رصدها؟,,, علناً أمام السماء والأرض ومن فيهما؟,,, على مرأى من عين الله تعالى التي لا تغفل ولا تنام؟,,, ألا يذكرنا محمد الدرة بكل محمد، وسليم وسلمى وسناء، وجمال، وجميلة، وكل امرأة ورجل، وشاب وشابة وطفل وطفلة ورضيع ورضيعة، فُقئت العيون، وبُقرت البطون، وبُترت الأطراف، وهُتكت الصدور، وكُسرت العظام، ومُزقت الجلود، وهُدمت البيوت، وأُحرقت الممتلكات,,, وماذا بعد؟,,.
ألا يستحق الأمر استبدال برامج الفضائيات العربية إلى ندوات، ولقاءات وحوارات تضع الخطط، وتكوّن الأفكار، وتُرشد إلى كيفية معالجة جذرية جماعية للأمر؟ لا يقف فيها جانب عربي دون الآخر، ولا يرضى فيها بحلول مبتورة؟
ماذا لو تتكتَّل القوى العربية كلها معاً بكل وسائلها، وقدراتها، وإمكاناتها لوضع حل جمعي يُفرض على القوى العالمية الشخصية العربية التي تاهت ولم يجدها أبناؤها بعد في صحراء الحياة,,.
ماذا بعد هذا الخزي وأموال الأغنياء من أبناء العرب والفلسطينيين أنفسهم لا تُسخر بقوة في مواجهة الأعداء لمجابهة هذا الزحف الغادر داخل الشوارع في فلسطين لانتهاك الحرمات الانسانية بشكل صارخ؟,,.
وهل فعلاً كُسر قلب كلينتون؟!,,.
وهل فعلاً اهتز ضمير العالم؟!
وهل محمد الدرة وحده من درَّت له القلوب، وسُكبت له الدموع؟
محمد الدرة مات في مرأى من الأعين لذلك كُسرت القلوب وسُكبت الدموع في لحظات المشاهدة وعند استرجاع الصورة والموقف,,.
ووحشية اللقاء بين رصاصات الغدر وهي تلاحقه وأبيه حتى أردته قتيلاً إنما هي الصورة الفعلية لنازية اليهودي في غياب الضمير العالمي والقدرة الوطنية,,.
لكن وحشية اللقاء بين هذه الرصاصات وهي تلاحق كل فلسطيني مناهض أمامها هي ذاتها التي تحدث في كل لحظة وعلى وجه الخصوص في المواجهة القائمة التي تتطلب فعلاً قوياً يستوجب تجاوز الحلول التي سبقت,,, إلى موقف جاد لا يقبل المساومة,,.
وضعوا قلب كلينتون الكسير في زجاجة باردة وألقوه في البحر,,.
ذلك لأن الذي سيجده ويخرجه من أعماقه لن يكون إلا يهودياً يموت ربما بلكزة عصاه على أحد أرصفة شارع مهجور في أي حي من أحياء النتن فوق الأرض,,.
أما الفلسطيني الطفل، والرضيع، والرجل العجوز، والمرأة الحامل، والشاب الطامح، والفتاة الناشئة فلن يكون لهذا القلب من أجلهم وهم يتجندلون بالرصاص أمام الأعين إلا تطييب خاطر بكلمة مواساة خالية من الروح,,.
فمتى يكون الحل؟ وكيف؟
إنها معجزة الله في الأرض تُرسل عليهم العقاب الذي يستحقونه على أيدي مَن يدركون ضرورة أن يكون للعرب المسلمين موقف لا يتخاذل، وقرارات تتحدى رشق السهام ووابل الرصاص ومهابة القوى البشرية على الأرض مهما كانت الأثمان.
|