أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 6th October,2000العدد:10235الطبعةالاولـيالجمعة 9 ,رجب 1421

أفاق اسلامية

الجزيرة تتساءل
دعوة الإسلام الصحيحة كيف نوصلها لغير المسلمين؟!
يجب الدعوة إلى توحيد الله وإبراز محاسن الإسلام قبل الخوض في الحدود والعقوبات
* كتب المحرر
من أصول الدعوة وقواعدها المتينة الدعوة الى الإسلام بالحكمة واللين قال تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن .
والمنهاج النبوي في الدعوة يقتضي الرحمة واللين واللطف قال تعالى: ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على الشدة .
ومن واقع الدعوة المعاصرة نجد بعض الدعاة يسارعون فيقدمون الإسلام الى غير المسلمين من حيث الحدود والعقوبات، فتكون النتيجة تخوف هؤلاء من الدخول في الإسلام حتى لا تطبق عليهم هذه العقوبات.
الجزيرة ناقشت ذلك مع عدد من المهتمين بأمور الدعوة,, وكانت تلك الحصيلة:
الحدود جاءت بعد اكتمال البنيان!
في البداية تحدث فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالله الزايد الاستاذ بكلية الدعوة بالمدينة المنورة قائلاً: لا شك ان الواجب على الداعية ان يبدأ بما بدأ به سيد الدعاة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد مكث في مكة أكثر من عقد من السنين في مكة يدعو الى توحيد الله وتجريد العبادة له تبارك وتعالى، ولم يأت في يوم من الأيام على ذكر إقامة الحدود والعقوبات التي جاء فرضها متأخراً بعد الهجرة إلى المدينة، وقد كان يبعث الى زعماء العالم رسلة يحملون رسائل تدعوهم وشعوبهم الى الإسلام، ولا يذكر فيها أمراً غير الدعوة الى التوحيد إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ، وهي كلمة التوحيد أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإذا صح للإنسان توحيده وعبادته خرج من دائرة الكفر إلى سعة الإسلام، والحدود والعقوبات إنما جاءت بعد اكتمال بناء الدولة في المدينة النبوية، ولإقامة الحدود ضوابط شديدة تكفل بتبيانها القرآن الكريم والسنة المطهرة، وما ذكر من اجتهادات علماء الأمة استنباطاً من هذين الوحيين أعني الكتاب والسنة.
الدعوة بالحكمة واللين
ويؤكد فضيلة الشيخ د, إبراهيم بن صالح الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض ان هذا خطأ كبير أن نقول لهم كونوا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله جل وعلا له: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وهذه البصيرة هي التي قالها الله جل وعلا في آية أخرى ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ولعلنا نلحظ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ماذا كان كلام النبي صلى الله عليه وسلم ؟ كان كلاماً لبقاً يليق بمقام من يخاطبه من جهة وله أثر عظيم في الدعوة ولهذا قال بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى هرقل عظيم الروم السلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعوة الإسلام اسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإنما عليك إثم الأليسيين قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ، لما وصل هذا الكتاب الى هرقل أثر فيه تأثيراً عجيباً حتى أنه جمع بطارقته في دسكرة لهم واطلع عليهم من فوق السطح وقال: هل لكم في الفلاح والرشد وان ثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي فحاصوا الى الابواب حيصة حمر الوحش فلما رأى نفرتهم وأيس من الإيمان بالله عز وجل نكص على عقبيه وقال: إني قلت مقالتي اختبر بها شدتكم على دينكم فرضوا عنه وسجدوا له لأن الله لم يرد له الهداية لكن الدعوة الى الله عز وجل بالحكمة تكون بالرفق واللين وانظر الى التشريع الإسلامي كيف تدرج في قضية تحريم الخمر أولاً قال: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ثم بين ان الخمر مغاير للرزق الحسن تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً فالسكر مغاير للرزق الحسن بصفاته ثم بين بعد ذلك أن الخمر والميسر من أساليب الشيطان حتى ان الصحابة دعوا الله ان يبين لهم حكمها القاطع فبينه جل وعلا لما تهيأت نفوسهم وهكذا في الربا وغير ذلك من الأمور فإن الشريعة الإسلامية تدرجت وهكذا يأخذ الداعية الى الله عز وجل المسلم أو الكافر الذي يريده أن يسلم فيتدرج به، ألم تر ان الإسلام جعل لهم حظاً في الزكاة إذا كانت قلوبهم مؤلفة لنؤلفها ونقربهم الى الإسلام فقد قال رجل ياقوم اسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر فأسلم قومه لذلك وجعلهم من أصناف الزكاة المؤلفة قلوبهم الذين نريد أن نتوددهم فيدخلوا في الإسلام ولذلك ينبغي على الدعاة الى الله عز وجل التدرج والأخذ بالحكمة والرفق بالناس وان يكون هدفهم إصلاح الناس وهدايتهم وألا ينتظر نتيجة لدعوته فقد يدعو الإنسان سنين طويلة ولا يكون لدعوته إلا نتيجة ضعيفة كما حصل في قوم نوح دعا نوح ألف سنة إلا خمسين عاماً تسعمائة وخمسين سنة هي عمر الدعوة ومع ذلك لم يسلم معه إلا قليل من ركاب السفينة.
أصول مهمة للداعية
أما فضيلة الشيخ الداعية سليمان بن عبدالله الطريم فقال ان العرض الصحيح للإسلام يتوخى أصولاً مهمة يعنى بها الداعية عند دعوة غير المسلمين ومنها:
أولاً: مراعاة الأوليات الشرعية، وتقديم العقيدة على غيرها كمدخل أساسي للدخول في الدين كحال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا,, الحديث.
والداعية الواعي يغتنم المداخل الأخرى، لبيان الإسلام عند رغبة المدعو في الحديث عن قضايا تمس حياة المدعو، ويستشعر عظمة الإسلام فيها، وعدالته في أحكامها، وجمال منهجها فيها، كالحديث عن الجوانب الاجتماعية أو بعضها، أو الجوانب الاقتصادية، أو الحقوق والواجبات أو غيرها مع بيان العقيدة بالاسلوب.
ثانياً: من الأصول المهمة في دعوة المسلمين بيان الشريعة المقترن بإيضاح الحكم العظيمة، والمصالح الجليلة، والأسرار والعلل الشرعية النافعة للفرد والمجتمع في الدنيا والآخرة.
ومخاطبة غير المسلم بخطاب العقل والنظر والتفكر، والدعوة إلى المقارنة والتأمل في آيات الله الكونية، وآياته الشرعية، واستماع كلام الله تعالى وتدبر معانيه والترجمة لغير المسلم الناطق بالأعجمية.
ثالثاً: تقديم الشريعة بعرض محاسن الإسلام، وجمال الدين، ولطائف الشريعة، والبعد عن عرض الإسلام المباشر من طريق ومدخل الحدود والجزاء والزواجر والعقاب فيصرفوا عند ذلك قلوب المدعوين عن الحق، وينفروا عن الشرع بالطريقة والأسلوب غير الشرعي.
رابعاً: إشعار المدعو بالرحمة والتفقه والدعاء، ومصداقاً لذلك قصة الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد الإسلام، ويشترط الزنا، فعامله نبي الرحمة بالرحمة، وخاطبه بالعقل، وأعانه بالدعاء وقال له صلى الله عليه وآله وسلم : أتحبه لأمك، أتحبه لأختك,, الحديث، وكان هذا الأسلوب مصدر قناعته وحبه للإسلام، ولم يسلك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم معه المسلك الدعوي في بيان الحدود والزواجر والعقاب.
خامساً: الدعاة معنيون بالتركيز على المقصد الأهم، المعنى الأوجب وهو الهداية الكلية للدخول في الإسلام، والثبات عليه، ودعوته إلى الاعتقاد بالعقيدة الصحيحة والاهتداء بنور الإيمان وهو أول المقاصد وأعظمها.
ويضيف الشيخ الطريم أنه تأتي مكملات الدين ومتمماته حسب القدرة العلمية والبدنية، والقوة الإيمانية، وتزكية النفوس، والواجبات والمحرمات في الدين مراتبها متفاوتة، ويجب على الدعاة معرفة ذلك التفاوت بين مراتب الواجبات، ومراتب المحرمات أو الدعوة إلى الإلزام بالمندوبات، وترك المكروهات فيصرفوا عند ذلك قلوب المدعوين، ويوهنوا عزائم الراغبين، بأسلوب غير شرعي، أو مدخل غير مناسب.
والداعية ينبغي أن يكون واعياً لنفسيه المدعو، وقوة إقباله على الدين، وقناعته بالشريعة، ومراعاة ضعف النفوس، وقصور الداعي، وقوة الصارف، فيتلطف مع المدعو، ويفتح له باب الأمل والتفاؤل والتوبة مع الحث على الطاعة والحذر من المعصية، والتوبة والندم عند الوقوع فيها.
والإسلام منهج متكامل شامل لا يقبل الإيمان ببعض والكفر ببعض بل يجب الإيمان بكل ما جاء عن الإسلام جملة، ومنها الحدود والعقوبات ولكنها ليست المدخل المناسب، ولا الأسلوب الملائم لعرض الإسلام، والدعوة إلى الدين.

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved