أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 6th October,2000العدد:10235الطبعةالاولـيالجمعة 9 ,رجب 1421

أفاق اسلامية

رياض الفكر
ديوان المظالم,, المظلوم!
سلمان بن محمد العُمري
يعتبر الظلم من أعظم الذنوب وأخطرها على الإنسان والفرد ، وعلى المجتمع والأمة والبلاد ككل، سواء كان ظلماً من الإنسان لنفسه، أو ظلماً منه لمن حوله من بني جنسه أو غيرهم من سائر الكائنات، ونؤكد على سائر الكائنات، وعظم الله أمر الظلم، ونهى عنه، وحذر منه أشد التحذير، وجاء ذلك في القرآن الكريم والحديث الشريف، يقول تعالى:والله لا يحب الظالمين ، وهل أكبر وأخطر من ذلك، فإذا كان الله تعالى لا يحب الظالم، فمن ذا الذي ينفعه بعد زوال محبة الله عنه، ويقول الله تعالى في سورة الأنعام وسورة يوسفإنه لا يفلح الظالمون ، وهنا القضية كبيرة، وبمنتهى الجدية والخطورة، فالظالم لن ينال الفلاح، وبالتالي وقع عليه شر عمله وحرمه من السعادة كلها، واقترب من النار والعياذ بالله والنار مثوى للظالمين ومن ركن إليهم، يقول تعالى:ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار حتى الشفاعة مرفوضة بحقهم، وذلك لعظيم ذنبهم وكبير إثمهم يقول تعالى:ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون كما يقول جل من قائل:إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ومن ثم يأتي الإنذار والوعيد بالثبور لأولئك الظالمين:ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ، هذا هو موقف الإسلام من الظلم والظالمين، وهل في أنظمة حقوق الإنسان التي وضعها البشر كلها مايشبه، أو يقارب هذه الأحكام الصريحة القاطعة والجازمة، والأمر ليس فورة عابرة، أو كلمة تقال أو استذكاراً، وإنما هي مبادئ وأحكام إسلامية شرعها رب العباد، خالدة بمرور الزمان والمكان، وملزمة لكل المسلمين الذين هداهم الله تعالى لدينه الحنيف، نعم إن الله تعالى يعرف ما يناسب البشر، ووضع لهم المنهج الذي لا يضل من اعتصم به.
لقد كان هناك مؤسسات وهيئات في المجتمعات الإسلامية قامت لتحقق ما أراده الله تعالى لتتحقق سعادة الإنسان، وتزيل الحيف والظلم عنه، ويظهر الوجه الأبيض للحياة ويبعد الوجه الأسود القاتم وبذلك يصل الإنسان لسعادة الدارين بإذن الله.
إن الله تعالى يعرف أن الظلم لا محالة واقع بين البشر، ولذلك شرع الحلول، ووضع المبادئ والأسس لإبعاد الظلم ما أمكن، ولإزالته إن وقع، فالفصل في المظالم لم يكن غريباً على الإسلام على الإطلاق ولا دخيلاً عليه، بل هو مولود معه ومترعرع في أحضانه، وأول من فصل في المظالم في الإسلام هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخذ الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم بهذه السنة المباركة وعملوا بها، وذلك الأمر بالنسبة للدول الإسلامية التالية.
وفي عصرنا الحاضر تمثل المملكة العربية السعودية نموذج المجتمع الإسلامي الذي يحتضن الإسلام، ويعمل بقوانين الإسلام، ودستوره القرآن الكريم، وعمله هو مايرضي الله عز وجل ولا طمع لنا بهذه البلاد إلا بمرضاة الله تعالى، والوصول لثوابه وجنانه، ولذلك كان التطبيق الأمثل للشريعة السمحة في بلادنا وعندما يظهر الاعوجاج يتم تقويمه والحمد لله بحيث يبقى النقاء والصفاء والأمن والأمان السمة البارزة والطاغية على هذا المجتمع بما يمثله من قدوة للبلاد الإسلامية وللأمة الإسلامية ككل.
لقد اهتمت المملكة منذ بدايتها الأولى ومنذ أيام الملك الموحد والمؤسس المغفور له عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بقضية الظلم والفصل في المظالم، ومن ثم نشأ ديوان المظالم، وهو يمثل صورة ناصعة البياض، وحقيقة شديدة الإشراق لصيانة حقوق الإنسان في ظل الإسلام، وإننا لندعو كل المهتمين بحقوق الإنسان، وكل الذين يجرحون ببلادنا ونظامنا من غير وجه حق أن يأتوا ويروا بأم عينهم ذلك الديوان وماهيته ليشهدوا بأننا قد سبقناهم بأزمنة مديدة وعقود عديدة، وان الإنسان مكرم مصان الحقوق لدينا، ومكفول له حقه بنصوص الشريعة وتطبيقات الأنظمة.
يقع مقر ديوان المظالم في الرياض العاصمة، وله ثلاثة فروع في جدة والدمام وأبها، ويعمل به 170 من العلماء والقضاة الذين توافرت فيهم الشروط التي سمحت لهم لأن يتبوءوا هذا المكان الخطير والحساس والدقيق بأعماله، وبإمكان أي إنسان أن يراجع ذلك الديوان ليحصل على حقه من أي هيئة كانت، سواء كانت وزارة أو مؤسسة، أو أي هيئة أخرى إن كان له حق عندها، والديوان يعتبر من المؤسسات الهامة في المملكة العربية السعودية، وهو جهة قضائية إلى جانب المحاكم ومستقل بنظامه وعمله، وقد شهد العديد من الأجانب بروعة عمل هذا الديوان وبقدرته على النهوض بالمهام والأعباء القضائية، وأبدوا إعجابهم بحياد قضاء المملكة العربية السعودية، وحريته، والحكم بالحق لمن حوله بغض النظر عن هويته وجنسه.
نعم لدينا هذا الصرح القضائي الشامخ والعملاق والذي يمثل صورة إيجابية يجب ألا ننساها، ولكن وللأسف هذا الديوان بحد ذاته مظلوم، فكثير منا لا يعرفه، فكيف بغيرنا أن يعرفه، وكثير منا لا يعرف مهامه وأعماله، وكثير منا لا يعرف، أن يتحدث عنه، إلى ما هنالك من نواقص معرفية تعترينا بحق هذا الجهاز الكبيروالرائع.
إن للإعلام بأنواعه ووسائله المختلفة المقروء والمسموع والمرئي وحتى شبكات المعلومات الإنترنت دوراً كبيراً في إبراز وإظهار هذه الصورة الحضارية من التطبيقات الإسلامية الصحيحة، وتعريف الناس بها القريب والبعيد على السواء، وفي هذا نصرة للحق ، وإعلاء لراية التوحيد، وإسهام بإظهار الصورة الحقيقية لنا ولديننا ولأمتنا أمام كل العالم.
إن رسالة الديوان كبيرة، والعمل المطلوب منه أيضاً كبير خصوصاً في هذا الوقت، وكلنا يتطلع بأمل وتفاؤل لما سيقوم به معالي الشيخ منصور بن حمد المالك، رئيس الديوان بالإنابة، وهو المعروف بهمته العالية ونشاطه الذي لا يكل وعلمه الغزير، وخبرته الواسعة، وندعو الله أن يأخذ بيده نحو كل خير، وإنها لمناسبة أن ندعو ديوان المظالم نفسه، لكي يقيم ندوة أو مؤتمراً للتعريف بمضمونه وواقعه وعمله، ولعل ذلك يكون مناسباً لإزالة النسيان الذي كاد يلف الديوان بعباءته.
والله من وراء القصد.
alomari 1420 @ yahoo.com

أعلـىالصفحةرجوع















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved